facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




إرهاب مبطن يستهدف الأردنيين


رنا الصباغ
29-04-2007 03:00 AM

يبدأ المشهد الدرامي بصرخة ثم تأوه فانبطاح إلى جانب أو أمام المركبة السائرة على باب الله. وحتى يصبح المشهد مؤثرا قد تنفر دمعة من عين "الضحية" قبل أن يسترسل بتعداد مآسي حياته منذ ولادته. تنتهي هذه اللقطة عندما يقبض المتمارض حفنة دنانير من أجل علاج سريع ثم يتوارى خلف الزحام.

يفضّل بطل الفيلم الافتراضي المتكرّر أن تكون خلف المقود إمرأة حتى يسهل عليه استثارة عواطفها فيقبض الثمن نقدا ويفّر من مسرح الحادث. ثم يبدأ برسم سيناريو فيلمه المقبل.

الأجهزة الأمنية لحظت طرق الاحتيال والنصب تلك قبل عشر سنوات وهي وسائل ما تزال رائجة. خطوات الصيد: شخص أو أكثر يتظاهر بأنه تعرض للدهس في مشاهد دراماتيكية تذكّر بدور لعبة النجم المصري نور الشريف في فيلم "دم الغزال" - ذلك الذي يذهب هدرا بلا ثمن.

نور الشريف لعب دور "عميش" الرجل الفقير الذي يدعّي أمام جيرانه في حارة قاهرية بأنّه يحصل كل شهر على إيراد أرضه الواسعة في الريف. لكنّ المشاهد يعرف أن عميش يجمع المال عبر اصطياد سيارات الأثرياء التي تقودها فتيات ليلقي نفسه أمامها. ثم يتّهم السائقة بأن المسؤولية تقع عليها فتحاول ترضيته بمبلغ مالي كبير يكفيه شهرا أو يزيد بل يجعله يعين أصدقاءه بقروض.

قبل أن يموت عميش أثناء تمثيلية من تمثيلياته الخطيرة يوصي بألا يتم إبلاغ أهل حارته بأنه مات. لذلك ضاع دمه هدرا في صراع بين طبقة عميش الفقيرة التي تحاول ابتزاز الطبقة الغنية بأي وسيلة, بينما ترى الأخيرة بأن الطبقة الفقيرة مجرد آلة تسكتها الفلوس وتكتم فمّها.

هذا ما حصل مع أحد المعارف قبل أيام في منطقة الشميساني على مقربة من مبنى وزارة المياه. لكنّ الله خفّف ولطف لأن "عميش" الأردني ابن الـ 58 عاما, لم يمت خلال عملية "الصيد". لا بل لعب وبإتقان فني عال دور الضحية الغلبان الذي ادعّى بأنه أصيب بكسر في اصبعين من اصابع يده اليمنى و"بشعر في منطقة الكوع". وهكذا نال 350 دينارا من "ضحيته" التي كانت خلف مقود سيارة حديثة في شارع فرعي في طريقها لموعد عمل.

كيف بدأت عملية الابتزاز؟ دوى صوت ارتطام جسم بالجهة اليمني للسيارة بينما كانت تسير بسرعة بطيئة جدا. توقفت السائقة وإذ بها أمام رجل يلف رأسه بشماغ أحمر وأبيض ويحمل مجموعة اوراق. بدا ضعيف البنية ومنهكا. وضع يده على كوعه وأخذ يلف في مكانه "من شدّة الألم" لا بل أوشك على البكاء والسقوط على الأرض.

بعد ذلك بدأ المونولوج: "خلص عمي تسهلّي والله معك أنا بدبر حالي"..." شكلك بنت ناس وحرام تتبهدلي بالمخفر وتتوقفي بالنظارة وتتحاكمي".

بنت الناس أصرّت على أخذه إلى أقرب مستشفى للاطمئنان على صحته. لكنّه فضّل الذهاب الى مستشفى آخر وقال لها إنه أجرى عملية "تمييل" قلب قبل أسبوعين وأعفاه الاطباء من نصف الرسوم بسبب فقره. بعد التمييل, تابع البطل الحزين, اكتشف أن لديه مشكلة في شرايين القلب وبحاجة الى تناول دواء بـ 88 دينارا شهريا. وزاد أنه لا يعمل ولا يتلقى أي راتب أو تعويض لأنه لم يعمل يوما في مكتب. إذ ذاك زاد تعاطف السائقة التي لم تفق بعد من هول الصدمة فضلا عن خشيتها من أن تكون قد سبّبت لهذا الرجل المسكين مشكلة جديدة فوق أزماته الحياتية.

في الطريق إلى المستشفى بدأ الرجل بالبكاء. ثم قال لها إنه يشعر بالقهر لأن "الدنيا مسكرة بوجهه".

أشار إلى الأوراق بحوزته وقال إنها معاملات رسمية لنيل إعفاء طبي من أجل علاج ابنته ذات الخمسة عشر عاما التي تعاني من ضمور في عظمة الحوض الأيمن قصّرت من رجلها ستة سنتيمترات بعد ان تعرضت لحادث في باحة المدرسة.

لكنّ هذا الرجل, الذي قال إنه يقيم في إربد, لم يستطع اقناع الدولة بتوفير العلاج المجاني, على حد قوله.

ثم ارتفعت وتيرة الشكوى من الضيق. سرد كيف اضطر لبيع كافة ممتلكاته المنزلية بما فيها التلفزيون, وبعض العفش لعلاج ابنته.

خلال حديثه ذكّر السائقة مرارا بأنه, في حال عرفت الشرطة عن الحادث من سجلات المستشفى, فستطلب "فتح تحقيق" ولذلك رأى أن من الأفضل "لملمة الموضوع" وعدم التكلم فيه. ضرب على وتر السيكلوجيا بعد أن اخترق قلبها سهم "التمسكن".

ثم شمّر عن ساعده الايمن فبانت آثار كدمة عند الكوع. قال لها "شكله في نزيف داخلي وكسر لأني مش قادر أحرّك اصابع يدي". عندها زاد خوفها من أن تكون قد ألحقت به أذى. فأوصلته إلى باب المستشفى ومنحته 350 دينارا هي كل ما كان في حوزتها. ثم أعطته رقم هاتف المكتب وأوصته بأن يطمئنها عن حاله بعد الانتهاء من الاجراءات الطبية. بينما همّ بالنزول من السيارة طلب منها ان تساعده اكثر وان تعطيه 430 دينارا ليغطي تكاليف علاج ابنته. عندها شعرت بالطمع وقالت له انها لا تملك اكثر من ذلك واذا لم تعجبه التسوية ربما كان من الأفضل مراجعة مخفر الشرطة لحلّ الاشكال.

حين ذاك قال لها "خلص عميّ... يعطيك ألف عافية, ويخلف عليك" ثم ترجل من السيارة واتجه صوب مدخل قسم الطوارئ.

عادت الضحية إلى مكتبها لتكتشف لاحقا أن الرجل لم يراجع الطوارئ. لأن الشك خامرها, أجرت أتصالات مع المستشفى عبر وسطاء لكن الطبيب المناوب أصر أن أي شخص بهذه المواصفات لم يراجعه. ثم اتصلت مع محام فأبلغها بأنها على الاغلب وقعت ضحية "عملية نصب". راجعت مديرية الامن العام التي حرّكت قسم البحث الجنائي في العبدلي. عرض البحث الجنائي على السيدة عشرات الصور الالكترونية لإصحاب سوابق تحت تصنيف "افتعال حوادث المرور". لكّن السيدة تعرفت عليه مبدئيا في ملف آخر تحت مسمى قضايا "نصب واحتيال". وستباشر اجراءات التقاضي في حال تم القاء القبض عليه والتأكد من هويته.

اكتشفت هذه السيدة حجم وأساليب قضايا النصب والاحتيال.

بحسب مديرية الأمن العام, سجّلت 25 قضية "افتعال حوادث مرور" عام 2006 كشف منها 19 قضية وأوقع العقاب بالجاني. خلال الربع الأول من هذا العام سجّلت ثلاث قضايا فقط. لكن العدد الفعلي لذلك النوع من التصنيف الجرمي قد يكون أكثر بكثير لأن عددا كبيرا منها تحل في الشارع: المال مقابل شراء الوقت وراحة البال.

الاسلوب الاكثر شيوعا في ارتكاب هذا النوع من العمليات- بحسب الرواية الرسمية- يتم كالآتي: يقف المحتالون قرب اشارات المرور في الشوارع العامة, او في شوارع فرعية غير مكتظة. قد يكونون لوحدهم أو مجموعة من ثلاثة: الضحية المفترضة, المفاوض, والمراقب بانتظار مرور "الضحية الانموذج" القادمة في سيارة حديثة. أغلب الضحايا من فئة الاناث او كبار السن لانهم بحسب مسؤول أمن "لا يفضلون الدخول الى مخافر الشرطة لعدة اسباب: الرغبة في إنهاء الحادث وكسب الوقت بعيدا عن روتين الإجراءات الامنية والملاحقة القضائية, نتيجة ثقافة اجتماعية خاطئة عن عملية التقاضي وقناعات مسبقة بأن أي شخص يتسبب بحادث دهس سيتوقف او يسجن. وهذا ليس صحيحا. كذلك يعود الأمر إلى الجهل بنصوص القانون, أو قناعة بأن الشرطة لن تستطيع اثبات أن الحادث مفتعل أو خوف من التبعات الاجتماعية.

يبدو ان اغلب المحتالين يتبعون أسلوب "عميش الأردني". ويستمر مسلسل الابتزاز أياما طوال.

بعد التجربة, من الأفضل إسعاف الشخص ثم إبلاغ الشرطة حتى تعمل مخطط كروكي للحادث المفترض. إذ أن اتباع القوانين والأنظمة الساريّة تكشف تفاصيل الحادث وقد يحوّل التحقيق المشتكى عليه الى مشتك. وللمحكمة تقدير الوضع بالاستناد إلى طبيعة الجرم لا سيما وأن الحوادث تقع عادة قضاء وقدرا ولا ينظر للسائق كمجرم. فالاصرار على أخذ الجاني للمستشفى سيدفعه للفرار غالبا خوفا من أن ينكشف أمره. ولا بد من طلب هوية مفتعل الحادث وتدوين اسمه وكل المعلومات.

الإطار القانوني لجريمة الاحتيال وفرتّه مادتان في قانون العقوبات. المادة 209 تقول "من أخبر السلطة القضائية أو أي سلطة يجب عليها ابلاغ السلطة القضائية عن جريمة يعرف انها لم ترتكب ومن كان سببا في مباشرة تحقيق تمهيدي او قضائي بأختلاق أدلّة مادية على جريمة كهذه عوقب بالحبس لمدة لا تتجاز ستة أشهر أو بغرامة لا تزيد عن عشرة دنانير او بكلتا العقوبتين. أما المادة 210 من القانون نفسه تقول " من قدم شكاية او اخبارا كتابيا الى السلطة القضائية او اي سلطة يجب عليها ابلاغ السلطة القضائية فعزا الى احد الناس جنحة او مخالفة وهو يعرف براءته منها او اختلق عليه ادلة مادية تدل على وقوع مثل هذه الجرائم عوقب بالسجن ما بين اسبوع وثلاث سنوات".

لا بد من التنبّه الى ان كل شخص يسعى الى تصويب وضع معين خارج نطاق القانون في غالب الاحيان يكون نشاطه غير صحيح. والأهم أن أغلبية مفتعلي هذه الحوادث باتوا معروفين للاجهزة الامنية وفي اغلب الاحيان يتم القاء القبض عليهم.

لتفادي الوقوع في حبائل المحتالين لا بد من توعية الناس ودفعهم للتشبيك الإيجابي مع أجهزة الأمن. من المفيد لهذه الأجهزة بناء قاعدة بيانات ديناميكية لرصد وعزل المتخصصين في صناعة أفلام "حادث ساعة الغفلة".

لا بد من تشديد مواد القانون الخاصة بالاحتيال, للردع, ولا بد من تعزيز صورة الشرطة المجتمعية التي يحاول الامن العام تطبيقها من خلال تحويل الشرطي الى صديق وليس الى ند.

ثمّة تقليعة أخرى بحاجة للانتباه. يقع سائقو مركبات فارهة ضحية نساء يُقحمن أنفسهن داخل السيارات ثم يخلعن قطعا علوية من ملابسهن ويهددن السائق بشكوى تحرش اذا لم يدفع ما بحوزته للملمة الطابق. فالحاجة ام الاختراع





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :