سجلات غرفة تجارة السلط 1884-1937 دراسة و تحقيق لخريسات وابو سليم
05-12-2009 10:19 PM
عمون - صدر للباحثان الدكتور عيسى أبو سليم من قسم التاريخ في جامعة مؤتة و الأستاذ الدكتور محمد خريسات من قسم التاريخ في الجامعة الأردنية كتاب جديد بعنوان( سجلات غرفة تجارة السلط 1884-1937 دراسة و تحقيق)،تناول فيه الباحثان الأوضاع الاقتصادية في مدينة السلط،إذ تشير المعلومات المتوفرة إلى أن مدينة السلط برزت خلال النصف الثاني من القرن التاسع عشر، و مطلع القرن العشرين باعتبارها أكبر مركز تجاري في شرقي الأردن.فتشير المصادر إلى وجود أربعة أسواق رئيسية فيها، جاءت موزعة على طول الطرق الرئيسية وسط المدينة، و محصورة في بقعة جغرافية محدودة تحكمت فيها طبوغرافية الموقع.
تقسم الأسواق في السلط إلى قسمين رئيسيين من حيث الموقع: الموقع الأول؛ يمتد إلى الشرق لينتهي بالحمام، و يمتد غرباً إلى الجامع الكبير(القديم) مقابل السرايا، و يصل شمالاً إلى دار السجان في نهاية سوق الاساكفة، و جنوباً يصل إلى دار مرزوق النبر و كراج دير اللاتين، و من نهاية سوق الاساكفة يمتد سوق آخر باتجاه شارع الخضر(St.George street) و صولاً إلى كنيسة الأرثوذكس. أما القسم الثاني من أسواق المدينة فهو مفصول بالطريق الرئيسية الواصلة إلى الساحة العمومية، و هذا السوق جاء على خط واحد امتد على طول طريق الجدعة أسفل الدرج، لتلتقي الأسواق جميعاً في الساحة العمومية. و في الجزء الجنوبي من الساحة وجدت دار الوكالة، التي هي عبارة عن قيسارية مغلقة، ضمت مخازن تجارية.
بنيت دكاكين المدينة من الحجر الأصفر الذي يتوفر في مقالع السلط، وفق طراز فني محدد. ولا تتوفر معلومات عن العدد الحقيقي للدكاكين التي وجدت في أسواق المدينة مع مطلع القرن العشرين، بالرغم من قيام البلدية عام 1923، بوضع أرقام على أبواب الدكاكين و الشوارع،و إنما يمكن تقدير أعدادها على وجه التقريب،استناداً إلى سجلات البلدية فمثلاً؛ بموجب إحصائية عام 1925 وجد في المدينة 207 دكاكين فرضت عليها رسوم النظافة. كما يمكن تقدير عدد الدكاكين التي اختصت ببيع الأقمشة (سوق الشوام) بثمانين دكاناً،لأنه وجد في المدينة عام 1930 ثمانون ذراعاً مخصصة لقياس القماش. كما وجد أربعة وعشرون صاعاً، أي بمعدل أربع و عشرين محلاً اختصت ببيع الحبوب. و مائتي دكان رفعت على أبوابها لوحات إعلانية (آرمات). إضافة لمائة و ستة موازين، فضلاً عن أربعمائة و ثلاثة وخمسين عياراً،من المحتمل أنها مخصصة للبقالات. بينما وجد عام 1927،مائتان وخمسة و عشرون دكاناً ثبتت إعلانات تجارية على أبوابها. فضلاً عن البسطات المخصصة لبيع الخضار و الفواكه و الخبز التي لا يمكن الجزم بأعدادها.
افرز التطور التجاري الذي شهدته المدينة،قيام الحكومة العثمانية بتأسيس غرفة تجارية(تجارت اوضة سي)، و محكمة للتجارة في مدينة السلط.إذ تشير سجلات محكمة السلط الشرعية عام1882-1885 إلى أن مصطفى الداود هو رئيس بندر التجار.
تناولت السجلات العديد من القضايا التي تهم التجار مثل الكفالات التجارية، التي تشكل القسم الأكبر من الكتاب لعدة أسباب منها:
بداية تشكل الأجهزة الإدارية و العسكرية في الإمارة، التي بدأ المؤهلون من أبناء المدينة الالتحاق بها، فيشار إلى كثرة الكفالات بين عام 1923 و عام 1927، و ذلك بسبب بداية تشكيل الجيش العربي عام 1923، و صدور قانون الجيش العربي عام 1927.
وجود أعداد كبيرة من المتعلمين من أبناء المدينة خلال تلك الفترة، خاصة مع وجود مدرسة السلط التي لعبت الدور الأكبر في تخريج الطلاب من مختلف أنحاء الإمارة،و الذين بدأوا بإشعال الوظائف الحكومية الأولى،ثم ترقوا في المناصب الإدارية،و مهدوا الطريق لظهور لجيل الثاني من الموظفين الكبار.
بداية تراجع الحياة الاقتصادية في المدينة، الذي أدى إلى الإقبال المتزايد على العمل في الوظائف الرسمية، والتحول عن ممارسة الزراعة.
تحتوي قرارات الغرفة التجارية معلومات تفصيلية عن التجار،و المصاعب الاقتصادية التي واجهوها،إضافة للأوزان و المكاييل التي استخدمت في المدينة مثل الرطل البلقاوي و الرطل النابلسي،و الصاع البلقاوي، خاصة في الفترة التي سبقت التحول إلى اعتماد النظام المتري،و بيان موقف التجار من هذا التحول.إضافة إلى إبرام اتفاقية الجمارك مع الحكومة السورية،و اثر ذلك على التجارة.
كما احتوت القرارات على معلومات تفصيلية عن المنتجات الزراعية مثل: الحبوب والخضار و الفواكه والثروة الحيوانية،و بيان الكميات المصدرة منها للخارج،و المستهلكة داخل المدينة.وأسعار تلك المنتجات في أوقات مختلفة،التي يتضح من خلال الجداول المرفقة في الكتاب،أن المدينة زودت معظم مناطق إمارة الشرق العربي،و فلسطين بما تحتاجه من تلك المنتجات.و يبدو أن ازدهار الوضع الاقتصادي في السلط بدأ يلعب دوراً كبيراً في اجتذاب أعداد كبيرة من تجار بلاد الشام الذين بدأوا التوافد إليها،و الإقامة بها،و تطورت العلاقات الاقتصادية إلى إقامة علاقات اجتماعية مع مختلف عائلات المدينة،إذ يمكن بوضوح معرفة علاقات المصاهرة التي كانت قائمة في تلك الفترة.
سجل في قرارات غرفة التجارة أنواع العملات المتداولة و أسعارها، و هذه المعلومات مهمة جداً لأنها جاءت في فترة التحول من استخدام النقد العثماني، إلى الجنيه المصري عام 1923، فقد قررت الحكومة،بناء على طلب المستشار المالي البريطاني،اعتباراً من عام 1923 التحول إلى اعتماد الجنيه المصري،عملة رسمية متداولة داخل حدود الإمارة،وطلبت الحكومة وفق المادة الثالثة من قانون النقد،تعديل أسعار العملات التركية وفقاً لسعر صرف الجنيه،الذي استخدم كعملة رسمية،إلى أن أبطل التداول به عام 1928،بعد توقيع المعاهدة الأردنية البريطانية في 20/2/1928،ليحل محله رسمياً الجنيه الفلسطيني بأقسامه، بعد صدور قانون النقد الفلسطيني في نفس العام .
تضم قرارات الغرفة التجارية أسماء التجار و أصحاب رؤوس الأموال،و المتمولين، و وجهاء المدينة و المتنفذين فيها خلال تلك الفترة،كما ألحقت بالكتاب مجموعة من الجداول تبين أسماء رؤساء و أعضاء و مدراء الغرفة التجارية.و فهارس بالأعلام و المواقع.
لمزيد من المعلومات.
issaabusaliem@yahoo.com