رغم قتامة الاجواء العربية والاسلامية الرسمية , وسوداوية النظرة الشعبية , وهزائم الامة المتتالية كهزيع الليل المتلاحق , رغم كل هذه العتمات الحالكة, الا ان ثمة نجوما تلمع بالنور هنا وهناك , وكواكب تشع أملا وبشائر , وتشق أشعتها بعض هذه الدياجير لتبعث شيئا من الانس , وتبدد أوهام اليأس ووساوس الاحباط .
ورغم ان ليل هذه الامة يزداد حلكة وظلاما , الا ان فجرها الصادق سيبزغ من جديد هازما بأشعته الساطعة حلكة الليل وقتامته . والمؤمن الملتزم بطبعه متفائل ومتفاعل وإيجابي حتى ولو كان في غياهب السجون , وتحت السياط , وعذابات الزنازين لانه يرتبط بنور الله , ومعية الخالق الدّيان , وشعاع الحق المبين , ورجاء النول الكريم والجزاء العظيم في الاخره , فهذا شيخ الاسلام ابن تيمية رحمة الله الذي سجنه الطغاة حتى مات داخل السجن , كان يقول : ماذا يريد اعدائي مني , ان سجني خلوة , ونفي سياحة, وقتلي شهادة , وان جنتي (اي ايماني) في قلبي لن ينالوه , ولو عرف هؤلاء ما نحن فيه من سعادة لجالدونا عليه بالسيف .
ومن هذه البشائر العظيمة ما ورد في كتاب الله سبحانه من بشائر تسري عن المؤمنين ما هم فيه من عنت وضيق , وترسم لهم المستقبل الزاهر, وتحقق لهم النصر المبين .
اولاً : معية الله العزيز الحكيم مع المؤمنين المجاهدين الصابرين المتقين المحسنين , هذه المعية شيء عظيم لا يقدر بثمن , ومن كان معية الله معه , فمعه القوة التي لا تغلب , والفئة التي لا تهزم , وله عاقبة الحسنى والنصر المبين .
"...كم من فئة قليلة غلبت فئة كثيرة بإذن الله والله مع الصابرين " 249 البقره
" يا أيها الذين آمنوا قاتلوا الذين يلونكم من الكفار وليجدوا فيك غلظة وإعلموا ان الله مع المتقين " 123 التوبه
"... فمن إعتدى عليكم فإعتدوا عليه بمثل ما إعتدى عليكم واتقوا الله واعلموا ان الله مع المتقين " 194 البقرة
" ان الله مع الذين إتقوا والذين هم محسنون " 128- وهي خاتمة السورة -.
" والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سُبلنا وان الله لمع المحسنين " 69 العنكبوت- وهي خاتمة السورة- .
ثانياً : إن النصر يتنزل من عند الله للفئة المجاهدة المصابرة الناصرةلدين الله وأهله , والتي أخذت بالاسباب وإعتمدت وتوكلت على رب الاسباب , فان النصر لا محالة حليفها .
" ... فانتقمنا من الذين أجرموا وكان حقا علينا نصر المؤمنين " 47 الروم
" يا ايها الذين آمنوا إن تنصروا الله ينصركم ويثبت أقدامكم " 7 محمد
" إنا لننصر رسلنا والذين آمنوا في الحياة الدنيا ويوم يقوم الأشهاد " 51 غافر
" إن ينصركم الله فلا غالب لكم وإن يخذلكم فمن ذا الذي ينصركم من بعده وعلى الله فليتوكل المؤمنون " 160 آل عمران
" ... ولينصرن الله من ينصره إن الله لقوي عزيز " 40 الحج
ثالثاً : وعدٌ من الله للمؤمنين المستضعفين الصادقين العاملين , وعدٌ بالاستخلاف و التمكين والامن والسلامة والنصر المبين .
" وعد الله الذين آمنوا منكم وعملوا الصالحات ليستخلفنهم في الارض كما إستخلف الذين من قبلهم وليمكنن لهم دينهم الذي إرتضى لهم وليبدلنهم من بعد خوفهم أمنا يعبدونني لا يشركون بي شيئا ومن كفر بعد ذلك فأؤلئك هم الفاسقون" 55 النور
رابعاً : سنه إلاهية ثابتة لا تتغير ولا تتبدل تحدد نتيجة هذا الصراع الطويل بين الحق والباطل , والمعارك غير المتكافئة بين أهل الايمان وأهل الكفر الا وهي الغلبة لأولياء الله ولاتباع الرسل السائرن على طريق الحق , والذل والصغار والهزيمة والانكسارلاعداء الله .
" إن الذين يحادّون الله ورسوله أولئك في الأذلين . كتب الله لأغلبن أنا ورسلي إن الله قوي عزيز " 20 , 21 المجادلة
خامساً : نتيجة الصبر على الحصار والظلم والجوع والقتل والجراح هو العلو والتمكين في الأرض بإذن الله العلي القدير .
" ولا تهنوا ولا تحزنوا وأنتم الأعلون إن كنتم مؤمنين " 139 آل عمران
أمّا إذا ذهبنا الى السنة المشرفة , فثمة بشائر كثيرة وعظيمة لهذه الامة , ومنها الاحاديث الصحيحة التي تتحدث عن الطائفة المنصورة , والقائمة على أمر الله , حيث ورد ت الاحاديث بصيغ كثيرة , وبأسم أمة وطائفة وعصابة وقوم ومنها :
قول النبي صلى الله عليه وسلم " لا يزال من أمتي أمة قائمة بأمر الله لا يضرهم من خذلهم ولا من خالفهم حتى يأتي أمر الله وهم على ذلك " رواه البخاري
وحديث " لا تزال طائفة من أمتي يقاتلون على الحق ظاهرين الى يوم القيامة " رواه مسلم
وحديث " لن يبرح هذا الدين قائما يقاتل عليه عصابة من المسلمين حتى تقوم الساعة " رواه مسلم
وحديث " إذا فسد أهل الشام فلا خير فيكم , لاتزال طائفة من إمتي منصورين لا يضرهم من خذلهم حتى تقوم الساعه " رواه الترمذي .
فهذه الطائفة قائمة مستمرة مجاهدة لا يضرها خذلان ولا مناوئين ولا مقاتلين لانهم على الحق ظاهرين وبه ملتزمين فلهم من الله حتما النصر والتمكين .
ومن بشائر النصرالملموسة لهذه الأمه
- هذه الصحوة الأسلامية التي عمت الأرض وإنطلقت قبل أربعة عقود بعد هزيمة حزيران 1967 بعد ان غزت الأمه كثير من الأفكار والمباديء الهدامة والمستوردة , والمخالفة للشرع والدين , وثبت بطلانها وهزيمتها المنكرة وعقمها وسقمها , هذه الصحوة التي يرجع الفضل الكبير فيها لجهود الحركات الأسلامية - وخاصة جماعة الأخوان المسلمين- حيث كان لها الدور المميز في رجوع الشباب والشابات الصغار والكبار للكتاب والسنة , ونبذ كل المباديء والعادات المسمومة والتقاليد الجاهلية.
-إنتشار النشيد الأسلامي الملتزم الذي يروح عن القلوب ويسري عن النفوس بديلا عن الاغاني الماجنه والكلمات الهابطة .
- إنتشارالأعلام الأسلامي الملتزم بديلا عن الأعلام الهابط المسموم , حيث بدأت محطات التلفزة والإذاعات والمجلات والمواقع الألكترونية والجمعيات الخيرية وجمعيات تحفيظ القران الكريم تأ خذ دورها وفعلها في بناء الجيل المسلم المجاهد , فعلى سبيل المثال قبل عدة أشهر في قطاع غزة و تحت شعار " تاج الوقار للأقصى إنتصار " تخرج ستة عشر الف وستمائة حافظ وحافظة للقرآن الكريم, فأجيال القرآن هي أجيال النصر والتمكين , لأن " أهل القرآن هم أهل الله وخاصته " وفي الحديث " إن الله يرفع بهذا الكتاب أقواما ويضع به آخرين .
ـ وأخيرا فان من بشائر النصر هزيمة الملحدين الروس ثاني أقوى دولة في العالم على يد أضعف شعب ماديا وعلميا , -المجاهدون الأفغان والعرب في أفغانستان- , لقد انطلق المجاهدون في كثير من البلاد المحتلة يقاومون الغزاة بسلاح الأيمان وما توفر من سلاح مادي بسيط حتى إستطاعوا ان يسطروا ملاحم بطولية في فلسطين ولبنان على أبناء القردة والخنازير, وما تزال المعارك مستمرة .
ـ أمّا التشاؤمات اليهودية لأعداء الله وأعداء الرسل وأعداء المسلمين بل وأعداء البشرية جميعاً:
- تراجع المشروع الصهيوني المسخ وكيانهم الهزيل , الذي كان يحلم بدولة من النيل الى الفرات, ويظهر ذلك جلياً في مشروع الجدار الأسمنتي الضخم العازل والطويل حمايتاً لمستعمراته وكيانه الجبان من ضربات المجاهدين .
" لايقاتلونكم جميعا الا في قرى محصنة أو من وراء جدر بأسهم بينهم شديد تحسبهم جميعا وقلوبهم شتى ذلك بأنهم قوم لايعقلون " 14 الحشر .
ثم زادت الجدر بالجدار المصري اليهودي الأميركي الفولاذي على حدود غزة , واليهود ضعاف يخشون بضعة ألوف من المجاهدين ولولا ضعف الدول العربية ما كان لهم قوة, فهذا اول زعيم لهم- ابن قورين- عندما نشأ كيانهم سنة 1948 قال : نحن لم ننتصر بقوتنا ولكن بضعف أعدائنا .
ـ بل من شؤم اليهود هذا الأنسحاب المشين والهزيل لهذا العدو من جنوب لبنان وقطاع غزة تحت ضربات المجاهدين القوية خرجوا صاغرين يجرون أذيال الخيبة والهزيمة , وما زال المجاهدون يلاحقونهم في عقر دارهم .
ـ ومن الشؤم الذي يحيق بدولتهم الباغية , هذه الشعوب الرافضة لوجودهم والرافضة للتطبيع معهم من كل الشرائح ومن معظم مؤسسات المجتمع المدني حتى أصبح اليهود يشعرون وكأنهم يعيشون في جزيرة معزولة وسط بحر بل محيط من الكراهية والعدوان والنبذ لهم في كل مجال .
ـ ومن الشؤم الذي يلاحقهم في داخل فلسطين هذه القنبلة السكانية المتزايدة والمتفجرة في كل حين حتى أخذ اليهود يطالبون بدولة يهودية (نقية)من العرب لان مجرد وجودهم أصبح خطرا ديمغرافيا .
ففي آخر لقاء " لمؤتمر هرتزليا للأمن القومي اليهودي " قال جنرال الاحتياط في الجيش ( داني روتشلد) : ان المخاطر تحيط ب "إسرائيل " من كافة الجوانب خاصة على الصعيدين السياسي والأمني , وأضاف هناك تهديد في الشمال من حزب الله ومن الجنوب حماس ومن الشرق إيران ثم قال : رؤيتي المستقبلية للوضع في "إسرائيل" متشائمة فأنا لا أرى إنطلاقة نحو ألأمام لا في المجال السياسي ولافي المجال الأمني والوضع غير مطمئن بالنسبة للأنظمة العربية المعتدلة فقد تتحول الى أنظمة معادية , والمشكلة الأساسية تكمن في المستقبل المجهول , وهناك ضغط دولي آخذ بالتزايد ويتعاظم ضعفنا حيال إيضاح دونية موقفنا الأخلاقي وطريقة الحكم عندنا مريضة بورم عضال , ونحن في سلوك مأزوم لاينقطع بين قتال وتهديد لوجودنا ( ويقصد بالدونية الاخلاقية تقرير جولد ستون والتحول الكبير في مواقف دول العالم وخاصة دول أوروبا بعد معركة الفرقان في غزة حيث عرت اليهود وبينت إجرامهم وأوجدت صحوة في اوروبا تمثلت في قوافل الخير لفك الحصار ووفود رسمية وبرلمانية جاءت لنصرة غزة ) .
ـ الحاخام اليهودي مئير كاهانا الذي قتل في أمريكا نشر له بعد هلاكه كتاب ( الهولوكست الامريكية )يتحدث فيه ان الشعب الاميركي إذا انتبه الى الحقيقة وصحي على نفسه ووجد ان اليهود قد امتصوا خيراتهم واموالهم بمئات المليارات وورطوا بلادهم في حروب من اجل اليهود فأنهم سيقومون بحرق اليهود وقتلهم لذلك انصح اليهود بمغادرة اميريكا قبل هذا الهولوكست الاميريكي.
واخيرا نقول للساسة والحكام الذين يراهنون على السلام مع هذا العدو المجرم أدركوا انفسكم فإن هذا الكيان زائل والنصر قادم للطائفة المنصورة (... إنه مصيبها ما أصابهم إن موعدهم الصبح اليس الصبح بقريب) 81 هود , ويقولون (... متى نصر الله الا ان نصر الله قريب ) 214 البقرة .
* من قيادات الحركة الاسلامية في الاردن