انتهت مؤقتا مشكلة الاعلاف ودعمها بصورة تشبه المثل القائل لا يموت الذئب ولا تفنى الغنم عبر توجيه الدعم للمربين بالاضافة الى تخفيض السعر الذي اثار غضب هؤلاء بحيث يصبح السعر الجديد قريبا من الاسعار التي كانت سائدة سابقا، لكن فترة صلاحية هذا القرار وبالتالي هذا المثل المعبر ستنتهي في الربيع المقبل وهو موسم الربيع الذي يحمل معه العشب الاخضر الصالح لاستهلاك قطعان الاغنام بما يخفف من الاعتماد المباشر على الاعلاف.اذن اصبحت الازمة وراء ظهورنا لكن ظلالها تمتد الى الصيف المقبل حيث ينتظر ان نعود وقتها الى المربع الاول، اذن ما هو الحل الجذري لهذه المشكلة التي جرى تسكينها مؤقتا؟ في البدء علينا ان لا نأخذ فكرة ازالة الدعم وكأنها قضاء وقدر لا راد لها ولا ينبغي ان نتعامل مع هذا الامر - التعويم - بوصفه ايدولوجيا العصر فحتى ام السوق الحرة الولايات المتحدة تدعم قطاعها الزراعي وكذا الامر في فرنسا ولنتذكر المفاوضات العسيرة بين الاتحاد الاوروبي والولايات المتحدة التي واجهت صعوبات بسبب رفض كلا الطرفين رفع الدعم عن بعض السلع الزراعية، اذا فدعاة السوق الحرة هم من يدعم القطاعات الزراعية ومن باب اولى ان لا نصبح نحن اكثر حرصا على قوى السوق من احفاد ادم سميث.

ولنعد الى الاردن فنقول ان الثروة الحيوانية في البلاد هي احد القطاعات الحيوية ليس في البعد الاقتصادي فقط بل وفي البعد الاجتماعي ايضا وبالتالي لا ينبغي ان نتعامل مع هذا القطاع رقميا ونغفل الدلالات الاجتماعية خلف هذه الارقام.

العارفون بالاقتصاد يؤكدون ان الاعفاءات الضريبية لقطاعات خدمية هو في الواقع شكل من اشكال الدعم فالاعفاء الضريبي يتم تحت شعار تشجيع الاستثمار وهو في الحقيقة تخلي الخزينة عن بعض روافدها (الضريبة) من اجل تحريك عجلة الاقتصاد للحصول مستقبلا على فوائد تعود بالخير على المجتمع، اذن فالدعم والاعفاء الضريبي كلاهما يستنزف الخزينة لكن فلسفة الاول متصالحة مع ايدولوجيا قوى السوق اما الثانية فهي العدو اللدود لتلك الايدولوجيا رغم ان اثر الاثنتين واحد الى الخزينة.

اذن علينا ان نبحث عن حلول ابداعية لمواصلة دعم قطاع تربية المواشي ليس بصورة دعم لاسعار الاعلاف بل ربما عبر وضع حزمة من الاعفاءات الضريبية لمن يؤسس منشأة حديثة لتربية المواشي على اسس حديثة ليتحول الدعم الى اعفاء ضريبي وبهذه الحالة نرضي غرور معتنقي ايدولوجيا قوى السوق وبذات الوقت نحدث نقلة نوعية في قطاع تربية الماشية.

لماذا لا يجري التفكير في صياغة نظام للحوافز والاعفاءات لمن ينشئ مزرعة نموذجية لتربية الماشية ولماذا لا يجري انتهاج سياسة حماية للثروة الحيوانية عبر ترشيد حركة الاغنام عبر الحدود بما يخدم المربي المحلي؟ جملة القول ان مبدأ لا يموت الذئب ولا تفنى الغنم سيبقى ساري المفعول حتى الصيف المقبل وهو وقت ملائم للتفكير بحلول جذرية يحفظ لمربي المواشي مستقبلهم ومستقبل ابنائهم وبذات الوقت عدم الضغط على موارد الخزينة المرهقة اصلا.
samizbedi@yahoo.com