facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




حلقة جديدة في مسلسل الأوهام .. إسرائيل تجهض اندفاعة واشنطن وتقود الجميع إلى مأزق


رنا الصباغ
15-11-2009 05:31 AM

بين جمود الحراك السياسي وتجميد الاستيطان ينتهي فيلم "قطار عملية السلام" الذي إنطلق من محطة مدريد عام 1991 على سكّة محفوفة بالمخاطر, بخروجه الدرامي عن مساره صوب تسوية الصراع العربي - الإسرائيلي وإقامة دولة فلسطينية طبقا للقرارات الدولية وعشرات المبادرات التي ساهمت في تضييع الوقت لمصلحة أجندة إسرائيل التوسعية.

بمقاييس الوقائع على الأرض, تضاعفت المستعمرات خمس مرات من 100 ألف وحدة حين انطلقت المسيرة الوهمية قبل عقدين.

قبل أيام دق رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو المسمار الأخير في نعش السلام. إذ رفض آخر بدعة اخترعتها إدارة الرئيس الأمريكي باراك أوباما تحت مسمى "تجميد جزئي" لسرطان الاستيطان في الأراضي المحتلة باستثناء القدس ومشاريع بناء 3000 وحدة سكنية في عمارات قيد الإنشاء تخدم النمو الطبيعي للسكان ومنشآت عامة كالمشافي ودور العبادة.

وبهذا نجح في تجميد مواقف الجميع عبر صفعة عمر طالت أوباما, وحلفاءه زعماء ما كان يسمى ب¯ "جبهة الاعتدال العربي", بمن فيهم الرئيس الفلسطيني محمود عباس.



وتكر المسبحة.

تفاعل عباس مع الضربة الجديدة وقرر فجأة عدم خوض الانتخابات الرئاسية المقبلة, ما أحرج شركاءه العرب. صحيح أن مراميه من ذلك الإعلان ونواياه ما تزال غير واضحة, كما أن هناك شكوكا حول القدرة على إجراء الانتخابات في موعدها المقترح مطلع العام المقبل لإسباب إجرائية وتعقيدات الوضع الفلسطيني الداخلي.

ولا يستبعد ساسة أن يكون عباس المأزوم أصلا والمحبط منذ انتهاء ولايته الشرعية قبل شهور قد فضّل القفز من عربة السلام المتجهة إلى طريق مسدودة. من هنا قرر التمرد على كل الراغبين في استعماله غطاء لتمرير تسوية بشروط إسرائيلية مجحفة: دولة فلسطينية هزيلة منزوعة السيادة, من دون قدس, مع توطين اللاجئين في اماكن إقامتهم مقابل تعويضات.

هناك من يعتقد مع ذلك بأن قراره جاء في إطار مناورة سياسية ذكية لوضع حد لانتقادات حادة يواجهها في الداخل وتخفيف ضغوط عنيفة أمريكية-إسرائيلية-عربية لتمرير قطار التسوية ببراغماتية, أقله ضمن المتاح والمعقول.

قد يتراجع عباس. لكن ضمن إخراج مناسب, ربما بأيد أمريكية وعربية, تعينه على إنقاذ ماء وجهه واستعادة بعض من صدقيته المفقودة, كي يستكمل طريقا رسمت له مسبقا منذ "مؤامرة" تسميم سلفه, ياسر عرفات قبل خمس سنوات, لأنه رفض الاستمرار باللعبة والخروج عن الثوابت الوطنية وتقديم تنازلات تضر بمصالح شعبه.

فالحديث يدور حاليا عن ضغوط امريكية لإعادة عباس لطاولة المفاوضات, أقله لإفشال خطط إسرائيلية لتنفيذ طلبات ترخيص إضافية وصلت السلطات المختصة لبناء 20.000 وحدة سكنية مع التأكيد على عدم تغيير موقف واشنطن القانوني الذي يعتبر عمليات الاستيطان بأشكاله كافة غير مشروعة رغم "الهفوة غير المقصودة" التي ارتكبتها وزيرة الخارجية هيلاري كلينتون أخيرا في أبو ظبي. مقابل ذلك, يفاوض العرب لانتزاع موقف شخصي علني واضح من أوباما يدعو فيه الى استئناف محادثات فلسطينية - إسرائيلية في اطار مرجعية سياسية واضحة تفضي إلى قيام دولة فلسطينية مستقلة داخل حدود 1967 مع تبادل أراض محدود متساو في القيمة والمساحة وحل قضايا الوضع النهائي كافة. العرب يقترحون أن يتضمن ذلك الوعد العلني خطة لإنجاز دولة خلال عامين من بدء المفاوضات وعلى مرحلتين: إتفاق حول رسم الحدود النهائية خلال فترة ستة إلى ثمانية أشهر, بما يغلق ملف الاستيطان وبعدها إنهاء قضايا الحل النهائي بما فيها القدس واللاجئون ضمن الفترة المتبقية, لكن طموح العرب يدخل في باب سابع المستحيلات, بحسب دبلوماسيين غربيين. فنتنياهو واللوبي الصهيوني المتنفذ سيقفون ضده ويحاولون إفشاله من خلال تأزيم ملفات داخلية وخارجية.

وقد بدأ ساسة ومدراء مؤسسات بحثية ومعلقون مقربون من هذا اللوبي في انتقاد أوباما ومساعديه بسبب ما يرونه تشددا في موضوع وقف المستوطنات من دون أن يبلور خطة بديلة في حالة فشل تحقيق ذلك الشرط غير الممكن أصلا, فالكاتب البارز في صحيفة النيويورك تايمز توماس فريدمان يطالب أوباما بخطوة درامية: إنهاء الجهد عبر انزال لوحة "عملية السلام" والتركيز على انقاذ أمريكا بدلا من صرف الوقت على مجهود لا تدل تصرفات الفرقاء انهم بحاجة ماسة حقيقية لتحقيقه.

إذا, نجح نتنياهو في تحييد مواقف كل من أوباما والاعتدال العربي بمن في ذلك عباس.

ولعل استحضار الآية الكريمة يعكس ما آلت اليه العرب: (وكلوا وأشربوا حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر) سورة البقرة/.187 ليتوقف المؤمنون عن الأكل ويبدأ الصيام عن الطعام.

الخيط الأبيض تبين. وهو يتمثل بمواقف الإدارات الأمريكية السابقة منذ عقدين, وآخرها إدارة جورج بوش التي انحازت لمصالح إسرائيل, أما صاحب الخيط الأسود فهو أوباما الذي ثبت أنه الأسرع بين أقرانه في الانحياز لمصالح تل أبيب - قبل أن ينهي عيد جلوسه الأول على عرش البيت الأبيض بعد شهرين.

اليوم تبين أن احتكار الإدارة الأمريكية الحالية والسابقة لإدارة عملية السلام, بما فيه مفهوم حل الدولتين, لم يجلب الفائدة للسلطة الوطنية الفلسطينية, صاحبة المفاوضات, ودول الاعتدال المتمسكة بخيار استراتيجي وحيد عنوانه السلام والتفاوض. ويتساءل ساسة عن الثمن الذي سيدفعه الزعماء الذين باتوا محرجين أمام شعوبهم في حال ظل بيضهم في السلة الأمريكية المخرومة.

صار لزاما على جبهة الاعتدال أن تفهم أنها ربما كانت حليفة أمريكا في البعد المتعلق فقط بمكافحة الإرهاب "الحماسي" في فلسطين, و"القاعدي" خارج الضفة الغربية وقطاع غزة, ومحاربة إيران وبرنامجها النووي. لكن هذا التحالف لا ينطبق أبدا على البعد المتعلق بالقضية الفلسطينية مفتاح إنهاء حال الصراع في المنطقة, كما يقرّون.

التحالف هذا لم ولن يخدم إلا مصلحة إسرائيل, ومن يجلس على مقاعد حكوماتها التي تضع على رأس أولوياتها التصدي لطهران وبرنامجها الطموح بينما تخدم الإدارة الأمريكية أولوياتها المتمثلة بالحرب على الإرهاب في أفغانستان, الباكستان وفلسطين من جهة, وتعزيز حالة من السلم المقبول في العراق.

ومن المتوقع أن تواصل إدارة أوباما على نفس المنوال من الاستسلام لشروط إسرائيل, وإجبار شركائها العرب على قبول لعبة تل أبيب وسط صلواتهم المتكررة لحصول معجزة تقنع أوباما بتبني آلية جديدة وواضحة لتطبيق شعار حل الدولتين من دون إجحاف بحقوق الفلسطينيين التاريخية.

لذا, بات من الضرورة أن تمسك جبهة الاعتدال العربي زمام المبادرة هذه المرة, متكئة على ما تبقى لها من نفوذ مالي-اقتصادي-سياسي, لكسر احتكار وساطة واشنطن عبر إصدار "فتوى سياسية" تمكّنهم من خلع هذا الوسيط المنحاز واستبداله بشركاء جدد حتى لا يجبرون على العودة لبيت الطاعة الإسرائيلي للمرة الأخيرة. وعليهم السماح للاعبين آخرين جدد كحماس المأزومة أيضا في قطاع غزة, وتركيا المتمددة وبعض دول الممانعة العربية في دفع عملية السلام ضمن أسس جديدة وخيارات متعددة قد تبدأ بإحالة ملف السلام لمجلس الامن, أو دعم تشجيع الفلسطينيين على إعلان دولة مستقلة وطلب اعتراف الأمم المتحدة بها. ويطرح حاليا مشروع أممي على غرار تجربة انتزاع استقلال كوسوفو وسط أوروبا, رغم وجود مخاوف عربية مشروعة بأن يشجع ذلك عمليات انفصال في شمال العراق, والصحراء الغربية مثلا.

الجميع في مأزق الآن. البناء الاستيطاني مستمر. إسرائيل ترفض إدخال القدس ضمن معادلة السلام, وشروط التسوية الإسرائيلية غير مجدية بالمطلق.

نتنياهو اليميني نجح حتى الآن في إشغال جميع الإطراف داخل دائرة مغلقة. وهو يخاطب العقل الغربي بدهاء يوحي بأن المتسبب في إعاقة قطار السلام هم الفلسطينيون وسائر العرب. وسيأتي يوم يتحدث فيه نتنياهو عن سلام مقابل سلام وأمن مقابل أمن وتوطين مقابل تعويض. الأفضل أن تقطع جبهة الاعتدال الطريق على أمريكا التي تسعى لإقناعهم للمرة الأخيرة بالعودة إلى طاولة مفاوضات من دون رؤية واضحة قابلة للتنفيذ ضمن برنامج زمني. استمرار الرهان الحالي يعني القبول بمسلسل التفاوض من أجل التفاوض وبدعة أخرى تخترعها إسرائيل بدعم أمريكي عنوانها "دولة فلسطينية قابلة للنمو والحياة", من دون سيادة كاملة وتوابعها, ما سيفضي إلى استكمال مشروع إسرائيل التوسعي من البحر إلى النهر.

عودة عباس لطاولة المفاوضات من دون أفق سياسي يوضح مسبقا حقيقة المكاسب التي سيجنيها الفلسطينيون, ستدخله في خلاف مع غالبية القوى الفلسطينية وقد يؤدي إلى اقتتال فلسطيني داخلي.

الأطراف العربية محشورة في زاوية الآن, بينما تتعزز مواقف دول الممانعة التي بدأت بحرث ثمار ما زرعته سياساتها التي تشجع تمدّد القوى الأصولية لممارسة التشدد الديني وممارسات الردة التي تؤدي لعدم الاستقرار.

تردد أوباما في التعامل مع ملف الشرق الأوسط, حال الإرباك الحاصل في موقف واشنطن تجاه أفغانستان, الباكستان والعراق, سيترك نتائج كارثية على بؤر التوتر هذه.

إدارة بوش تخلت عن حلفائها المعتدلين من العرب والفلسطينيين, وقبلهم عن الجنرال برويز مشرف في باكستان. الإدارة الحالية مستمرة على نفس المنوال من التردد وتمييع المواقف.

الأفضل أن يرمي الجانب الفلسطيني بكل ثقله في مجال المصالحة الفلسطينية, وأن تنسق دول الاعتدال موقفها مع دول الممانعة لاتخاذ موقف موحد في معركة السلام مع أمريكا, سيما أن مصالحة فلسطينية - فلسطينية سوف تساعد بكل تأكيد على الحد من الخلافات بين المحورين. والعكس ليس صحيحا.0

rana.sabbagh@alarabalyawm.net

العرب اليوم





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :