عمون - كتب عارف عواد الهلال

وداعا
في رثاء المرحوم الصديق الدكتور شاهر أحمد العساف العدوان
حَالَـتْ وَحَلَّتْ بِهَـا الأنــوَارُ وَالظُّلَمُ
....................................أمُّ الثَّوانِـي فَفِيهَــا الحِــلُّ وَالحَــــرَمُ
هَامَتْ وَقَـد عَلِمَتْ نَفْسٌ وَمَا كَسِبَتْ
....................................نَفْـسٌ نَفُـورٌ وَنَفْـسٌ بَرَّهَــا الـرَّأمُ(1)
هَاجَتْ شُجُـونِي هَتُـونُ العَينِ تَذْرِفُهَا
....................................مِنْ فَيضِ هَيضٍ سِكَابَاً سَحَّهَا السَّجَمُ
مَا كُـلُّ مَــرْءٍ إذا رَقَّــتْ جَوانِحُــــهُ
....................................عِنــدَ الــــوِدَاعِ بِغَيرِ الوَجْـــدِ مُتَّهَمُ
إنِّي بَصُرْتُ بِمَــنْ أقفَــتْ رَوَاحِلُـــهُ
....................................حَتَّى تَــوَارَى وَرَاءَ الغَيهَبِ العَلَـــمُ
دَأبُ اللَيَالِـي عَلَى غُبْــنٍ تُخَاتِلُنَــــــا
....................................تَبْغِــي عَلَينَــا كَمَــا لَو أنَّنَــــا خَدَمُ
ذَاتُ النَّقَائضِ ثَـــوبُ الزَّيْفِ جَمَّلَهَـا
....................................البَرْمُ وَالنَّقْضُ وَالإبـرَاءُ وَالوَصَمُ(2)
لا تأمَنَنَّ وَإنْ لاحَــتْ بَـــــــوَارِقُهَا
....................................دُنيَــاكَ ظِــلٌّ غَشَاهَا الهَمُّ وَالسَّدَمُ(3)
كَـمْ لَاحَ بَــرْقٌ لَنَا فِي البِيــدِ نَحسَبُـهُ
....................................يُوفِـي إلينَا وَمُنــذُ الأمـسِ مُقتَسَــمُ
غَــرَّتْ غَــرُورَاً بِعَهــدٍ لا وِثَاقَ لَـهُ
....................................تُبدِي الهَـوَى وَلَهَـا فِي النَّكثِ مُنصَرَمُ
إنْ مَا ابتُلِينَــا بِهَــا ظَلَّــتْ تُرَاوِغُنَــا
....................................جُــدْنَا بِعُمْــرٍ وَلمَّــا أوشَـــكَ الهَرَمُ
قَالَـتْ تَمَنَّـى فَقُلتُ اليَـــومَ صَاحِبَتِي
....................................عَفْــوَ الكَرِيــمِ بِصَوتٍ جَرَّهُ النَّأمُ(4)
إنِّـي دَرَيـتُ وَبَعـضُ العِلـــمِ أجهَلُهُ
....................................كَيــفَ التَّمَنِــي وَيُمنَى القَائلِ الكَرَمُ
هَــاتِ المِــدَادَ وَقَــرِّي غَيرَ خَاذِلَـــةٍ
....................................عَلِّـيْ أسائــلُ هَلْ بَعدَ النَّوى وَأَمُ(5)
يَا شَاهِـرَ السَّيفِ هَلْ مَا زِلتَ شَاهِـرَهُ
....................................أمْ قَـد أصابَـكَ مَا قَــد خَطَّــهُ القَلَمُ
إنْ كُنـتَ أمْسَ بِهَــذَا الحَيِّ ذَا وَلَــــهٍ
....................................فَاليــومَ وَدَّعتَ حَيَّـاً سَـــادَهُ الوَجَمُ
تِلكَ الدَّوَاهِــي عَلَى هَــونٍ تُفَـــرِّقُنَا
....................................مُنـذُ الخَلِيقَــةِ مَا زَلَّــتْ بِهَـــا القَدَمُ
تَأتِــي عَلَـى قَــدَرٍ تَمشِي بِلا حَـــذَرٍ
....................................طَــوعُ المَنَــايَا فَــلا رُمحٌ وَلَا لَأَمُ(6)
لا يَدفَـعُ المَـوتَ أو يُدْنِـي عَوَازِمَـــهُ
....................................مَنْ سَــرَّهُ البُرْءُ أوْ مَنْ ضَــرَّهُ السَّقَمُ
كَــمْ مِنْ سَقِيمٍ أطَــالَ الدَّهرُ بُرْهَتَــهُ
....................................وَابنِ البَرَاءِ سَــرَى فِي بُرْئــــــهِ الألَمُ
مَا بَينَ نَشْــرٍ وَطَــيٍّ قَيــدُ أُنمُلَـــــةٍ
....................................لَو أُخلِــدَ المَــرءُ يُلقِي بُؤسَــهُ السَّأمُ
حَبـلُ الأمَانِي يَزِيـــدُ العُمْــرَ مُتَّسَعَاً
....................................يَختَــالُ فِي عَــدَمٍ يُفضِي بِـــهِ العَــدَمُ
فَالرُّوحُ تَسكُنُهَـا الآمَـــالُ مَا بَرَحَتْ
....................................حِينَــا بِــلاءٍ وَحِينَــاً قُولُهَـــــا نَعَمُ
طَالَـتْ وَطَــالَ رَفِيـفُ الهَمْسِ بَينَهُمَا
....................................يُصغِــي إليهَـــا وَمِنهَا يَحنَثُ القَسَمُ
إنْ تَرغَـبَ النَّفْسُ بِالإبْطَــاءِ يُعْجِلُهَا
....................................عَـدُّ ازدِيــادٍ بِنُقصَــــانٍ وَمُحتَــــدَمُ
لَو طَــالَ عُمْـرٌ فَلا حِــرْزٌ يُصَاحِبُــهُ
....................................لا بُدَّ تَدنُو الخُطَى إنْ حَـدَّهُ الكَهَمُ(7)
يَا مَـوتُ، يَا سَيِّدَ الأحكَامِ حَيثُ دَنَـا
....................................إنَّــا أطَعنَــا إذا مَا يَنطِــقُ الحَكَــــمُ
يَا بُعــدَ نَــأيٍ وَبَعــضُ النَّأيِ أقرَبُـهُ
....................................والنَّأيُ فُرقَى وَفِي بَعضِ النَّوَى الشَّمَمُ
فَاهنَـأْ بِمَـوتٍ عَزيـزُ النَّفْـسِ يَطلُبُــهُ
....................................إنْ مَا تَطَــاوَلَ فَــوقَ الفَــارِعِ القَزَمُ
(1) الرأم: العطف، من رأم يرأم، فالفاعل رؤوم، والمفعول مرؤوم.
(2) البرم: فتل الخيط مثنى ليكتسب قوة أكثر. والنقض: ضد الإحكام. والإبراء: نفي الاتهام. والوصم: إثباته.
(3) السدم: الحزن يحدثه الندم.
(4) النأم: الصوت الخفي، ومنه النئيم.
(5) الوأم: الألفة، وهي ذاتها الوئام.
(6) اللأم: جمع لأمة، وهي الدرع.
(7) الكهم: الضعف، والبطء.