ما الحكم الشرعي لعدم سداد الدين؟ .. الافتاء تجيب
14-11-2021 12:12 PM
عمون - بينت دائرة الإفتاء العام الرأي الشرعي لحفظ حقوق الدائن والمدين، في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة التي يعيشها الناس، وفي حال تعذر قضاء الدين أو تأجيله عن الموعد المحدد، وحكم المماطلة للقادر على السداد، والحلول الشرعية التي أوجدها الإسلام لمن أثقلته الديون "الغارمين".
وأكدت دائرة الافتاء في رد على سؤال عمون، "الأصل أن الديون حقوق مالية في ذمة المدين لمصلحة الدائن يجب أداؤها متى ما حلّ أجلها، ولا يحلّ للمدين الموسر الذي يستطيع الأداء أن يماطل في أداء دينه متى ما كان قادراً عليه؛ فالدين في الأصل تبرع من الدائن للمدين بلا مقابل من زيادة على مبلغ الدين؛ فجزاء الإحسان بالتبرع بالدين ينبغي أن يكون إحساناً بالسداد بعدم المماطلة للقادر عليه؛ وإلا امتنع الناس عن الإقراض لعدم الوثوق بالسداد، وفي ذلك من الضرر على الفرد والمجتمع والاقتصاد ما هو معروف لأهل الخبرة".
وقالت، "لكن قد يتعثّر المدين فتغلبه ديونه ولا يستطع سدادها بما تيسر له من مال فهذا المعسر في عرف الشرع، وقد جاء الشرع الحكيم بحلول للمعسر منها أنه أوجب على الدائن أن ينظر المعسر عند حلول أجل دينه فيؤجّله لحين ميسرة إن ثبت إعساره، أو يسقط عنه الدين فيتصدق به عليه، ورتب على الصبر وإمهال المعسر أو التصدق عليه الثواب العظيم في الآخرة".
وعرفت دائرة الافتاء الغارم بأنه من استدان لأمر مباح شرعاً وحل وقت الوفاء بالدين وعجز عن ذلك، فيُعطى من الزكاة ما يعنه على سداد ديونه الحالة.
ودعت الجميع بأن يتراحموا فيما بينهم، وأن يتصالحوا ويتسامحوا، ويعفو بعضهم عن بعض، ويقوم أحدهم بحاجة أخيه إن استطاع، وأن يمهل صاحب الحق من عليه الحق، وأن يتجاوز إن أمكنه.
وجاء رد دائرة الإفتاء العام على سؤال عمون كما يلي:
الجواب وبالله التوفيق
الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله
الأصل أن الديون حقوق مالية في ذمة المدين لمصلحة الدائن يجب أداؤها متى ما حلّ أجلها، ولا يحلّ للمدين الموسر الذي يستطيع الأداء أن يماطل في أداء دينه متى ما كان قادراً عليه؛ فالدين في الأصل تبرع من الدائن للمدين بلا مقابل من زيادة على مبلغ الدين؛ فجزاء الإحسان بالتبرع بالدين ينبغي أن يكون إحساناً بالسداد بعدم المماطلة للقادر عليه؛ وإلا امتنع الناس عن الإقراض لعدم الوثوق بالسداد، وفي ذلك من الضرر على الفرد والمجتمع والاقتصاد ما هو معروف لأهل الخبرة.
ولذلك جاء الشرع بوجوب أداء الدين متى ما حلّ أجله، وبحرمة المماطلة للقادر على السداد، وندب إلى كتابة الدين والإشهاد عليه حفظاً للحقوق، يقول تعالى : {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا تَدَايَنتُم بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ مُّسَمًّى فَاكْتُبُوهُ، وَلْيَكْتُب بَّيْنَكُمْ كَاتِبٌ بِالْعَدْلِ}، ويقول تعالى {وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِن رِّجَالِكُمْ فَإِن لَّمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ مِمَّن تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاءِ أَن تَضِلَّ إِحْدَاهُمَا فَتُذَكِّرَ إِحْدَاهُمَا الْأُخْرَى} [البقرة: 282].
ولكن قد يتعثّر المدين فتغلبه ديونه ولا يستطع سدادها بما تيسر له من مال فهذا المعسر في عرف الشرع، وقد جاء الشرع الحكيم بحلول للمعسر منها أنه أوجب على الدائن أن ينظر المعسر عند حلول أجل دينه فيؤجّله لحين ميسرة إن ثبت إعساره، أو يسقط عنه الدين فيتصدق به عليه، ورتب على الصبر وإمهال المعسر أو التصدق عليه الثواب العظيم في الآخرة.
يقول تعالى: {وَإِنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ وَأَنْ تَصَدَّقُوا خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ} [البقرة/280]
قال الإمام البغوي :"{وَإِن كَانَ ذُو عُسْرَةٍ} وإن وقع غريم من غرمائكم ذو عسرة ذو إعسار {فَنَظِرَةٌ} فالحكم أو فالأمر نظرة أي إنظار {إلى مَيْسَرَةٍ} يسار ميسرة، {وَأَن تَصَدَّقُواْ}: أى تتصدقوا برؤس أموالكم أو ببعضها على من أعسر من غرمائكم {خَيْرٌ لَّكُمْ} في القيامة، وقيل أريد بالتصدق الإنظار؛ لقوله عليه السلام لا يحل دين رجل مسلم فيؤخره إلا كان له بكل يوم صدقة {إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ} [البقرة:226].
وبهذا جاءت السّنّةُ المطهرة، فعَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: (كَانَ تَاجِرٌ يُدَايِنُ النَّاسَ، فَإِذَا رَأَى مُعْسِرًا قَالَ لِفِتْيَانِهِ: تَجَاوَزُوا عَنْهُ، لَعَلَّ اللَّهَ أَنْ يَتَجَاوَزَ عَنَّا، فَتَجَاوَزَ اللَّهُ عَنْهُ) متفق عليه.
ومن الحلول الشرعية التي جعلها الإسلام لمن أثقلته الديون دفع الزكاة للغارمين بشروطها الشرعية؛ لأنهم مصرف من مصارف الزكاة؛ لقوله تعالى: {إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ} [التوبة: 60].
فالغارم هو من استدان لأمر مباح شرعاً وحل وقت الوفاء بالدين وعجز عن ذلك، فيُعطى من الزكاة ما يعنه على سداد ديونه الحالة.
لذا نتوجه بالدعوة إلى الجميع بأن يتراحموا فيما بينهم، وأن يتصالحوا ويتسامحوا، ويعفو بعضهم عن بعض، ويقوم أحدهم بحاجة أخيه إن استطاع، وأن يمهل صاحب الحق من عليه الحق، وأن يتجاوز إن أمكنه.
والله تعالى أعلم.