facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




الأردن: ماذا بعد انسداد أفق التسوية السلمية?


رنا الصباغ
11-05-2008 03:00 AM

بين طموحات مؤتمر أنابوليس أواخر العام الماضي وخيبة الرئيس الامريكي جورج بوش وهو يغادر البيت الأبيض بعد أِشهر, يقف الأردن على مفترق طرق بانتظار الأسوأ, في غياب أي تقدم يبعث على الأمل لجهة تحقيق وعد "بوش الإلهي" بإقامة دولة فلسطينية مستقلة مع أفول ولايته. بدلا من ذلك يتواصل تصاعد دخان التعمية التفاوضي وجولات كوندوليزا رايس المكّوكية من دون نتيجة.

اللغة التي سمعتها 30 شخصية سياسية واقتصادية وإعلامية من الملك عبدالله الثاني حين استضافها على غداء عمل يوم الخميس بانت "أقل تفاؤلا" مقارنة مع ما سمعته في لقاءات سابقة مع رأس الدولة, قبل وبعد أن كثّف الأردن حملته الدبلوماسية الصيف الماضي على أمل قنص الفرصة الأخيرة لتحقيق حل على اساس دولتين في عهد بوش.

خرج الحضور بانطباع أن جمود المسار السلمي لن يثني الأردن عن مواصلة المعركة على جبهة الدبلوماسية في ربع الساعة الأخيرة. ذلك أن قيام دولة فلسطينية مستقلة يشكل أولوية استراتيجية بالنسبة للأردن وضمانة الأمن والاستقرار في بلد نصف عدد سكانه من أصول فلسطينية, غالبيتهم لمّا يحسم أمر هويتهم السياسية بانتظار حق العودة و/أوالتعويض.

ستواصل المملكة إسناد موقف السلطة الوطنية الفلسطينية التفاوضي بقيادة الرئيس الفتحاوي محمود عباس (ابو مازن), وذلك رغم تقهقر موقفه بسبب عدم حصول أي اختراق على جبهات التفاوض الأساسية, بعد ستة أشهر من انطلاقها بكثافة, استمرار النشاط الاستيطاني وبقاء الحصار.

على أرض الواقع, ثمة إقرار رسمي متنام بأن فرص اقامة الدولة الفلسطينية العتيدة او حتى إنجاز اتفاق إطار سياسي يقبل به الطرفان أصبحت تتطلب معجزة.

الإدارة الامريكية أثبتت أنها غير قادرة على التحول من مرحلة بذل الجهد إلى الضغط وصولا إلى اتفاقات مع نهاية العام. والرئيس القادم سيكون معنيا بالتركيز على الأجندة الداخلية قبل أن يحوّل نظره وراء الحدود بعد عام أو عامين.

صورة المشهد السياسي أضحت واضحة. فأبو مازن غير قادر على انتزاع اتفاق تقبله حماس ويوفر له مشروعية فلسطينية. بينما يشتبك أولمرت في معركة حياة أو موت من أجل مستقبله السياسي في مواجهة فضيحة فساد جديدة قد تجبره على الاستقالة قريبا, ما يعني وقف المسار التفاوضي وإجراء انتخابات مبكرة .

ويفاقم من ضبابية المشهد التحول الاخير في ميزان القوى الاقليمية بعد ان قامت الحكومة اللبنانية الموالية لأمريكا والمعارضة اللبنانية بقيادة حزب الله السماح لنفسيهما باقحام لبنان في اتون حرب أهلية ثانية ساهمت بدخول أيران على خط التماس مع واشنطن في لبنان لمصلحة اجندة محور الممانعة. هذه العوامل مجتمعة قد تحول ملف لبنان ومستقبل غزة الى أولويات خلال ما تبقى من فترة رئاسة بوش على حساب ملفي فلسطين والعراق بحسب ما ينقل عن اصحاب القرار العربي.

يزيد من تعقيد المشهد الإقليمي عودة إسرائيل إلى لعبة تبديل المسارات التفاوضية من خلال إعلانها العرض على سورية الانسحاب من الجولان مقابل السلام, هروبا على الأرجح من ضغوط التوصل الى اتفاق اطار مع الفلسطينيين.

اذا, وصل خيار السلام الى مأزق. وعلى الأرجح لن يسجل أي تقدم جوهري حتى العام المقبل. بعدها لن تبقى أرض فلسطينية متصلة جغرافيا يمكن أن تشكّل كيانا مستقلا قابلا للحياة.

الشكّ العربي بدأ حتى قبل مفاوضات أنابوليس. لكن كان الهدف من وراء الجهد الدبلوماسي العربي, الذي قاده الأردن بغطاء فلسطيني »مصري-سعودي«, حشر إسرائيل في الزاوية أمام الرأي العام العالمي المساند.

وتستمر اجواء التشكيك. لغاية اليوم لم تدخل المفاوضات في صلب قضايا أساسية. كما أنّها لم تبحث في ضرورة تطبيق مبادرة السلام العربية - مقايضة الأرض العربية المحتلة عام 1967 باعتراف عربي إسلامي في حق اسرائيل بالوجود وتوفير ضمانات امنية وتطبيع سياسي واقتصادي. وما زالت اسرائيل تعمل على إفشال جهود موسكو لعقد مؤتمر تكميلي لأنابوليس هذا الصيف.

المفارقة أن مقاربة أبو مازن حيال نتائج المفاوضات تتأرجح بين التجهم الشديد والتفاؤل. بعد التشاؤم يجري الحديث الآن عن "إحراز تقدم". مع ذلك, لم يتسرب شيء ذو قيمة تذكر. ولم تتحسن نوعية حياة الشعب الفلسطيني.

في لقاء عباس-أولمرت الأخير- الذي وصف بأنه "الأهم والأكثر جدية"- أحرز تقدم في مسألتي الحدود والأمن. غير ان البحث لم يتطرق الى مستقبل اللاجئين, كما أن القدس لم تطرح بتاتا حتى الآن وسط إصرار إسرائيلي على إبقائها خارج إطار الحل النهائي. ويظل السؤال الاهم: على ماذا يتفاوض الجانبان? الجواب سيظهر قريبا. بالتحديد بعد جولة بوش في المنطقة بين 13 و 18 أيار للمشاركة في الذكرى الـ60 لقيام دولة اسرائيل على أنقاض فلسطين.

لكن لن ينضج شيء على الأرجح. فمؤشرات التشاؤم واضحة.

في لقاءاتهما كافة منذ أنابوليس, كان اولمرت يتعهد لعباس شفاهة في التوصل الى اتفاق يقوم على إنشاء دولة فلسطينية مستقلة في الضفة الغربية مع تبادل للاراضي بنسب متساوية. غير ان الخرائط التي قدمتها أخيرا وزيرة الخارجية الإسرائيلية تسيبي ليفني إلى رئيس الوفد الفلسطيني أحمد قريع بدّدت الآمال بفرص التوصل الى تسوية مقبولة, بحسب تقرير لصحيفة الحياة اللندنية تطابق ما ورد فيه مع آراء شخصيات فلسطينية مقربة من أبو مازن في عمان.

الخرائط تظهر نية إسرائيل ضم القدس مقابل تبادل أراض بنسبة عشرة في المئة. وهي الأرض الواقعة خلف الجدار التي تضم الكتل الاستيطانية, وإبقاء السيطرة على الأغوار التي تشكّل 28 في المئة من مساحة الضفة الغربية. قبول هكذا طرح يرقى إلى انتحار سياسي لابو مازن وللاعتدال العربي الذي يصر على اتفاق إطار يحدّد أسس الحل السياسي- وفي مقدمتها اقامة دولة مستقلة على حدود 4/6/1967 وعاصمتها القدس الشرقية وتطبيق قرارات الشرعية الدولية فيما يتعلق بقضية اللاجئين.

اذاً المطلوب إسرائيليا غير مقبول فلسطينيا وعربيا والعكس صحيح.

تستبق دول الاعتدال زيارة بوش. زار الملك عبدالله الثاني واشنطن قبل أسبوعين ليتحدث لآخر مرة باسم شركائه العرب ويبلغه أنّه في حال اصراره على عقد قمة عربية-إسرائيلية في شرم الشيخ منتصف الشهر الحالي فإن عليه "إعطاء المشاركين شيئا ملموسا ليشهروه" أمام الرأي العام المناوئ لجهود التسوية الحالية على مقاس اسرائيل.

"الملك أبلغ بوش أن الحد الأدنى المقبول لضمان مشاركة عربية في قمّة كهذه هو الإعلان عن اتفاق اطار إسرائيلي-فلسطيني يبلور مسار التسوية لنهاية العام" بحسب دبلوماسيين عرب.

لكن لم يتبلور شيء. وأفشلت إسرائيل أيضا الجهد الأخير بإصرارها أنها لن تحضر قمة قد يمارس فيها ضغوط عليها لقبول حل وسط.

وتمت الاستعاضة عن القمة الموسعة بقمم ثنائية ستجمع بوش وزعماء المنطقة في شرم الشيخ الأسبوع المقبل.

غداة القمة الأردنية-الامريكية, التقى بوش أبو مازن الذي حمل معه تفاهمات فلسطينية مدعومة من الأردن ومصر والسعودية حول مفهوم مقبول عربيا حيال حق العودة, وتبادل الأراضي. أبو مازن تلقّى صفعة مؤلمة.

في معرض ردّه على مطلب وقف الاستيطان وهو الأول على أجندة ابو مازن, قال له بوش إن "ما يهمه هو الصورة الكبرى وليس التفاصيل". هذا يفسّر بأن إسرائيل ستترك من دون قيود لتقرير مصير الأرض من طرف واحد عبر أساليب الخداع والمناورة وتكثيف الاستيطان في المنطقة الفارغة بين القدس ومستوطنات "معالي ادوميم" الواقعة على مشارف أريحا ما سيؤدي الى إغلاق القدس وشق الضفة الغربية الى قسمين.

ثم دخلت مصر على خط الجهد الدبلوماسي بعمل استباقي.

القاهرة تريد التوصل الى تهدئة تدريجية بين إسرائيل والفلسطينيين تبدأ في غزّة ثم تنتقل لاحقا إلى الضفة الغربية. لذا استضافت 14 فصيلا فلسطينيا بمن فيهم حماس وفتح والجهاد. جميع الأفرقاء يدعمون الجهد المصري من أجل توفير المناخ المناسب أمام رفع الحصار وإنهاء حال الانقسام الفلسطيني.

سيزور مدير الاستخبارات المصرية عمر سليمان إسرائيل بعد احتفالاتها للتفاهم معها في شأن التهدئة وسط توقعات بإمكانية قيام إسرائيل بوضع شروط غير مكتوبة قبل الموافقة لأنها ترفض الاعتراف بحماس أو التعامل معها الا ضمن شروط الرباعية الدولية.

من بين مطالب إسرائيل مراقبة القدرات العسكرية للفصائل الفلسطينية وإحكام السيطرة على الأنفاق بين مصر وغزة.

في حال وافقت اسرائيل على عرض التهدئة سيتعزز موقف حماس في غزّة على حساب أبو مازن وسلطته في رام الله. سيساعد ذلك مصر على مسك العصا الفلسطينية من الوسط, بين حماس والسلطة.

ذلك قد يعني أيضا إعطاء دور أكبر لمصر في تهدئة القطاع ما يصب في مخطط إسرائيل الساعي إلى فصل الضفة الغربية عن القطاع. وهنا قد تبدأ ضغوط إسرائيلية وأمريكية على الاردن لكي يقوم بدور أمني وإداري في الضفة الغربية الأمر الذي يرفضه الأردن.

السيناريو الأسوأ يتحدث عن اجتياح إسرائيلي واسع لغزّة لتدمير قوّة حماس العسكرية ومنصّات إطلاق صواريخها على اسرائيل, ما يضع مصر ودول الاعتدال وابو مازن جميعا في موقف صعب بينما تستمر اسرائيل في ابتلاع ما تبقى من الأراضي.

في هذه الأثناء تشارف رئاسة أبو مازن على الانتهاء أواخر العام بينما تنتهي ولاية المجلس الوطني التشريعي مطلع .2010 سوء الأوضاع قد يدفع باتجاه انتخابات رئاسية وتشريعية خلال الأشهر المقبلة لتمتين الجبهة الداخلية أمام الأمر الواقع. هذا يرفع كفّة الاحتمالات لصالح فوز مرشح حماسي يمثل جميع الفلسطينيين بخاصة وأن موقف أبو مازن وحركة فتح انهار في غياب ادوات اقتصادية وامنية وسياسية داعمة.

وقد ينتقل مقر السلطة من رام الله الى غزة التي تصبح مركز ثقل الدولة الفلسطينية الجديدة سيما بعد إبداء حماس موافقة على هدنة مع إسرائيل لمدّة 25 عاما وقبولها بقيام دولة فلسطينية داخل أراضي .1967

خارطة المشهد السياسي الفلسطيني الاسرائيلي مخيفة. فشل مستمر مرشح لأن يدوم لسنوات اذا لم ينجح اولمرت وابو مازن في استحضار معجزة سريعة تساعد على قلب موازين القوى على الارض.

ففي خيار التهدئة كما في الخيار العسكري ضربة لمصداقية وأجندة دول الاعتدال التي تجد نفسها مرة أخرى غير قادرة على الضغط على امريكا واسرائيل. يبقى أن فشل الاتفاق على اطار حل للدولة الفلسطينية هذه المرة قد يفتح الباب على مصراعيه امام نكبة ثانية تحل بالشعب الفلسطيني, لتدفن معها الى الأبد ما تبقى من احلام الحق الفلسطيني.

أردنيا, بدأ التحضير لمرحلة ما بعد فشل الجهد الدبلوماسي الأخير. لن يقبل الأردن بأي حلول قد تأتي على حسابه بعد ان تكون الحركة الوطنية الفلسطينية أمضت أكثر من 35 عاما من عمرها في تبني خيار الدولة المستقلة إلى جانب إسرائيل.

ثمّة اصوات فلسطينية واسرائيلية وأمريكية بدأت تتحدث عن ضرورة تجاوز خيار الدولة والانفتاح على خيارات أخرى مثل الدولة الواحدة (سواء كانت ثنائية القومية او دولة ديمقراطية علمانية). وهناك خيارات في ثنايا هذا النقاش الدائر مثل الكونفدرالية مع إسرائيل و/او الاردن, او دولة كونفدرالية ثلاثية بين الأردن, فلسطين وإسرائيل.

الخيار الاردني بكل اشكاله مرفوض حتى. لو اضطرت المملكة إلى خوض حرب. هذا ما نقل عن أجواء اجتماع الملك مع النخب قبل ثلاثة ايام. وفي ذلك الخطاب امتداد لموقف الملك منذ ان اعتلى العرش عام .1999

في غياب الأفق السياسي, ستلتزم المملكة بنص معاهدة السلام. ستحمي حدودها من أي هجرات قسرية او صامتة تدفع بها إسرائيل شرقا. وستسعى للحفاظ على معادلة التوازنات الداخلية الحسّاسة. أما في حال قامت معجزة الدولة الفلسطينية في الضفة والقطاع, حسبما يقبل به الفلسطينيون, فإن الأردن لا يفكر بأي صيغ تعاون تعيده لإشكالية ما قبل .1967 بل سيتعامل مع الكيان الناجز شأنه شأن أي دولة أخرى تتشارك معها في مصالح ثنائية واستراتيجية ودبلوماسية.
العرب اليوم.





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :