facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




هل تعمم تجربة المنتخب على قطاعات أخرى؟


جهاد المنسي
22-12-2025 12:16 AM

لم يكن الالتفاف الشعبي الواسع حول المنتخب الوطني لكرة القدم حدثًا عابرًا أو حالة عاطفية مؤقتة، بل شكّل ظاهرة وطنية لافتة، عكست حاجة الأردنيين إلى نموذج ناجح يجتمعون عليه بثقة واعتزاز، فقد توحّد الشارع على اختلاف توجهاته ومناطقه وانتماءاته، خلف المنتخب، لأن ما رآه لم يكن مجرد نتائج رياضية، بل تجربة قائمة على أسس واضحة، عنوانها حسن الاختيار والعمل المهني بعيدًا عن النادوية والمحاصصة والاعتبارات الضيقة.

لسنوات طويلة سابقة، عانى المنتخب الوطني من تذبذب الأداء وتراجع النتائج، رغم توفر المواهب والإمكانات، ولم يكن السبب نقصًا في القدرات، بقدر ما كان خللًا في آليات الاختيار والإدارة، حيث طغت في مراحل سابقة ذهنيات النادوية والمحسوبية، وأثّرت في القرارات الفنية والإدارية، ما انعكس سلبًا على الاستقرار وبناء الفريق، وتلك المرحلة تركت أثرًا عميقًا في الوعي الرياضي والجماهيري، ورسّخت قناعة بأن غياب العدالة والكفاءة يقود حتمًا إلى الفشل.

بيد أن نقطة التحول الحقيقية بدأت عندما تم اتخاذ قرار شجاع بالقطيعة مع تلك الذهنيات، والتوجه نحو التعاقد مع مدرب محترف يمتلك رؤية فنية مستقلة، ويعمل وفق معايير واضحة تقوم على الأداء والانضباط والكفاءة، لا على الأسماء أو الانتماءات، وهذا القرار لم يكن تقنيًا فحسب، بل كان قرارًا ثقافيًا أعاد تعريف مفهوم النجاح، ووضع مصلحة المنتخب فوق أي اعتبار آخر.

فورا، ومع هذا التحول، بدأ الانسجام يظهر داخل الفريق، وتكرّست روح الجماعة، وتراجع منطق الفردية، ليحل محله الإيمان بالمشروع والالتزام بالخطة، فلم يعد اللاعب يُختار لأنه ينتمي إلى ناد معين، بل لأنه الأقدر على العطاء في موقعه، فكانت النتيجة أداءً مختلفًا، وثقة متبادلة بين الجهاز الفني واللاعبين، وانعكاسًا إيجابيًا على النتائج، والأهم على صورة المنتخب في وجدان الأردنيين، وتأهل لنهائيات كأس العالم والوصول إلى المباراة النهائية في أمم آسيا وكأس العرب.

هذا النجاح لم يوحّد الجماهير فقط، بل أعاد طرح سؤال وطني أعمق: إذا كانت الكفاءة وحسن الاختيار قادرتين على إحداث هذا التحول في كرة القدم، فلماذا لا نعمّم هذه التجربة على قطاعات أكثر حساسية وتأثيرًا في حياة المواطن، مثل التعليم والتوظيف؟.

ففي قطاعات خدمية مختلفة يعاني المواطن أحيانًا من فجوة بين الإمكانات المتاحة وجودة الخدمة المقدمة، وهي فجوة لا تُردّ دائمًا إلى نقص الموارد، بل إلى سوء الإدارة أو غياب المعايير الواضحة في اختيار القيادات، وفي التعليم، تتكرر الشكوى من تراجع المخرجات، رغم وجود كفاءات أكاديمية متميزة، ما يفتح الباب أمام التساؤل حول آليات التعيين واتخاذ القرار، أما في التوظيف، فلا يزال الشباب الأردني يواجه هاجس العدالة وتكافؤ الفرص، في ظل انطباع عام بأن المحاصصة والعلاقات الشخصية تتقدم أحيانًا على الكفاءة والاستحقاق.

الحقيقة الثابتة إن تجربة المنتخب الوطني تثبت أن الإصلاح الحقيقي لا يبدأ بالشعارات، بل بالقرارات الصعبة، وبالقدرة على كسر أنماط التفكير التقليدية، فحين تُعطى الثقة لأصحاب الخبرة، ويُحاسَب الجميع على أساس الأداء، تتغير النتائج تلقائيًا، ويستعيد المواطن ثقته بالمؤسسات.

فالأردن لا تنقصه العقول ولا الكفاءات، بل يحتاج لتعميم ثقافة حسن الاختيار، وتكريس مبدأ (الرجل المناسب في المكان المناسب)، تمامًا كما حدث في المنتخب الوطني، فالإجماع الذي رأيناه في المدرجات والشوارع هو انعكاس طبيعي للعدالة والوضوح والنجاح، وهو ما يتطلع إليه الأردنيون في كل القطاعات.

والسؤال هنا هل نلتقط الرسالة؟ وهل نملك الجرأة لنحوّل تجربة رياضية ناجحة إلى نهج وطني شامل؟ الإجابة على هذا السؤال ستحدد شكل المرحلة المقبلة، ليس في الملاعب فقط، بل في حياتنا جميعًا.

"الغد"





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :