بالتاكيد ان الاردن يمتلك احد افضل انظمة التعليم في العالم العربي و افضل مستوى طبي عربيا و قادر على المنافسه عالميا. ابدا بذلك لاقول ان هنالك خلل حدث في ثقة المواطن بمؤسساته قبل عدة سنوات بسبب تعيينات و سياسات اقرب الى المراهقه الاداريه منها الى المؤسسيه التي كانت الاردن سائره على طريقها. لقد كان من اسوأ تلك السياسات المبالغه بربط الوضع المالي للجامعات بالقبول الجامعي و الذي نتج عنه تناقص قدرات ابناء الطبقه محدودة الدخل في الحصول على مقاعد جامعيه هم احق بها من غيرهم و لهم حق على الحكومه برعايتهم. و في غمرة التنظير من مستوردي السياسات المعلبه تناسى الكثيرون ان ابناء الفقراء من شتى الاصول و المنابت هم من اثرى الاردن بالمعرفه و اسسوا و طوروا تلك المؤسسات لياتي مجموعه من الوصوليين و تجار الكلام لينخروا في اسس تلك المؤسسات و هم الذين لا يحملون من الكفاءه سوى قرابة فلان و صداقة علان. و قد قلتها سابقا و اقولها انه لولا ابناء الفقراء في هذا البلد و رعايتهم من قبل المرحوم الحسين بن طلال و لولا انصهار مختلف الاصول و المنابت في خدمة الاردن لضاع العلم و لبقيت الاردن مثل اي دوله في افريقيا.

انني اكتب ذلك الان لانني ارى بوادر تعافي في الاردن و عوده الى الطريق السليم و ان كان ذلك لا يشمل كافة المؤسسات و احد تلك المؤسسات التي يبدو انها ما زالت عصيه على الاصلاح هي المجلس الطبي الاردني. لقد قلنا في فترة فقدان البوصله عندما تعالت اصوات نشاز بتغيير او الغاء مؤسسات ان الاصل في الاصلاح ان توضع معايير للاصلاح و تجبر اداراتها على التوصل لتلك المعايير ففي نهاية الامر كل هذه مؤسسات وطنيه بنيت بجهد و تضحيات لتبقى للاجيال القادمه و ليست ملكا لفرد او مجموعه بل هي ملك للاجيال الحاليه و الاجيال القادمه.

اما بالنسبه للمجلس الطبي فقد تحدثنا سابقا في الموضوع لنجد اذانا صماء لسان حالها ان قولوا ما شئتم و سنفعل ما نريد. لقد وصلت للقناعه بان المجلس الطبي يجب اعادة هيكلته ليتحول الى مؤسسه ملكيه تماما كما في بريطانيا غير خاضعه لمؤسسة اخرى. كما ان المجلس الطبي يجب ان يكون تحت اشراف الجامعات التي تدرس الطب في الاردن. فما شهدناه من لغط و ما نراه من تراجع في مؤسسه تعطي اعلى شهاده طبيه في الاردن ما هو الا نتاج سياسات ابعدت كليات الطب بما تملكه من خبرات في التدريس و الامتحانات و البحث العلمي عن هذه المؤسسات. و هل يعقل في الاردن الذي يحتوي على خمس كليات طب ان تكون الجامعات هي الاقل تمثيلا في المجلس الطبي سواءا في وضع السياسات او الامتحانات.

عندما يكون اعلى مسؤولين في المجلس الطبي لا يمتلكون شهادات بعض المتقدمين فهنالك خلل.
و عندما يحجم بعض ابناء الاردن من خيرة الاطباء الذين يعملون حاليا في ارقى المستشفيات في امريكا عن تقديم الامتحان خوفا من الرسوب كما حدث معهم سابقا فهنالك خلل.

و عندما يرسب بعض الاخصائيين الاردنيين ذوي الخبره العاملين في بريطانيا و نحن جميعا نعرف قوة النظام الطبي الانكليزي و حرصه على المرضى فهنالك خلل.
و عندما يحدث في بعض التخصصات ان يرسب مقييمين الجامعات الذين يخضعون لاسس قاسيه في القبول و التدريب و الامتحانات لينجح مقيمين مؤسسات اخرى بالجمله فهنالك خلل.

و عندما يتقدم من نجحوا من مؤسسات بعينها للامتحان العملي لنكتشف ان مستواهم ضعيف جدا و غير امنين طبيا لينجحوا بمجموع العلامات فهنالك خلل.
و عندما يرسب الحاصليين على تخصصات دقيقه من مؤسسات فرنسيه قويه فهنالك خلل.
عندما يحصل على البورد الاردني من رسب به سابقا ليغيب اشهر و يعود بورقة بورد من مستشفى شرقي فهنالك خلل.

كل ما سبق يجب ان يدق جرس انذار مبكر بان هذه المؤسسه لا يجوز ان تترك للاهواء او لاسترضاء النقابات او مؤسسات طبيه اخرى و لكن يجب ان تستقل و ان لا يترأسها الا احد اساتذة كلية الطب ممن عمل سابقا عميدا لاحد كليات الطب. كما لا يجوز ان تترك الامتحانات على غاربها و لا يجوز ان يكون ممتحنا الا صاحب انتاج علمي معتبر في مجلات عالميه.

كما انه يجب ان يتم وضع معايير للاسئله وفق الاسس العالميه الحديثه و ليس على اهواء من اختير ممتحنا استرضاءا لفلان و خجلا من علان فالامتحانات اصبحت علم بذاته و ليس اجتهادا شخصيا. كما يجب مقارنة امتحانات الجامعات مع امتحانات المجلس الطبي و عندما لا ينجح في المجلس الطبي من كانوا اوائل في التوجيهي و اوائل في الجامعه و اجتازوا امتحانات مقيمه و صعبه لينجح من اقل منهم قدرات فان ذلك يضع علامات استفهام كبيره و يدعو للتحقق مما حدث ان كانت ادارة المجلس تريد للطب في الاردن و مستقبله خيرا.

حمى الله الاردن عزيزا كريما بابنائه من مختلف اصولهم و مشاربهم و مناطقهم و توجهاتهم الفكريه و حمى الله جيش الاردن و مؤسساته الامنيه الذين عرفنا قيمتهم و ما فعلوه لاجل الاردن في هذه الايام التي ننتظر بها اي سيناريو. و تحيه و قبله على الجبين لكل جندي مرابط على الحدود او في مكانه لننام نحن امنين. و تحيه لكل رجل في المؤسسات الامنيه الذين واصلوا الليل بالنهار بجهد و سهر و تحملوا انتقاداتنا و احيانا جحودنا لدورهم و فعلوا ما فعلوا لنسير امنين و لنسكن بيوتنا مطمئنين على ابنائنا و عوائلنا.

ناشط سياسي واجتماعي/جرش