"بابور الكاز" العز الذي مضى ..
23-05-2019 02:16 AM
عمون – محمد الخوالدة - اثرت الحداثة بمختلف جوانب حياتنا، فالتقنيات العصرية اتت على الكثير من مقوماتها، كانت الدواب وسيلة النقل الاكثر شيوعا فاذهبتها السيارات، تبدلت وسائل التدفئة والوقود، وتغيرت مقتنيات مطابخنا واثاث مساكننا، محدثات كثيرة يصعب حصرها، لكن ثمة معمرين بيننا يغالبهم الحنين للايام الخوالي، يقرون بقسوة ظروف تلك الايام، لكنها برأيهم سهلة التكيف، ويتحدث هؤلاء حيث متسع لاحاديث الذكريات عن طيبة ناس زمان وسماحتهم وتكافلهم وحسن معشرهم.
"بابور الكاز" احد مفردات تقنيات سالف العهد والاوان ، كان الوسيلة الوحيدة انذاك ل "الطبخ والنفخ" ، ولغلي المشروبات الساخنة واوحدها في حينه الشاي والقهوة السادة ، لمن لايعرف بابور الكاز هو حوض محدد القطر ، مصنع في الاغلب من النحاس ، يثبت هذا الحوض على ثلاثة ارجل حديدية ، في منتصف اعلى الحوض مركب قطعة معدنية تسمى "راس البابور" ، وفي منتصف الراس فتحة صغيرة تسمح بمرور الكاز الى اعلى مضغوطا بواسطة قطعة معدنية اسمها "الدفاش " يصل الدفاش عن طريق فتحة في محيط حوض البابور الى داخل الحوض ، يحرك الدفاش دخولا وخروجا ليندفع الكاز من الفتحة الموجوده في منتصف الراس فيشعل راس البابور ، يزاد الاشتعال قوة بمعاودة تحريك الدفاش دخولا وخروجا ، اما لتنظيم شعلة راس البابور فيركب فوق راس البابور حلقة معدنية اسمها "الطربوش".
هذا هو بابو الكاز لمن لايعرفونه ، اما عن عزه الذي مضى فقد كان بابور الكاز احد متطلبات اثاث بيت الزوجيه ، اداة يقابلها في هذه الايام الطباخات والافران التي تعمل بالغاز او باي مصدر طاقة اخر ، فيما اثاث بيت الزوجيه في مجملة اثاث بسيط بعض تفاصيله ، الصندوق الخشبي المزخرف بدل خزانة الملابس وفراش النوم فرشات ولحف ومخدات الصوف ، و"الروشن" او "منهض الوهد " لتصفيط فراش النوم فوقه ، وما الى ذلك من لزوميات بسيطه ، وان اصاب بابو الكاز خلل فكان يرسل الى شخص يسمى "السمكري" لاصلاحه .
لا احد ياتي على ذكر بابور الكاز في هذه الايام ، وان ذكرت اسمه بحضرة الاجيال المعاصرة فلا من مدكر ، فاكثرهم لا يميزونه ان راوه مركونا في زاوية متحف تراثي قد يزورونه.