أثر التحولات المعاصرة على اهمية اخراج أبنية السلط التراثية من حالة الجمود (1)
24-12-2025 10:59 AM
تقف السلط وهي المدينة التي تتربع على قائمة التراث العالمي في التسامح والضيافة الحضرية على مفترق طرق ، يفرض عليها إعادة تعريف العلاقة بين تراثها العريق ومعطيات مستقبلها الضاغطة والملحة (أي في كيفية التماهي بين الاصالة والمعاصرة) ، والتي تتمثل بوجود حاجة ماسة لإعادة تشكيل التوجهات والمفاهيم المعمول بها ، وتوضيح الرؤية المستقبلية التي يتوجب ان تستند اليها مختلف المستويات التنظيمية والتشريعية والتنفيذية ذات العلاقة ، من أجل حماية وإدامة الأبنية التراثية وأعادة تأهيلها ، بما يتماشى ومقتضيات العصر
فالتحفيز والتركيز والحض على رعاية أبنية السلط التراثية وأعادة تأهيلها وتشغيلها بصورة كفؤة ولائقة ، لم يكن ولن يكون مجرد دعوة هامشية عابرة تدعو للترميم والحفاظ العمراني الكلاسيكي التجميلي الجامد (Make up) ، بل هو نداء استغاثة جهوري يناشد كل من له علاقة بتلك الأبنية ، ان يسعى الى تغيير صفات استعمالها وتعديل نسب التدخل فيها ؛ خاصة في فيما يتعلق بإعادة تشكيل الفراعات الداخلية لتنسجم مع الوظائف المستحدثة
ويتأتى كل ذلك عبر تبني مفاهيم ومنهجيات "التكييف الوظيفي" (Adaptive Re-use) المفعمة بالحيوية والديناميكة والمرونة الوظيفية ، واعتماد تطبيقاتها على الأبنية التي رممت بفترات سابقة ما امكن ، وكذلك على الابنية التي سيتم ترميمها واعادة تأهيلها مستقبلا ، بغية الاستفادة منها وتشغيلها بنمط يتواءم مع الاستخدامات والاحتياجات الحضرية المعاصرة ، الأمر الذي سيسارع من انتعاشها وتعافيها ، ويعجل من عودتها الى الحياة مجددا بعد ان كانت ترزح لمدد طويلة تحت رحمة الاهمال والعبث والتجاهل
إن تبني مفاهيم ومنهجيات "التكييف الوظيفي" سيفضي الى رد الروح للبيوت التراثية ، وسيعمل على إعادة الحياة اليها لكن بمعطيات جديدة ووظائف مستحدثة ، مما سيتيح الفرصة لمختلف المكونات المؤسسية والمجتمعية في المدينة ، ويسهل من فتح المجال امام مالكي تلك البيوت ، من العودة اليها والعناية بها والاستفادة من وجودها كشواهد عمرانية راسخة ، ذات إمكانيات مادية ومعنوية ملموسة تمكن من التحول والسير بثبات وثقة نحو التغيير الوظيفي المنشود ، والتخلص من حالة الجمود السائدة ، الناجمة عن كثير من المعيقات القائمة في هذا السياق ، بما في ذلك تشدد التشريعات ذات العلاقة وتدني مرونتها ، وشح الموارد المالية المؤسسية المتوفرة ، وتفاقم المصاعب المتعلقة بازدياد اعداد الورثة وعدم توافقهم ؛ بالاضافة الى ضعف القدرات المالية والاهتمام لدى الكثير من المالكين