facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




ما بين الكفاءة والولاء


د.رحيل الغرايبة
03-02-2015 03:00 AM

هناك جدل يدور على الصعيد المحلي حول أثر أولوية وترتيب المعايير المعتمدة في عمليات التعيين والتولية في مواقع المسؤولية، خاصة في المناصب العليا، حيث يذهب بعض المتحاورين إلى أن هذه المسألة تحتل المرتبة الأكثر أهمية في مجال تشخيص الداء، لأن اختلال معايير الفرز والاختيار فيها يمثل عائقاً مهماً أمام تحقيق التنمية المطلوبة.

المسافة بين الكفاءة من جهة، والولاء والانتماء من جهة أخرى، يجب أن تكون ضيقة إن لم تكن معدومة، لأن الولاء والانتماء موجود بشكل حتمي وأصيل في كل مواطن، إذا لا يعقل أن يكون هناك من يكتسب صفة المواطنة وفي الوقت نفسه يفقد صفة الولاء والانتماء لوطنه، ومن لا يحب وطنه فهو ليس أهلاً لاكتساب صفة المواطنة ابتداء، ولا يستحق العيش فيه لحظة، لأن حب الوطن والانتماء إليه أمر فطري مركوز في النفس البشرية، وليس له علاقة بالأشخاص والحكومات والأوضاع السياسية السائدة مهما كانت درجة الاختلاف والتباين في المواقف والآراء.

صفة المواطنة مشتقة من الوطن، وتنتسب إليه ابتداءً ومآلاً، حتى الذين يكتسبون صفة المواطنة اكتساباً وليس وراثة بحكم القانون، وهو ما يطلق عليها بالمصطلح القانوني «الجنسية»، تكون مبنية على مجموعة شروط ومنظومة قيم تتمثل بقدرة المجنس على خدمة وطنه، ويخضع لاختبارات ذكية من أجل التأكد من حقيقة الانتماء لوطنه الجديد، وتملك الدولة حق نزع الجنسية عندما تظهر مؤشرات اختلال الانتماء الحقيقي، حيث تخضع هذه العملية لمنطق السيادة الذي لا يحتمل مزيداً من الجدل والمماراة.

القضية المهمة في هذه المسألة ربما تكمن في تحديد معنى الولاء والانتماء على وجه التحديد والدقة، حيث تبرز مفاهيم مغلوطة في هذا السياق، تحتاج إلى توضيح قاطع يحسم الجدل، فالولاء والانتماء للوطن لا يعني الانتماء لحزب أو جهة أو عرق أو اتجاه فكري او قوة سياسية، لأن الانتماء للوطن يعلو فوق كل هذه الانتماءات الضيقة، ويمثل اطارا مرجعيا لها وحاكما عليها، بمعنى يجب على كل الأفراد أن يجعلوا من انتماءاتهم الحزبية أو السياسية أو العشائرية ضمن دائرة الانتماء الأكبر الذي يستوعبها جميعاً، وينبغي إزالة كل أشكال التناقض والانحراف عن هذا المعيار العام الذي يحظى بالاجماع قولاً واحداً .

تشكيل الأحزاب وإيجاد القوى السياسية أمر محكوم بخدمة الوطن وحمايته وخدمة الأمة وحمايتها، وما وجدت الأحزاب إلّا وسيلة لهذه الغاية، وتتنافس الأحزاب وتتصارع سياسياً تحت مظلة السباق لخدمة الوطن والأمة، ومن أجل اثبات قدرتها على أنها الأكثر تمثلاً للمصالح الوطنية، والأكثر كفاءة في تقديم الخدمة العامة، وتحقيق المصلحة العليا للمجموع العام.

من أشد الانتقادات التي يمكن توجيهها، للأحزاب أنها تقع في مصيدة تقديم المصلحة الحزبية على المصلحة الوطنية، وأنها تستغل الوطن لخدمة الحزب وليس العكس، وما هو أشد منه سوءاً أن يقع بعضهم في تقديم المصلحة الشخصية على المصلحة العامة، أو الاستغراق في المصالح الذاتية على حساب الأوطان ومقدراتها العامة.

وهناك وجه آخر للخلل ينبغي الالتفات اليه؛ وهو طريقة التعبير عن الولاء والانتماء الوطني، فبعضهم يحصرها في عبارات التزلف والتمجيد للمسؤول، والايغال في الأقوال على حساب الأفعال، وهنا يقع الخطأ الأكبر، إذ يجب إثبات الولاء والانتماء عبر الكفاءة واتقان التخصص، وتجويد العمل، ومن خلال الابداع في تقديم الخدمة العامة للجمهور، ومن خلال الحرص على المال العام ومقدرات الدولة بعيداً عن المصالح الضيقة، وبعيداً عن كل عبارات النفاق والتزلف، لأن امتلاك لسان المدح والثناء، والبلاغة الموجهة في هذا المسار ليست معياراً صادقا على الولاء الحقيقي، ولا يعبّر عن الانتماء الوطني بكل يقين.
(الدستور)





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :