facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




الديمقراطية لا تحتاج انتخابات ..


الفرد عصفور
08-11-2020 02:16 PM

الانتخابات النزيهة والحرة مطلب ضروري في الديمقراطيات المعاصرة لكن الواقع أنها ليست شرطا لازما وأحيانا ليست كافية لتجسيد الديمقراطية. ولذا فالانتخابات ليست الديمقراطية والديمقراطية ليست فقط انتخابات.
الخدمة الأكبر التي تقدمها المجالس النيابية المنتخبة هي للحكومات وليس للمواطنين. والحكومات غير المنتخبة غالبا ما تكون بحاجة إلى نواب على مقاسها يطيعونها ويمرروا القوانين التي تريد.
ينظر البعض إلى الدول التي لا تجري فيها الانتخابات على أنها دول فاشلة. لذلك تحرص كل الدول على إجراء الانتخابات مهما كانت النتائج. ولان النتائج أحيانا تكون مؤلمة ولا تعجب أصحاب القرار يتم وضع قوانين انتخاب مفصلة بطريقة تؤدي إلى نتائج مرغوبة تضمن بقاء مجلس النواب ضمن الفئة الطائعة.
ومهما كانت القوانين ومهما كانت النتائج ومهما كانت النوايا فان الانتخابات في العادة تقدم نوعا من الحماس للجماهير لكنها بعد ذلك تعمل مثل المخدر ويهدأ الجميع إذ يلقون بالأعباء على من انتخبوا ثم يبدأ اللوم وكيل الاتهامات. لكن الانتخابات في الوقت نفسه تشكل مصيدة ذكية تتوجه إليها الأنظار بعيدا عن المشكلات الحقيقية في البلاد. وبدلا من أن يصبح التنافس بين المرشحين لأجل الصالح العام وتشخيص المشكلات والكشف عنها لإصلاح الأعطال يصبح الهم الأول تجميل الديمقراطية بالشكليات والتنافس الحزبي والصراع السياسي وبعد ذلك الالتفات إلى المصالح الشخصية ومحاولة جني الأرباح.
تخدم الانتخابات بقاء الأنظمة السياسية كما هي. حتى في الدول ذات الحكومات البرلمانية تسعى تلك الحكومات إلى الإبقاء على القوانين الانتخابية دون تطوير حتى تضمن إعادة انتخابها على قواعد اللعبة نفسها وبالتالي ضمان مصلحتها في العودة إلى السلطة وهذا واضح في كثير من الدول. فالسلطة القوية تستطيع إعادة برمجة المرشحين والناخبين وبرامجهم وبالتالي إعادة تدوير النواب وضمان تأييد نيابي لكل ما تقوم به.
لماذا تخشى الأنظمة من نتائج الانتخابات فتحاول ضبط إيقاعها لتكون مخرجاتها مناسبة لها؟ السبب يمكن كشفه بسهولة. فالبلاد غير المهيأة فعلا للديمقراطية تكون فيها العناصر الديمقراطية الأخرى مثل حرية الصحافة وحرية العقيدة وحرية التعبير وحرية الضمير وحرية الاختيار وحرية الرأي وغيرها غير قابلة للممارسة بالشكل الصحيح.
أحيانا تبدو الانتخابات أو هكذا يراد لها أن تكون توأم الديمقراطية وربما هي كذلك في عقول أغلبية الناس حول العالم فالانتخابات عند كثيرين تمثل الديمقراطية أو تعادلها وهي ذروة العملية الديمقراطية. هي الزينة التي تزين الحياة الديمقراطية إذا كان المجتمع قد مر بكل التجارب وعايش كل الظروف المؤدية إلى الإحساس بنيل الحقوق واحترام الإنسان وإنجاز العدالة الاجتماعية وتحقيق تكافؤ الفرص.
ولكن عندما يكون هناك حرص على إجراء الانتخابات لاختيار أعضاء مجلس نواب في الوقت الذي يكون فيه الشعب غير قادر على ممارسة حقوقه الأخرى فهذا المجلس لا يكون أكثر من مجرد زينة وتجميل لواقع مؤلم. الأصل أن يمارس الشعب حقوقه كاملة وبعد ذلك تكون الانتخابات تتويجا لممارسات ديمقراطية عديدة وحقيقية. وفي هذه الحالة يمكن للشعب الذي يتمتع بحريته في كل الميادين أن يمارس الانتخاب بحرية وينتخب المستحقين فعلا وعند ذلك لا خوف على الديمقراطية ولا خوف على النظام ولا خوف على الدولة.
في العادة تسعى دول العالم الثالث لإقامة برلمانات تبدو في الظاهر أداة للديمقراطية لكنها في الحقيقة تصبح وفق تشكيلها وطريقة تشكيلها أداة لمزيد من التعطيل للمسيرة الديمقراطية الحقيقية. في دول العالم الثالث تقوم السلطة بالتركيز على إبراز "ذروة الديمقراطية" أي البرلمان المنتخب لإخفاء الفشل والإخفاق في المسيرة الديمقراطية الطويلة.
بناء على هذا فالانتخابات النيابية لا تعني على الإطلاق أن الحياة الديمقراطية في بلد الانتخابات حياة متمتعة بالعافية والسلامة بل قد تكون للتغطية على غياب الحريات الأساسية. كما أن التصويت في انتخابات تلك هي صفات الديمقراطية التي تجري في إطارها لا يمكن أن يكون ممثلا لجميع المواطنين. ففي علم الإحصاء يكون المتحمسون والمقتنعون بالانتخابات قليلي النسبة في المجتمع وبالتالي لا تشكل أغلبية حقيقة تمثل المواطنين بالفعل ولكن ربما كانت تمثل أغلبية المشاركين الذين لا يمثلون في الأصل أكثر من ثلث مجموع السكان.
فالناس في العادة تعزف عن المشاركة في الانتخابات لقناعتها بان المرشحين الفائزين سيلتزمون فقط بالأجندات التي يمثلونها ولن يكونوا أصحاب أجندة وطنية منزهة عن المصالح سواء الشخصية أو الحزبية أو حتى تلك التي تخص جماعات الضغط والمصالح المالية والاقتصادية. فالمرشح الذي يصل إلى المجلس غالبا ما يتعرض إلى ضغوط اللوبيات التي دعمت وصوله فلا يسعه إلا الرضوخ لهذه الضغوط حتى لو كانت نتيجتها مخالفة لمصلحة المواطنين الذين انتخبوه بل أنها أحيانا تكون مخالفة لضميره ومخالفة للمصلحة الوطنية وتشكل خيانة للقسم الذي أداه عند بدء نيابته.
في كل أنحاء العالم يوجد نواب يعرف الجمهور جيدا كيف تخلوا عن المبادئ وتحللوا من الالتزامات وتم شراؤهم من جماعات الضغط أو القوى السياسية المتنفذة. وقد رأينا نماذج من نواب لا يستحقون الوصول إلى المجلس النيابي. نماذج من نواب يضيعون النصاب بخروجهم من الجلسات أو ينامون في الجلسات أو ينشغلون بالألعاب الإلكترونية أو الواتساب ويمارسون البلطجة على زملائهم أو بكل بساطة يضيعون الوقت بالخطب الرنانة والاستعراضية وإبداء مواقف غلافها وطني وجوهرها استعراض رخيص للوطنية.
وجود المجالس النيابية ليس أمرا إلهيا منزلا لا يجوز التعرض إليه. بل هي احدى واجهات الحكم التي يمكن العيش بدونها بل قد يكون العيش بدونها أفضل من وجودها. فالمجلس إن لم يكن فاعلا وممثلا حقيقيا للمواطنين ويعمل بحرفية سياسية متميزة ويعمل بجد وإخلاص وتفرغ كامل من دون انشغال أعضائه بالتجارة والعطاءات والبزنس الخاص والشركات فانه مجلس غير مرغوب فيه ولا لزوم له.
قد تبدو المعارضة لوجود مجلس نيابي ضربا من اللجوء إلى الفوضى لكن هذه الدعوة ليست كذلك. وإذا كانت الانتخابات البرلمانية قاصرة عن تحقيق الديمقراطية فإن السؤال الصعب هو ما هي البدائل الموضوعية؟
في الواقع لا يوجد بديل لمجلس النواب في الوقت الحاضر تماما مثلما لا يوجد بديل الآن لامتحان التوجيهي. ولكن إلى حين وجود البديل الحقيقي هناك مجموعة بدائل أولها الاقتناع بعدم ضرورة وجود مجلس نواب. ثم هناك بديل آخر أفضل وأكثر فائدة من مجلس نواب لا يخدم سوى المصالح الضيقة وهذا البديل هو فتح الأبواب دون حدود للصحافة الحرة وحرية التعبير بحماية دستورية وفق تعديل دستوري أشبه بالتعديل الأول على الدستور الأميركي. فالصحافة الحرة والصحافيين الأحرار لملاحقة الفساد وكشف الفاسدين وتنبيه الناس إلى حقوقهم والدفاع عنهم أكثر نفعا من مجلس نواب لا يقوم بواجبه.
في عام 1787 قال الزعيم الأميركي توماس جيفرسون في رسالة هامة عن المفاضلة بين الصحافة الحرة والحكومة قائلا "إذا كان لي أن اختار بين حكومة (كونغرس) بدون صحافة أو صحافة بدون حكومة فلن أتردد لحظة عن اختيار الثانية". في الواقع أن صحافة حرة تراقب وتكشف الحقائق أفضل ألف مرة من مجلس نواب كل إنجازاته تمرير القوانين والمشاركة في جاهات الأعراس وحضور المؤتمرات وجمع المياومات.
لقد سبق للمملكة أن عاشت بدون مجلس نواب لسنوات طويلة ولم يتغير شيء. كانت الحكومة في تلك الأثناء تضع القوانين وتسميها قوانين مؤقتة وتقوم بتطبيقها وبعد عودة الحياة البرلمانية لم يتغير شيء لذلك يمكننا العيش بدون مجلس نواب دون أن تتأثر حياتنا على الإطلاق.
ومن الناحية الرقابية فان الصحافة الحرة تقوم بالمهمة بصورة أفضل بكثير من مجلس النواب. فالصحفي الحر يكشف الحقائق دون مواربة وليس له مصلحة في إخفائها. أما النواب فان مراقبتهم لأداء الحكومة غير منزهة عن المصلحة والمنافع وكثيرا ما يتغاضون عن التقصير الحكومي.
أما الذي يمكن أن يعوض عن مجلس النواب المنتخب وبصورة دستورية فهو مجلس تشريعي يعين أعضاؤه بإرادة ملكية ويكون هذا المجلس هو السلطة التشريعية في المملكة. ومن المؤكد أن تعيين أعضاء هذا المجلس سيكون خاضعا للاختيار الملكي الذكي والحكيم بحيث يكون أعضاؤه ممثلين لكل أطياف المجتمع وفئاته وطبقاته دون إقصاء أحد أو تحيز لأحد. ويكون هؤلاء الأعضاء من السياسيين والمختصين من غير ذوي المصالح الخاصة ويكون عملهم في هذا المجلس هو عملهم الوحيد.
من المؤكد أن التوجه نحو المجلس التشريعي المعين يتطلب تعديلات دستورية وهذا ممكن. فالسلطة التنفيذية معينة وكذلك السلطة القضائية فما الذي يمنع أن تكون السلطة التشريعية كذلك؟






  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :