facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




الفساد والنمو الاقتصادي


د.إياد عبد الفتاح النسور
28-06-2020 11:36 AM

ينظر المختصين إلى الفساد باعتباره ظاهرة معقدة ومتعددة الأوجه تختلف أسبابها وآثارها بحسب الشكل والوظيفة التي تدرج في سياقه. ومن واقع الممارسات فإن ظاهرة الفساد تمتد ما بين قيام شخص ما بدفع رشوى أو مبلغ مالي غير قانوني لموظف ما حتى تصل إلى وجود خلل متأصل في النظام والهكيل العام للدولة ، وهذا يعني أن معضلة الفساد قد تكون هيكلية في السياسة أو الاقتصاد ، أو قد تكون مشكلة أخلاقية وثقافية فردية، وللأسف كلاهما متوفر في الدول النامية.
يعطي المختصين للفساد زخماً ويربطوه بضعف الدولة وعدم وجود دور حاسم لها في مكافحته والتصدي له ، كما ينظر البعض إلى أن هناك نظرة خاطئة للفساد واعتباره علاقة خاصة بين الدولة والشخص الفاسد فقط. إن سلوك أي شخص باحث عن ثروة خاصة قد يكون على حساب إساءة استخدام الموارد العامة ، وهنا يرى البنك الدولي (1997) ومنظمة الشفافية الدولية (1998) أن الشكل الأكثر ظهوراً هو إساءة استخدام السلطة العامة لمنفعة خاصة ، كما أن تحويل المنافع العامة كالجامعات والمسشتفيات وشركات الاتصالات وباقي مؤسسات الحكومة بشكل غير قانوني إلى ملكيات خاصة، لذلك فإن مظاهر الفساد تتوفر في القطاعين العام والخاص. إن الفساد سلوك ينحرف الشخص بموجبه عن القيام بأية واجبات رسمية في حالات الانتخاب أو التعيين في وظيفة معينة ، بسبب رغبته في الحصول على مكاسب خاصة (شخصية ، للعائلة، للعشيرة) ، أو الرغبة في تحقيق مكاسب في الوضع الحالي الذي يشغله .
يقتضي التحليل الاقتصادي للفساد معاملته كأي جريمة أخرى ، ويجب تطبيق النموذج الاقتصادي القياسي للجريمة والمتمثل في المقارنة بين الفوائد المتوقعة منه كالحصول على الرشاوى أو المزايا أو المدفوعات العينية ، مع ما يقابل هذه المنافع من خسائر أو تكاليف يتكبدها الاقتصاد أو المجتمع بسبب ذلك ، وهنا التهرب الضريبي مثالاً على ذلك أيضاً .
الفساد يضر بالنمو الاقتصادي، في كونه يجعل أهداف الدولة تائهة وغير منسجمة مع بعضها، كما أنه يحول الموارد من الأغراض العامة إلى الخاصة ، وبالتالي حرمان المجتمع منها والتسبب بخسارة كبيرة له ، كما أنه يثبط الاستثمار الحكومي والاستثمار الخاص لكونه يرفع من تكلفة الإدارة العامة، ويولد المزيد من السخط الاجتماعي والاحتجاجات والاضطرابات السياسية ، وبالتالي إبطاء النمو الاقتصاديفي جميع الأحوال .
الفساد في بعض الدراسات قد يكون مفيداً للنمو الاقتصادي إذا كانت الحكومة غير فاعلة في تطبيق القوانين والتشريعات التي تقرها ، لأن الفاسد سيقوم بالإلتفاف على هذه القواعد بتكلفة منخفضة الأمر الذي يحسن من كفاءة النظام ورفع النمو الاقتصادي. كما تعتبر الرشوة في بعض الأدبيات "تسريع لتوزيع أو نقل الأموال" بشكل يقلل من تأثير بيروقراطية الأنظمة والتعليمات وطول الفترة الزمنية الذي تستغرقه الإجراءات الإدارية الحكومية كالحصول على موعد في المستشفى، أو نقل طالب إلى مدرسة حكومية ، أو تعيين موظف في وظيفة معينة، أو الوقوف في طابور للحصول على خدمة معينة ... الخ . وتفرق الدراسات بين الفساد والجريمة، فالأول يعتمد على الاستثمار في رأس المال السياسي لتجاوز الإجراءات البيروقراطية في الدولة والحصول على استثمارات معززة للنمو الاقتصادي في الدولة، وفي بعض الأحيان قد تكون هذه الاستثمارات غير منتجة، بينما الأنشطة الجرمية تتطلب القليل من المهارات.
بعد تفشي الفساد ، أظهرت كل الأدلة وجود علاقة سلبية بين ظهور الفساد في أي مكان وبين النمو الافتصادي، وكان سبباً في تأخر الدولة وتراجعها على جمنيع الصعد الاجتماعية والصحية والاقتصادية وتضاءل دخلها ونواتجها ، وبالتالي تقليص فرص النهوض والتفاؤل بالمستقبل، ذلك أن إساءة استخدام المنصب العام والممارسات الفاسدة؛ يعني تخصيص الأموال العامة باتجاه مشاريع منخفضة الإنتاجية، وذلك على حساب استثمارات ذات قيمة في الاقتصاد ، وانتشار التهرب الضريبي ، وتفشي البيرواقرطية في الدولة التي ينتشر فيها الفساد .
مؤشرات الفساد واضحة وتتداخل في الوقت نفسه مع الأسباب التي تدفع لظهوره، وتدلل الدراسات أن للمؤسسات السياسية ، واللوائح الحكومية ، والأنظمة القانونية ، ومستويات الناتج المحلي الإجمالي ، ورواتب الموظفين الحكوميين ، وتدني الوعي الديني ، بجانب الفقر والبطالة جميعها أسباب واضحة في هذا المكان ، كما تبين الدراسات وجود علاقة بين التشريعات الحكومية والمؤسسات العامة الضعيفة ، ومؤشر الفقر ، وعدم المساواة في توزيع الدخل. تبقى المخاطر السياسية على الدولة أكثر بكثير من المخاطر الاجتماعية أو الاقتصادية .





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :