facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




هل الروح علم للروح القدس؟ *سيف الله حسين الرواشدة

03-04-2016 03:31 PM

كتب سيف الله حسين الرواشدة

الرّوح و النّفس و الجسد هنّ الإنسان و لكن ما هو الإنسان؟! أعظم ما نفقده مع العمر هي الدّهشة، تلكم التي يمتلكها الأطفال، فهم من يسأل عن كنه كلّ شيء و يثيرهم أي شيء، و يريدون تعلّم كلّ شيء، و كم منّا قد تبرّم غضبًا بسيل أسئلة الأطفال التي لا تنقطع، فإذا مضى بنا العمر أمست كلّ هذه الاشياء و ما يلفّها من غموض، بسيطة جدًّا و معتادة و راتبة، و ظننّا أننا نفهمها و أننا فككنا أسرارها و حللنا طلاسمها، ولكنّنا إذا ابتعدنا خلف قشورها خطوة واحدة عرفنا أننا نجهلها، فهل نحن نعلم ما هو الإنسان حقًا؟ و الأهم من هذا لماذا نريد أن نعرف ما هو الإنسان؟ لنبدأ بالسّؤال الأخير، نحن لابدّ أن نعرف ما هو الإنسان حتى نعرف ما معنى خلافته، و لماذا خُلق و ما الذي يميّزه عن باقي الخلق؟ و إذا كنت تريد أن تقول لي: أننا خُلقنا لنعبد اللّه! فكلّ الخلق كذلك و لكن لماذا خُلقنا نحن على هذه الصّورة بالذات؟ و إذا أردت أن تقول: حتّى نعبد الله و نأتيه حبًّا و طواعية وأننا مُيّزنا بحريّة الإرادة، أقول لك: كذلك الجن فلولا حريّة الإراداة ما عصى إبليس ربه! إذن لابدّ لنا أن نعرف الإنسان حقًّا حتّى تستقيم أمامنا مسالك العبادة و نفوز بالرّضى و القبول. أمّا هل نحن نعرف حقًّا من نحن؟! فالإجابة مناطة بمعرفتنا بالرّوح و النّفس و الجسد فهؤلاء مجتمعون نحن.
أمّا الجسد فهو المخلوق في البدء من طينٍ مسنون و حمأ و بعدها كان في بطون أمهاتنا كما يصفه الذّكر الحكيم، و هو العنصر المادّي الملموس الفاني المحبوسة النّفس بين جنباته، أما النّفس و قد ورد ذكرها في القرآن الكريم 295 مرة، فهي التي تكلّف (لَا تُكَلَّفُ نَفْسٌ إِلَّا وُسْعَهَا)، و توفّى (ثُمَّ تُوَفَّىٰ كُلُّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ)، و تموت ( كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ وَإِنَّمَا تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ )، و منها خُلقنا -فهي أساس الخلق- (وَهُوَ الَّذِي أَنْشَأَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ فَمُسْتَقَرٌّ وَمُسْتَوْدَعٌ)، و هي التى تُعذّب و تُثاب و هي التي يُشفع لها (يَعْلَمُ مَا تَكْسِبُ كُلُّ نَفْسٍ وَسَيَعْلَمُ الْكُفَّارُ لِمَنْ عُقْبَى الدَّارِ)، و هي التي يحاسبها ربها (يَوْمَ تَأْتِي كُلُّ نَفْسٍ تُجَادِلُ عَنْ نَفْسِهَا)، و هي التي تُرزق و تكسب (وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَاذَا تَكْسِبُ غَدًا)، و هي التي تتربّى بالطّاعات و مجاهدة الهوى (يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ )، والتي إذا أُهملت كانت تأمر بالفحشاء و المنكر (وَلَا أُقْسِمُ بِالنَّفْسِ اللَّوَّامَةِ)، هي بكلّ تفصيلاتها و أوصافها نحن بما تمتلك كلمة الإنسان من معنى مخزونٍ في وجداننا. إذا كانت النّفس تحتلّ كلّ هذه المعاني، و تبسط سلطانها على معنى الإنسان البسيط في وجداننا، فما هي الرّوح التي لم تأتِ بصيغة الجمع في القرآن أبدًا إذن؟ ستجد نفسك تردد قوله تعالى: (قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا) و ستهمل أمرين مهمّين جدًّا، أوّلهما تفسير هذه الآية و مناسبة نزولها، و ثانيهما أنّنا حقًّا لم نأتِ من العلم إلا قليلًا لكنّنا أُمرنا بإعمال عقولنا و التّفكّر، فالعقل بالأساس كان مناط التّكليف و غيابه يعصمك من الحساب بالضّرورة، ضرورة غياب سبب التّكليف، أمّا تفسير هذه الآية فابن القيّم يقول مثلًا أنّ الرّوح هنا ليست أحد مكوّنات الإنسان بل هي ملاكٌ عظيم لا يعلم أمره إلا الله! لا تدع ما رتب في نفسك من موروث لا نعلم من أين أتيت به، يجعلك تُعرض عن هذه الحقيقة التي أتت أوصافها (أوصاف الرّوح) في القرآن مطابقةً لهذا المعنى فقد وردت الروح في الذّكر الحكيم بهذا المعنى في مواضع شتى منها: (يَوْمَ يَقُومُ الرُّوحُ وَالْمَلَائِكَةُ صَفًّا) (قُلْ نَزَّلَهُ رُوحُ الْقُدُسِ مِنْ رَبِّكَ بِالْحَقِّ لِيُثَبِّتَ الَّذِينَ آمَنُوا) (فَأَرْسَلْنَا إِلَيْهَا رُوحَنَا فَتَمَثَّلَ لَهَا بَشَرًا سَوِيًّا) (تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِمْ مِنْ كُلِّ أَمْرٍ) (تَعْرُجُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ) و تحمل هذه الآيات المعنى الذي يريده ابن القيّم بشكلٍ جليّ واضح إذ إنّها تقدّم الرّوح لنا على أنّها خلقٌ منفصل، و في موروثنا الدّيني فإن هذا الخلق هو الرّوح القدس جبريل (روح الله)، ويبقى قبل أن نُكمل هذه الرّحلة أن نجيب عن سؤال المناسبة، وجلنّا يعلم أنّ هذا السّؤال (عن أمر الرّوح) كان بعضًا من أسئلة أهل الكتاب لنبيّنا محمّد حتى يتبيّن لهم صدق رسالته و بعثه، و قد كانوا يعلمون أمر ما كانوا يسألون عنه. أمّا الرّوح فإنّها ترد في القرآن بما يظنّه البعض معنى آخر في مواقع أخرى، فتأتي بمشهد خلق سيّدنا آدم (فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي فَقَعُوا لَهُ سَاجِدِينَ)، و مشهد خلق سيّدنا عيسى (وَمَرْيَمَ ابْنَتَ عِمْرَانَ الَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا فَنَفَخْنَا فِيهِ مِنْ رُوحِنَا)، ما القاسم المشترك بين هذين النّبيين بالتّحديد؟! و لماذا هما من التصق بقصّة خلقهما وصف نفخ الرّوح فقط؟ في بادئ الأمر سنقول أنّهما خُلقا و لم يكن لهما أب. لكنّهما إن ظننت أنّهما اجتمعا في هذا التّفصيل فما يلبثان أن يختلفا فيه أيضًا، فجسد آدم عليه السلام مثلاً خُلق من طين مسنونٍ و حمأ، أمّا جسد عيسى عليه السلام خُلق في بطن أمّه، فاختلاف خلق الجسد واضح مع اشتراكهما في غياب الأبوّة، لكنّهما يجتمعان في حصولهما على العلم، فعلم آدم الذي سجدت له الملائكة بسببه وكان أساس تفضيله عليهم تزامن مع نفخ الرّوح فيه، و كلّنا يعلم قصة عيسى الذي كلمّ الناس في المهد، وأيضا نحن لم نسمع بملك نزل على عيسى بوحيٍ أو نزل على آدم، و إن دلّ هذا على شيء دلّ على اكتمال علمهما بنفخ الرّوح فيهم، و إذا نظرنا أيضًا للقصة من زاوية ابن القيّم أنّ الرّوح الملاك العظيم (روح الله) فإنّ قيامه هو بفعل النّفخ مع ثبوت عموم القدرة للّه لا يُنقص القصّة و لا يتضاد معها، و يبقى الموضع الثّالث التي جاءت به كلمة الرّوح في التّنزيل، و قد جاءت بمعنى النّصرة و الرّحمة و التّأييد في قوله تعالى: (أُولَٰئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الْإِيمَانَ وَأَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ) (إِنَّهُ لَا يَيْأَسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ) (اذْكُرْ نِعْمَتِي عَلَيْكَ وَعَلَىٰ وَالِدَتِكَ إِذْ أَيَّدْتُكَ بِرُوحِ الْقُدُسِ ) (وَآتَيْنَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ الْبَيِّنَاتِ وَأَيَّدْنَاهُ بِرُوحِ الْقُدُسِ) و جاءت بمعنى العلم صراحةً في قوله تعالى: يُلْقِي الرُّوحَ مِنْ أَمْرِهِ عَلَىٰ مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ لِيُنْذِرَ يَوْمَ التَّلَاقِ ) و هذا لا يتنافى مع أنّ الرّوح هنا هي العلم، علم النّبوّة أو علم الدّنيا، أو أنّها نصرة السّماء للإنسان، أو رحمتها به، و كلّ هذه المعاني تدور في فلكٍ واحد و هي علاقة الإنسان بالسّماء (و هذا لا يأت مفردا و جمعًا بل هو وصف حالةٍ يأتي بصيغ المفرد أبدًا، كذلك كلمة الرّوح لم تأتِ إلا بصيغة المفرد في القرآن بخلاف النّفس)، و ما كلّ الذي سبق إلا تجليّات و نتائج لهذه العلاقة، فإذا قلنا أنّ الرّوح القدس هو الملاك العظيم و نفخة الرّوح تدلّ على الرّوابط بين السّماء و العبد، و أنّ الرّوح في الإنسان هي مؤشّر علاقة العبد بالسّماء و أداتها (الرّوح القدس و أمين الوحي و التّنزيل) و أنّ أوصاف هذا المخلوق العظيم هي من أمر اللّه، لأنّه واقع في علمه الأزلي، وأننا نحوز من هذا العلم ما شاء الله لنا أن نحوز، اتضح أمر الروح لنا اتضاحًا يكفينا بما استتر منه و فيه، كاتضاح الجنّة لنا بما استتر منها و فيها، فإنّا نعلم أنّها كما لا عينٌ رأت و لا أذنٌ سمعت و لا خطر على قلب بشر، لكنّنا نفهمها فهمًا يكفّ عنّا السؤال عنها، و كذلك تحت هذه التّعرفيات يصبح للرّوح في وجداننا وجود يقارب وجود الجنّة، و يبقى السّؤال الأخير هل تكون الرّوح مكوّنًا للإنسان يوم البعث و الحساب و العذاب و الثّواب؟ لا تجبني بسرعة، فالأمر أعقد من هذا، كلّنا نتفق أنّ الرّوح أزليّة دهريّة فهي ( روح الله) و هذا يجوز أيضا اذا قلنا أنّها علمه أيضًا، و لكن هي لا تُحاسب و لا تُعذّب و لا تُثاب، فالقرآن كان واضحًا بإلصاق هذه الأوصاف بالنّفس، إذن أين تكون منّا في يوم البعث، وهنا تقفز الى الأذهان أنّ بصر الميّت حديد، أي أنّه حاز من العلم مقدارًا، يقيم الحجّة على نفسه به، فإذا كانت الرّوح كما أسلفنا هي مقدار لهذا العلم و مؤشر (للعلاقة بين علمنا و عالم الغيب)، فالميّت لا يحتاجها و المبعوث لا يحتاجها كذلك المتنعّم أو المعذّب، فكل شيء ساعتها بيّن جلي. كلّ هذا يسوقنا إلى مسلكٍ واحد و هو مسلك خطاب النّفس الذي أظنّ بعد كلّ هذا يحتاج منّا إلى تعديل و إصلاح ما اضطرب منه، فهي نحن بكل ما ندرك نحن منّا. و في النّهاية نحن بني البشر لم نأتِ من العلم إلا قليلّا، و لكنّنا أمرنا بالتّفكّر و إعمال العقل و البحث في السّنن و الاجتهاد، فاللهمّ هذا اجتهادنا نريد به وجهك الكريم لا غير، فإن أصبنا فالحمد لك ذلك مما هديتنا له، وإن أخطأنا فذلك مما جنت عليه أنفسنا و أنت العفوّ الكريم. و اللّه من وراء كلّ مقصد.





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :