facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




عيوب الملكية الدستورية


د. هايل ودعان الدعجة
15-03-2011 03:17 AM

وسط الاجواء الاحتجاجية التي تشهدها المنطقة ، والمطالبة بتعديلات دستورية واصلاحات سياسية ، ظهرت اصوات تطالب بالملكية الدستورية على غرار ما هو موجود في النظام السياسي البريطاني ، الذي يعد نظاما برلمانيا يستحوذ فيه حزب الاغلبية على العملية السياسية بشقيها التشريعي والتنفيذي ، وتكون فيه السلطة السياسية الفعلية بيد رئيس الوزراء ، وليست بيد رئيس الدولة الذي لا يتمتع بسلطات سياسية حقيقية . ولكن الى أي مدى يمكن اعتبار هذا النموذج البريطاني ، نموذجا مثاليا يعتد به في ادارة شؤون الدولة ، لدرجة المطالبة بتطبيقه في منطقتنا ، وفي بلد كالأردن بالذات ؟ وهل هو خالي من العيوب والثغرات والانتقادات ليكتسب هذه الصفة المثالية ويصبح نموذجا سياسيا مطلوبا او مفضلا على غيره من النماذج السياسية الاخرى ؟ .
وهل مفهوم الملكية الدستورية واضح ومكتمل ومفهوم بالنسبة للاشخاص او الجهات المطالبة بتطبيقه او تقليده في بلدنا بصورة تجعله خالي من العيوب ايضا ؟ .
يتصف النظام البرلماني باحتكار البرلمان للسلطة السياسية ، فلا توجد هناك سلطة خارج البرلمان ، وهو يقوم على اساس التوازن بين السلطتين التشريعية والتنفيذية ، اذ لا يوجد فصل بين السلطات بل عملية توزيع ادوار بين عناصر السلطة التشريعية نفسها ، طالما ان الحزب الحاصل على اغلبية مقاعد البرلمان هو الذي يشكل الحكومة ، ويسيطر بالتالي كليا على العملية السياسية في البلاد . ما يعني ان دور او مفهوم الرقابة غير موجود من ناحية عملية ، لأن الحكومة القائمة تملك الاغلبية بالضرورة ، ولا تملك الاقلية الا ان تعارض عن طريق مخاطبة الرأي العام . وهنا تبرز اول العيوب في هذا النظام السياسي . فكون السلطة محتكرة من قبل الاغلبية ، فانها قد تلجأ الى اساءة استخدامها من خلال مراعاتها لمصالح الفئات التي تمثلها والقواعد الشعبية والسياسية التي انتخبتها على حساب تجاهل مصالح الاقلية او قمعها ، بحيث تتحول السلطة الى حلبة صراع بين الاغلبية والاقلية ، التي قد تلجأ الى الانتقام في حال وصولها الى الحكم في المستقبل من خلال رعاية مصالح الفئات التي تمثلها فقط . اما العيب الاخر فيظهر في حالة عدم الحصول على اغلبية برلمانية ، حيث يتم اللجوء الى تشكيل حكومات ائتلافية تكون بالعادة هشة وضعيفة ، ما يؤدي الى حالة من عدم الاستقرار وعدم الاستمرارية في السلطة التنفيذية ، والى تمتع الاقليات البرلمانية الحزبية بثقل سياسي يفوق حجمها السياسي الحقيقي . فقد يتم تشكيل مثل هذه الحكومات الائتلافية من قبل احزاب متعددة وغير متجانسة في طروحاتها وبرامجها ، وقد تكون عقائدية ومركزية التنظيم فيصبح من الصعب الاتفاق او التوافق على رؤى او قواسم مشتركة ، طالما ان الاولويات والطروحات متناقضة . وحتى لو تم الاتفاق على قواسم مشتركة من ناحية نظرية ، فان احتمال التصادم مع الواقع عند الدخول في التفاصيل يبقى قائما . الامر الذي يعيق عملية اتخاذ القرار ورسم السياسة العامة للدولة ، ويؤدي الى عدم قدرة النظام السياسي على التكيف والاستجابة مع المتغيرات والتطورات المحيطة ، ما يؤثر سلبا على طبيعته من حيث الثبات والاستقرار والاستمرارية ، وستصاب الحكومات الائتلافية المشكلة بحالة من عدم الاستمرار ، بسبب قصر اعمارها التي قد لا تتجاوز بضعة اشهر . الامر الذي يجعل من امكانية تكوين برامج سياسية والتشريع لها وتطبيقها امرا صعبا للغاية ، وسيؤدي الى تشكيل حكومات هشة ، تكون عرضة للابتزاز السياسي من قبل الاقليات البرلمانية ، وعاجزة عن افراز برامج حكم فاعلة . ما يجعل من احتمال حدوث ازمات سياسية ودستورية في ظل هذا الواقع المعقد والشائك امرا متوقعا.
فاذا كانت بعض الدول الاوروبية العريقة ديمقراطيا ، والتي اخذت بهذا النظام البرلماني وعانت من مثل هذه العيوب والسلبيات كايطاليا مثلا ، قد اضطرت الى التعايش مع هذا الوضع الهش وغير المستقر ، من خلال القبول بتشكيل حكومات ضعيفة اعمارها لم تتجاوز خمسة او ستة اشهر . فان هناك دولا اخرى كفرنسا اضطرت الى تعديل نظامها السياسي البرلماني ، واستبداله بالنظام البرلماني الرئاسي المختلط ، لتلافي عيوب النظام البرلماني والملكية الدستورية . حيث تم الفصل حسب النظام البديل بين تشكيل الحكومة وبين التوزيعات السياسية في البرلمان ، فأصبح تشكيلها مناطا برئيس الجمهورية الذي يتمتع بسلطات سياسية واسعة ، ولا يخضع لاشراف البرلمان . اذ يتم تشكيل الحكومة من خارج مجلس النواب كليا ، بحيث ينحصر دور البرلمان بالرقابة والمحاسبة . فالحكومة المشكلة لا تحتاج الى اغلبية برلمانية لتبقى في الحكم ، بل ان مجلس النواب يحتاج الى اغلبية لاسقاطها . فبينما كان عدم وجود اغلبية برلمانية في النظام البرلماني يؤدي الى تشكيل حكومة ائتلافية والى سرعة الاطاحة بها ، فان عدم وجود اغلبية حسب النظام البديل يؤدي الى العكس ؛ أي الى استقرار الحكومة واستمرارها وصعوبة الاطاحة بالحكومة . وبنفس الوقت فان هذا النظام الفرنسي المختلط فتح المجال بشكل اكبر لتمثيل الاقليات التي كانت محرومة في النظام السابق من التمثيل في الحكومة ، دون ان يحرم الاغلبية من وزنها في الحكم ، والذي تستطيع ممارسته عن طريق حجب الثقة . وساعد هذا الوضع البديل ايضا على تفادي الاخطار التي يمكن ان تنجم عن احتكار الاغلبية للحكم . ولكن هذا لا يمنع من القول باحتمالية او امكانية بروز اغلبية برلمانية قد تتضارب ارادتها وتتعارض مع ارادة رئيس الدولة ، الذي وان كان يتمتع بصلاحيات سياسية واسعة ،الا ان هذه الصلاحيات لا تمكنه من معالجة هذه الاشكالية تحديدا . وفي الوقت الذي عالج فيه الرئيس الفرنسي الاسبق شارل ديغول مثل هذه الازمة السياسية عن طريق الاستقالة ، والرئيس الاسبق فرانسوا ميتران عن طريق الرضوخ لارادة الاغلبية ، فان احتمال وجود رئيس لا يقبل الاستقالة او الرضوخ يبقى احتمالا قائما . ما يؤدي الى ظهور حالة من عدم الاستقرار وربما الشلل السياسي الذي يمكن ان يتسع ويؤدي الى ازمة دستورية وسياسية .
وبالنسبة الى النظام السياسي ( الملكي ) الاردني ، فهو بعيد كل البعد عن الوقوع في مثل هذه الازمات السياسية والدستورية ، المتوقع ان تشهدها الانظمة السياسية العالمية الاخرى كالنظام البرلماني ( بريطانيا ) والنظام البرلماني الرئاسي المختلط ( فرنسا ) . فالدستور الاردني اعطى جلالة الملك جميع الصلاحيات التي يملكها رأس الدولة في النظام البرلماني الرئاسي المختلط ، وكذلك الصلاحية التشريعية ( الفيتو التشريعي ) التي يمتلكها رئيس الدولة في النظام الرئاسي ( الاميركي ) . اضافة الى تمتع الملك بصلاحيات دستورية اخرى لا يتمتع بها رأس الدولة في الانظمة السياسية السابقة ، كتعيين الاعيان والفيتو النهائي على التشريعات الدستورية . اضافة الى ان النظام الملكي الاردني بعيد كل البعد عن النظام البرلماني الذي لا يتمتع فيه رئيس الدولة باية سلطات سياسية فعلية ، لان الرئيس الفعلي للسلطة هو رئيس الوزراء .
وعليه فرغم ان النظام السياسي الاردني هو مزيجا من النظام الرئاسي ( الاميركي ) البحت والنظام السياسي البرلماني الرئاسي المختلط ( الفرنسي ) ، الا انه اقرب الى النظام الفرنسي الذي تتمتع فيه السلطة التشريعية بدور رقابي على اداء الحكومة واعمالها . كذلك فان صلاحية الفيتو التشريعي والفيتو الدستوري التي يتمتع بها راس الدولة في الاردن ، كفيلة بتلافي ظهور سلبيات عدم الاستقرار واشكاليات حدوث ازمات سياسية ودستورية ، ناتجة عن تضارب الارادات السياسية بين راس الدولة من جهة واغلبية برلمانية تريد ان تفرض نفسها من جهة اخرى . كما حدث في فرنسا في عهد كل من ديغول وميتران .
من هنا فان النظام الملكي الاردني ينطوي على اليات ذاتية ( صلاحيات الملك الدستورية ) كفيلة بمعالجة اية اشكاليات سياسية بصورة تلقائية ، ما يجعله يتسم بالثبات والاستقرار والاستمرارية .





  • 1 العبادي 15-03-2011 | 02:05 PM

    كلام جميل ومنطقي

  • 2 السباتين 15-03-2011 | 03:18 PM

    من اجمل ما قرأت عن الملكية الدستورية

  • 3 15-03-2011 | 03:42 PM

    ابدعت

  • 4 بسام الدروع 15-03-2011 | 03:42 PM

    ابدعت يا دكتور هايل و المقال حري به ان يكون ورقة عمل نقاشية توضيحية لمن يريدون ان يجروا البلاد ال الهاوية ولكن ان شاء الله و بوجود الوطنيين امثالك سيرتد كيدهم في نحورهم و سيبقى الاردن بقيادة الهاشميين الاطهار سدا منيعا امام مخططاتهم المشبوهة

  • 5 هاني العمري 15-03-2011 | 06:10 PM

    الهاشميين عمود البلد وسيدنا الملك عبدالله تاج فوق روسنا والاردن بلدنا.....وغير ابو حسين ما بدنا

  • 6 أحمد 16-03-2011 | 06:07 PM

    يا حبذا إن تكتب مقالا أخر عن عيوب الملكيه .

  • 7 عامر العبادي 17-03-2011 | 02:55 AM

    نريد أردنا عصريا ينافس سويسرا والسويد وماليزيا..
    النفاق أكبر عقبة في طريق نهضة الأردن.

  • 8 هيا 20-03-2011 | 03:52 PM

    رائع ...

  • 9 انور الشرفات 29-03-2011 | 04:03 PM

    الله يجزيك كل الخير يا دكتور هايل الدعجه واتمنى انه كل اردني يقراء هذا المقا ان يعرفه قيمة النظام اللمكي الهاشمي الاردني وقوة تماسكه والله يديم ابوحسين فوق روسنا

  • 10 واحد من الشارع 13-08-2011 | 05:01 AM

    رائعه ،،، هذا هو الكلام العاقل ، الذي يريد مصلحة الأردن ، بينما الآخرين يريدون تفكيك العشائر الأردنيه .....

  • 11 amer 01-10-2011 | 04:59 PM

    المقال .......


تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :