عمون - ما فتئ العاهل المغربي الملك محمد السادس، يدعو إلى تعاون موحد وفعال بين دول الجنوب، التي تضع العنصر البشري في قلب الأعمال والمشاريع والمبادرات التي تقوم بها المملكة المغربية، حيث تمت تسوية الوضعية القانونية لأزيد من 50 ألف مواطن من دول إفريقية صديقة وشقيقة، أصبحت معها وضعيتهم الإدارية سليمة كما استفادوا من مخطط وطني للإدماج يمكنهم من الولوج بشكل تام إلى الخدمات الاجتماعية والتربوية والطبية والاقتصادية.
 
رؤية المملكة لقضية الهجرة تتسم بحمولة عاطفية ومنطق إنساني وهو ما يهيكل اليوم حكامة الهجرة في المغرب حول الاستراتيجية الوطنية للهجرة واللجوء، التي تم إطلاقها سنة 2013، والتي عززت هذه المقاربة التضامنية والمندمجة المكرسة في استمرارية الانخراط التام للمملكة لفائدة إفريقيا.
 
وعلى غرار الأحداث المؤسفة التي شهدها السياج الحدودي الفاصل بين مدينة مليلية المحتلة ومدينة الناظور المغربية، يوم 24 حزيران 2022، فإن هذا البعد النبيل والفاضل للهجرة، مع الأسف، تقوضه الأعمال الإجرامية لشبكات الاتجار التي تستغل هشاشة الضحايا وتدفع بهم نحو مغامرات خطيرة ومميتة، حيث أن شبكات الاتجار هذه تستعمل مخططات تنطوي على عنف كبير، سيما من خلال عمليات اقتحام مخطط لها بطريقة شبه عسكرية بمهاجمين ذوي خلفيات ميليشياوية وقدماء محاربين ينحدرون من دول زعزعت الحرب والنزاعات استقرارها.
 
وتعد الاستراتيجية المغربية للهجرة واللجوء مبادرة غير مسبوقة على المستوى الإقليمي، تمت ترجمتها بإجراءين قويين وطدا البعد القاري للهجرة، وهما المرصد الإفريقي للهجرة والأجندة الإفريقية للهجرة.

وحرصا على مواصلة تعزيز التدبير الإنساني للحدود اعتمد المغرب في سنة 2020، مرجعا للإجراءات المعيارية من أجل منظومة للتوجيه والتكفل بالمهاجرين الذين يتم إنقاذهم في البحر أو توقيفهم على مستوى الحدود، كما أن السلطات المغربية تخوض، في مواجهة شبكات الاتجار هذه، حربا لا هوادة فيها، حيث تم تفكيك أزيد من 1300 شبكة خلال السنوات الخمس الأخيرة.

ويبقى المغرب على استعداد للتعاون بشكل كامل مع أصدقائه وأشقائه الأفارقة من خلال تبادل الخبرات والتكوين المتبادل، مع التأكيد على أنه يجب على دول الشمال أن تغلب منظورا متوازنا في مقاربتها التي لا ينبغي أن تقتصر فقط على الجانب الأمني، بل يتعين أن تقوم على حلول هيكلية حول التنمية المستدامة لبلدان المنشأ وتشجيع التنقل القانوني بين الضفتين.