للمره الثانيه اقرر تاجيل نشر مقالة محاوله للفهم 4 و ذلك لاهمية و خطورة الموضوع الحالي. هنالك الان مقترح يناقش في التعليم العالي و يبدو ان هنالك تعليمات او قانون يسلق على عجل بحيث يتم قبول اعداد كبيره من الطلبه في السنه الجامعيه الاولى تحت مسمى السنه التحضيريه للطب و من ثم سيتم اختيار نسبه بسيطه منهم لدراسة الطب بناءا على معادله يؤخذ فيها معدل الجامعه او امتحان في نهاية السنه الاولى بنسبة 70% و نسبة 30% للتوجيهي. و غير واضح ماذا سيكون مصير المئات او الالاف الذين لن يحالفهم الحظ من هؤلاء بدخول كلية الطب.

اهمية هذا الموضوع بان هذه التعليمات او القانون: اولا انها قد تكون مدخل لالغاء كافة الاستثناءات بما فيها استثناءات ابناء الجيش و الشهداء و المعلمين و الاقل حظا و ثانيا انها ستؤدي الى حرمان الغالبيه العظمى من خريجي المدارس خارج العاصمه و مدينة اربد من اي فرصه لدراسة الطب. و ثالثا انه في حال نجح تمرير هذه التعليمات او القانون للقبول في الطب فانها ستطبق بسهوله على كافة التخصصات المهمه و المطلوبه في الجامعات.

بالتالي فان ابناء الطبقات محدودة الدخل او الذين يدرسون في مدارس عامه في القرى و الباديه و المخيمات لن يكون لهم امل حقيقي في دراسة الطب و لاحقا التخصصات الاخرى مثل الهندسه و طب الاسنان و غيرها و ساوضح اكثر وجهة نظري و اتمنى ان يكون اجتهادي خاطئ و ان يخرج علينا المسؤولين باثبات خطئي و عندها ساكون مسرورا.

للتوضيح اكثر فان المواد التي تدرس في السنه الاولى هي مواد عامه مثل العلوم و اللغه العربيه و الانجليزيه و هي بمجملها امتداد لما درسه الطالب في المرحله الثانويه و بالتالي فان من يحصل على تعليم و تحصيل افضل في تلك المرحله بالتاكيد سيحصل على نتائج افضل في تلك الامتحانات. و هنا اؤكد ان ذلك التحصيل الافضل ليس لزياده في الذكاء او الجهد و لكن لان الظروف المتوفره في بعض المدارس الخاصه افضل.

لا يمكن مقارنة مدرسه متهالكة البناء بدون عدد كاف من المعلمين و الذين ان وجدوا سيكونون من الاقل خبره بمدارس تتوفر فيها كل المقومات ليس لشئ الا لان اهل الطلاب في تلك المدارس اقدر ماليا. كما لا يمكن مقارنة الامكانات الماليه التي يستطيع الاهل توفيرها لدروس خاصه بين ذوي الدخل المحدود في القرى و الباديه و المخيمات و المدن الصغيره او البعيده مع ما يمكن توفيره في المدن الكبرى.

لا يجوز ان يحصل ابني او ابن اي شخص مقتدر ماليا عى كامل الفرصه و يحرم من تلك الفرصه ابن عامل الوطن و العسكري و الدركي و المعلم و الموظف و العاطل عن العمل حتى لو كان اكثر منه ذكاء و جد في الدراسه.
\
انني لا اشك و لو للحظه بوطنية وزير التعليم العالي الحالي و لكنني مقتنع ان حجم الضغوط و قدرة المتنفذين و رؤوس الاموال قد تؤثر في اي قرار و ليس بيع الفوسفات و الكهرباء و غيرها من مؤسسات الوطن عنا ببعيد.

ان ما يقلقني ان هذه التعليمات او القانون تسلق بسرعه و خلف ابواب مؤصده و بدون شفافيه و لا يؤخذ فيها براي الاكاديميين و النقابات و المجتمع و حسب ما يقال بانها ستنجز قريبا ليشرع العمل فيها و يتم الان تسويقها بطرق بعيده عن المنطق العلمي.

انا اعرف ان هذا المقال سيضعني في مواجهه مع اصحاب نفوذ و مراكز قوى و لكنني سانام الليله مرتاح البال لانني كتبت قناعاتي. فانا اعتقد ان التعليم هو جزء من الامن الوطني و لا يجوز اقرار مثل هذه التعليمات قبل مناقشتها علنا و اعطاء ضمانات بعدم الاقتراب من الاستثناءات لابناء الجيش و الشهداء و المعلمين و المخيمات و المدارس الاقل حظا.

عندما يتم توفير ظروف متكافئه من المدارس و المدرسيين و نوعية التدريس و البيئه التعليميه للجميع, عندها و عندها فقط يجوز اقرار مثل هذه التعليمات. انا اريد ان ارى بين طلابي من قرى معان و وادي موسى و مخيم الحصن و قرى جرش و المفرق و الكرك و مخيم سوف و من ابناء عمال الوطن و ابناء العسكر و ابناء الشهداء و من ابناء العاطلين عن العمل و من ابناء الباديه.

ارجو من المسؤلين تفنيد ما كتبته و اتمنى ان اكون مخطيئا و لكنني اشك بذلك. و اختم بالقول انه لولا ابناء الفقراء لضاع العلم.


د. هيثم العقيلي المقابله
استاذ مشارك-كلية الطب