facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




"حارة كل من إيده إله"


جهاد المنسي
12-06-2013 03:37 PM

قبل نيف وثلاثين سنة، كنا نتسمر أمام شاشة التلفزيون في انتظار إطلالة الفنان العبقري دريد لحام وشريكه المبدع المرحوم نهاد قلعي، في مسلسل "صح النوم". وكان يلفتنا نحن الصغار اسم الحارة الذي يقع فيها فندق صح النوم "حارة كل من إيده إله".

ربما في ذاك السن لم تدُر في خلَدنا أسباب تسمية الحارة بهذا الاسم، وذهبنا باتجاه الكوميديا. ولم يخطر في بالنا نحن الصغار أن وراء اسم الحارة ما وراءه من عبر وأشياء أخرى. فنحن وقت ذاك لم نكن نشعر بما نشعر به الآن، فالحارة وقتنا لم تكن "حارة كل من إيده إله"، وإنما كنا وحدة واحدة؛ تحزن الحارة كلها على كرب أصاب أحد ساكنيها، وتفرح لفرح البعض الآخر.

أضحكنا دريد ونهاد كثيرا وقت ذاك. وأفرحتنا المقالب التي كان يصنعها "غوار الطوشة" بحق "حسني البرزان". ولكننا لاحقا، وبعد استشعارنا بخطورة أن تكون حارتنا وكل حارات عالمنا العربي "حارة كل من إيده إله"، وصلتنا صعوبة الموقف والاسم والحكمة منه، والمعنى والمحتوى.

اليوم، وبعد بضع وثلاثين سنة، نعيش التجربة التي رأيناها ونحن صغار على شاشة التلفزيون؛ نعيشها في الواقع الملموس، نعيشها في كل حارة وقطر عربي، نعيشها في تطوان والشام وبغداد والقدس وعمان والرياض ومسقط وطرابلس والقاهرة وبيروت.

اليوم، أصبحنا كـ"جحا"؛ تلك الشخصية التاريخية الذي يحار به المؤرخون بين الأسطورة والواقع، عندما قال له المنادي إن حريقا شب في منطقتكم، فكان جوابه، المهم بعيدا عن حارتنا. فقال له في حارتكم، فقال له المهم بعيدا عن بيتنا، فقال له في بيتكم، فقال له حجا المهم أنه بعيد عن رأسي.

هذا هو لسان حال واقعنا الذي نعيش اليوم؛ نتعامل مع قوميتنا العربية بالقطعة، وحسب المزاج والمصلحة، فنستحضرها إنْ كان ذاك يفيد هدفنا، ونبعدها ونهاجمها ونلعنها عندما لا تشكل لنا تلك القومية موروثا لا نريد أن نتذكره، وإلا فماذا يمكن أن نسمي هجوم البعض أحيانا على الزعيم الخالد جمال عبدالناصر والطعن به، وهؤلاء لا يطعنون به من منطلق تاريخي أو فكر جمعي وحدوي، وإنما من منطلق مصلحي وتصفية حسابات لأنه كشف خيانة هذا الشخص أو ذاك، وعرّا هذا التنظيم وكشف أوراق ذاك.

اليوم، اختلفت الصورة، وباتت القضية الفلسطينية ليست قضية العرب الأولى، ويمكن أن لا تكون العاشرة في سلم القضايا العربية المتفجرة، بفعل أدوات التقسيم العربية المغروسة بيننا منذ زمن، والذين فعلوا ما فعلوا في عالمنا العربي بمسميات مختلفة وبأشكال متعددة. اليوم، تغيرت الصورة، وانتقل صراعنا مع المحتل الصهيوني من الصراع العربي-الصهيوني، إلى الصراع الفلسطيني-الإسرائيلي.

نعم، بكل بساطة تغيرت الصورة، وبكل بساطة تغيرت الأولويات، وزرعت في كل بيت عربي قنبلة موقوتة، تبعدنا عن هدفنا الرئيس وعدونا الأساس باتجاه أعداء داخليين مفترضين، هم في الأصل إخوة لنا يسكنون في الحارة التي تلي حارتنا، وكان لنا معهم صولات وجولات ونسب ومصاهرة.

اليوم، بثّ مفتو السلاطين سمومهم في العقول؛ فلا غرابة أن يخرج الأخ على أخيه بفعل فتاوى جاهلة لا تريد لنا إلا أن نبقى مستبعدين لأباطرة المال، وللسلطان الأكبر، ولقنواتهم المسمومة التي ما فتئت تبث حقدا وكراهية ودمارا وحربا وطغيانا، وتريدنا أن نبقى مستبعدين لأفكار جاهلية يحترف أصحابها أكل الأكباد، ومناكحة النساء جهارا نهارا بمسميات شرعية لا أعتقد أنها وردت في ديننا الحنيف، وإنما يفعلون ذاك لإرضاء رغباتهم.

اليوم اختلفت الصورة، فلم تعد الحارة للجميع؛ تسمع آهات الصغير وتتوحد لقتال العدو الذي يريد لها شرا، وإنما بات الشاطر فينا يبحث عن سلامة رأسه.

"الغد"





  • 1 .. 12-06-2013 | 09:22 PM

    القضية الفلسطينية انتهت ب..


تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :