facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




الانتحار .. إن لجسمك عليك حق


د.حسين الخزاعي
15-01-2012 03:20 PM

لا ادري كم عدد المرات التي كتبت فيها عن الانتحار؛ ولم احص ايضا عدد اللقاءات الصحفية والمقابلات عبر القنوات الفضائية العربية والعالمية والأردنية وباللغتين العربية والانجليزية التي اشرت خلالها عن موضوع الانتحار، بامكان الراغبين متابعة ما كتبنا وما حذرنا منه عن الانتحار ان يدخل على محرك " جوجل " ويبحث ليجد كل ما كتبناه وتحديدا في – عمون - واذكر آخر نشاط تثقيفي شاركت فيه حول موضوع الانتحار كان بتاريخ 4 حزيران 2011 في ندوة تثقيفية نظمتها مبادرة حياتك أمانة وبرعاية من هيئة شباب نحن الأردن وحزب الحياة، وبرعاية اعلامية من موقع - ديرتنا الاخبارية - ، وتشرفت بالمشاركة مع أساتذة اجلاء لهم مكانة مميزة في المجتمع الأردني، وهم مع حفظ الالقاب " محمد نوح القضاة ، وهاني جهشان ، وتوفيق المبيضين" ، واستقطب اللقاء الذي عقد في مقر امانة عمان الكبرى في لواء ماركا عدد كبير جدا من الباحثين والحضور والمهتمين، وكانت الندوة برعاية الدكتور مفيد عنانبة متصرف لواء ماركا مندوبا عن محافظ العاصمة، تم خلال هذه الندوة الحديث عن الانتحار في الأردن ، الواقع والاسباب وطرق المواجهة.
اليوم نكتب من جديد عن الانتحار، وما دفعني للكتابة وزاد قلقي حول هذه القضية حدوث حالتي انتحار في اسبوع واحد باستخدام طريقة " الحرق "، وهي الطريقة التي استخدمها الشاب التونسي محمد البوعزيزي الذي احرق نفسه بسبب الظلم الذي وقع عليه وامتهان كرامته ومحاولة قطع مصدر رزقه، ومنعه من البيع على بسطة كان يعيل أهله وأخوته منها، ليفجر البوعزيزي- الربيع العربي - ، طريقة البوعزيزي في الانتحار تعدّ أشد حالات إيذاء النفس والاعتداء عليها وتشويهها، بالرغم ارتباط الصورة الرمزية بهذه الطريقة بمعنى البطولة والرجولة والتخلص من الحياة بسبب امتهان كرامة الإنسان ولكن بعد رحيل البوعزيزي ونجاح ثورة الياسمين في تونس، اقدم حتى تاريخه (130) مواطن تونسي على احراق انفسهم، منهم من توفي، ومنهم من يصارع البقاء على قيد الحياة في غرف العناية المركزة في مستشفيات تونس، فلماذا يلجأون الى هذه الطريقة في الاعتداء على اجسادهم والتخلص من الحياة بما أنّ الثورة نجحت في القضاء على الظلم والاستبداد؟!، وما نلحظه انتقال العدوى الذهنية للانتحار بهذه الطريقة في معظم ارجاء الوطن العربي، وعلى الرغم من انتشار هذه العدوى كانتشار النار في الهشيم إلا ان الواقع العملي يؤكد أن الانتحار ليس حلا للمشكلة أو المشكلات التي يواجهها الإنسان ، ولا أحد يشجع الظلم والاعتداء على حقوق الآخرين، أو محاولة امتهان كرامتهم وسمعتهم او إلحاق الضرر بهم، ولنعترف أنّ المشكلات الاجتماعية والاقتصادية والقهر والظلم والتمييز والكبت والاكتئاب تهيء الاجواء وتحفزها للانتحار، ولنعترف أنّ فقدان الثقة في المستقبل أو المحيط الاجتماعي او عدم القدرة على حل المشكلة يزيد من فرص الاقدام على الانتحار، واخطر ما في الموضوع يتمثل في رفض " المنتحر للعيش في المجتمع الذي ينتمي اليه " ويقرر التخلص من هذا المجتمع، وبرغم اقدام المنتحر على التخلص من الحياة إلا ان الانتحار ليس حلا للمشكلات ، وحل المشكلات يكمن في التسلح بالصبر والحكمة وعدم فقدان الأمل، فالصبر مفتاح الفرج ، ولولا أهمية هذا السلوك البشري المتمثل في " الصبر " لما طلب الله سبحانه وتعالى من عبادة التسلح بالصبر، فمعرفة الله سبحانه وتعالى في النفس البشرية وتقلباتها وتعدد رغباتها وتعرضها للخير والشر، ولذلك ذكرت كلمة الصبر في القران الكريم ( 102( مرة، والصبر نوع من العبادة الواجبة على أبناء المجتمع بمختلف فئاتهم الاجتماعية والاقتصادية، وفي مختلف مواقعهم العملية حتى توج الصبر بقوله تعالى " إن الله مع الصابرين " . وكلنا يتذكر المقولة الموروثة التي نرددها في المحن والظروف الصعبة " يا صبر أيوب " نسبة إلى المحنة التي طالت النبي أيوب علية السلام، وأستمرت لدهور طويلة مع المعاناة مع المرض والجوع والخوف والعوز. وفضل الصبر لم يغبْ عن الشعراء منذ انطلقت اشعار الجاهلية ، فمن شعر عبد الله الحارثي نقتطف أجمل ما قيل في الصبر:
اصبر على الدهر إن أصبحت منغمسا ،،، بالضيق في لـجج تهوى الى لــجج
لا تيأسن إذا ما ضقت من فــــرج،،، يأتي به الله في الروحــــات والدلج
فما تجرع كــــأس الصبر معتصم،،، بالله إلا أتـــاه الله بالفـــــرج
وفي موضوع الصبر يوصي الشاعر أبو علي الانباري في قصبدة نقتطف منها :
إذا ما ألمت شدة فاصطبر لها ،،، فخير سلاح في الشدة الصبر
منذ سنوات وحالات الانتحار تزداد في الأردن ، وهذا يعد مثابة تحول كبير في عدد الحالات ونوعية طرق الانتحار، وقد بدأت تأخذ اشكالاً وطرقاً أكثر عدوانية وجرأة في الاقدام على قتل النفس وايذاء الجسد وتعذيب الآخرين . فحالات الانتحار في الأردن تأخذ اشكال " طريقة الشنق ، القفز من فوق بنايات عالية ، أو تناول كميات من العقاقير، أو اطلاق النار على النفس ، أو شرب السم أو مبيدات حشرية أو الغرق ، وأخيراً احراق النفس " ، وزاد قلقي دخول الاطفال والاناث إلى ممارسة الانتحار وكأنه اصبح موضه، سأبتعد عن سرد أسباب ودوافع الانتحار ، فلكل مجتمع خصوصياته الثقافية والحضارية وعاداته وسلوكاته ، وهذه السلوكيات الانتحارية بعيدة كل البعد عن قيمنا وديننا وعاداتنا وتقاليدنا ، سأنطلق من الفلاسفة القدماء حيث عَدّ الفيلسوف اليوناني طاليس الانتحار بأنه عمل غير اخلاقي ينم عن عدوانية الفرد ضد نفسه يضر بالمجتمع والعائلة . والفلسفة في ذلك العصر كانت ام العلوم ، وتعاليم واحكام الديانات السماوية جلها طالبت في اتباع كافة الطرق لتوفير السعادة للبشر وعدم ايذاء النفس وسارفع صوتي مذكرا وقائلا : " إن لجسمك عليك حق " ، وهل هناك اعمق واغزر من هذه التوصية للإنسان بأن يحافظ على جسده من التعرض للاذى .
وبعد ،،، نحن في أشد الحاجة إلى أن تقوم الحكومة وبشكل سريع بانشاء مركز لإعادة تأهيل وعلاج محاولي الانتحار ، ففي الأردن هناك " 400 – 500 " محاولة انتحار سنويا ، وفي العام الماضي سجلت (65) حالة انتحار تام بينهم اطفال ونساء ورجال ومسنين، علما بأن عدد الحالات قبل خمس سنوات لم يكن يتجاوز الـ ( 20) حالة في كل عام ، وبرز إلى العلن منذ سنتين ظاهرة " الانتحار العلني " ، والحقيقة المؤكدة والمزعجة أنه لا يوجد سجل وطني لرصد ومتابعة حالات الانتحار أو محاولات الانتحار حتى نتوقف عند الرقم الحقيقي للقضية ، ولنعترف بأنّ التدخل المهني والعلاجي غير موجود لمحاولي الانتحار ، فمحاول الانتحار يُسّلم الى أهله دون أن يتم عرضه على طبيب نفسي مختص يتابع إعادة تأهيله والاشراف على علاجه ، ولا يوضع له برنامج ارشادي ديني اجتماعي طبي لتعديل السلوك، والمؤشرات تؤكد ان بعض المنتحرين سبق لهم محاولة الانتحار ومع تكرار المحاولة تم الانتحار التام وفارقوا الحياة .
مسك الكلام ... لا تمروا مرور الكرام على حالات الانتحار التي تتم في الأردن، حتى لا نفاجأ بأرقام كبيرة وطرق اكثر وحشية في الاعتداء على النفس، هذه توصية كتبتها عدة مرات اعيد كتابتها من جديد فهل نقرأ ونتحرك ونحرق الظلم والمعاناة والتهميش والفساد والافساد والتطاول على حقوق الاخرين، ام ننتظر لنرى المزيد من حالات الانتحار من قبل من يرفض القبول في العيش في هذا الواقع المؤلم الخطير؟!

اكاديمي ،،، تخصص علم اجتماع





  • 1 عبد المجيد السيبية 16-01-2012 | 03:14 PM

    كل الاحترام و التقدير للدكتور حسين الخزاعي
    اعتقد لا بد من تسليط الضوء بشكل كبير على هذه الظاهرة اذا جاز التعبير ان اسميها ظاهرة ، و خاصة الاعلام المرئي ببرامج توعوية و توجيهي و دينية تخاطب عقول البشر ، لمن ينظر للحياة انها مادية فقط ، فلانسان يتعدى على كرامته و حياته بقتل نفسه و اللجوء لهذه الوسائل من طرق الانتجار ليعبر عن رفضه لواقع يعيشه ، هو يغادر و يبقى الواقع كما هو ،فالأولى ان يبقى ليساهم في تغير هذا الواقع


تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :