البحث عن القطبية المفقودة
د. بركات النمر العبادي
14-12-2024 01:48 PM
القوة كمفهوم تتجاوز المعاني السطحية المرتبطة بالسلطة أو السيطرة، إنها تتجلى في تنوعها وعمقها، لتُشكل قوة دافعة للتغيير، والإبداع، والنمو الشخصي والمجتمعي وهي الطريق للقطبية، هذا التنوع يخلق توازنًا معقدًا يتغير باستمرار بناءً على التحولات السياسية والاقتصادية، والقوى العالمية تمثل الفاعلين الرئيسيين في النظام الدولي عبر التاريخ ، وكانت القوى العظمى تتحكم في مسار الأحداث العالمية، وتغيرت خارطة النفوذ بتغير الظروف الجيوسياسية والاقتصادية، وفي هذا المقال سنلقي الضوء على القوى العالمية القديمة ، والحالية، والصاعدة، لعلنا نجد القطبية الخاصة بنا كعرب في ظل هذة المتغيرات .
تمثل القوى العالمية الاقطاب الفاعلين الرئيسيين في النظام الدولي ، والعالم اليوم يتسم بتعدد الأقطاب و الروؤس ، ولفهم ذلك لابد من استعراض لا اهم هذة الاقطاب عبر مرور الزمن :
اولا : الإمبراطوريات القديمة
• الإمبراطورية الرومانية: هيمنت على حوض البحر المتوسط وشكلت نموذجاً في القانون والإدارة.
• الإمبراطورية العربية والإسلامية : قادت الإبتكار العلمي والثقافي والتوسع التجاري من القرن السابع حتى القرن الثالث عشر.
• الإمبراطورية الفارسية: مركز طرق التجارة القديمة، وكان لها دور كبير في ربط الثقافات.
• الإمبراطورية الصينية: عبر سلالات مثل هان وتانغ، قدمت للعالم اختراعات كالبوصلة والورق.
• الإمبراطورية المغولية: وحدت آسيا الوسطى وربطت القارات من خلال "طريق الحرير".
ثانيا : القوى العالمية الحالية
1- الولايات المتحدة الأمريكية من حيث القوة الاقتصادية : تعتبر أكبر قوة اقتصادية ، مع ريادة في قطاعات التكنولوجيا والابتكار ، ومن حيث القوة العسكرية: فهي تمتلك أقوى جيش ، وتنتشر قواعدها في أنحاء العالم ، أما القوة الناعمة : ووسائل الثقافة الأمريكية ، من خلال هوليوود والإعلام، تحظى بتأثير واسع.
2- الصين فمن حيث التوسع الاقتصادي : فهي تعد ثاني أكبر اقتصاد في العالم ، وتستثمر بكثافة في البنية التحتية العالمية عبر مبادرة "الحزام والطريق". ، اما من حيث التكنولوجيا ، فهي لاعب رئيسي في الذكاء الاصطناعي والجيل الخامس ، اما السياسة العسكرية : فلها نفوذها البحري وتعمل على تحديث جيشها.
3- الاتحاد الأوروبي : ا لاتحاد الأوروبي يمثل تكتلاً فريداً يجمع 27 دولة في منظومة سياسية واقتصادية واحدة ، وتعد السوق الأوروبية الموحدة أكبر منطقة تجارية في العالم ، و اليورو (العملة المشتركة) هو ثاني أهم عملة احتياطية عالمياً ، وينتهج سياسة بيئية وتكنولوجية رائده في مكافحة التغير المناخي عبر "الصفقة الخضراء الأوروبية" الاستثمار في الابتكار التكنولوجي والطاقة المتجددة يعزز تنافسيته ، اما الدور السياسي والعسكري فيعد لاعباً رئيسياً في الدبلوماسية الدولية ، و بالرغم من ضعف التنسيق العسكري، فإن التعاون مع الناتو يجعل من الاتحاد الاوروبي شريكاً استراتيجياً.
4- روسيا : اما روسيا فهي مصدر رئيسي للطاقة العالمية، ونفوذها العسكري يجعلها قوة تقليدية مهمة.
5- اليابان : فهي مركز صناعي وتكنولوجي عالمي مع تأثير دبلوماسي متزايد.
ثالثا : القوى العالمية الصاعدة
1- الهند ، أكبر دولة من حيث السكان ، ونموها الاقتصادي السريع يجعلها مرشحة لتكون قوة عظمى، لديها نفوذ متزايد في تكتلات مثل مجموعة العشرين والبريكس.
2- البرازيل ، تقود أمريكا الجنوبية اقتصادياً وسياسياً، مع إمكانيات زراعية وصناعية ضخمة.
3- إفريقيا ، دول مثل نيجيريا وجنوب إفريقيا تُبرز كقوى إقليمية مع إمكانيات اقتصادية ضخمة.
4- جنوب شرق آسيا ، دول مثل إندونيسيا وفيتنام تشهد نمواً اقتصادياً وتحاول تعزيز نفوذها على المستوى العالمي .
فالقوى العالمية تتغير بمرور الزمن ، ويتطلب فهم الديناميكيات الدولية الحالية نظرة شمولية تأخذ بعين الاعتبار القوى القديمة الحديثة والصاعدة، فالاتحاد الأوروبي وعلى الرغم من التحديات، لا يزال قوة اقتصادية وسياسية مؤثرة ، في حين أن القوى الصاعدة كالهند وإفريقيا قد تغير النظام العالمي في العقود القادمة ، وعلى هذا مازلنات نبحث بين الاقطاب عن قطبنا العربي الاسلامي واين موقعه بين الاقطاب ، ولنعترف اننا امة قد اضعنا قطبيتنا منذ حلول القرن العشرين اي بعد الحرب العالميىة الاولى وانهيار الامبرطورية العثمانية قائدة العالم الاسلامي ، ومنذ ذلك الحين اضعنا البوصلة وحتى اننا فقدنا طريقة الاهتداء بالنجم ومازلنا نبحث عن قطبنا بين الاقطاب وفي الحقيقة اننا لم نبحث بعد عن قطبيتنا..... !!!
انظروا ماذا تفعل اسرائيل في سوريا ولبنان وغزة و الضفة الغربية وفي السودان و اليمن ، انها مهزلة كونية بقيادة اقطاب العالم المتوحش ، فأصبحنا بلا هويه بل انهم يعاقبونا على هويتنا الدينية و الثقافية ، وبالاصح يردوننا عزل من السلاح سواء كنا افرا د او جماعات ، فانهم يقصفون كل البنية التحتية للجيش السوري بحيث لم تجد الحكومة الجديدة في سوريا ما تدافع به عن شعبها ونفسها ، و الطيران الاسرائلي يصول ويجول وينتهك كل ماهو محرم على الارض السورية و اللبنانية و كامل التراب الفلسطيني، وسنبقا كذلك الى ما شاء الله ، و اليوم ( نشوفها اليوم بجارنا وغد لا قدر الله نشوفها في بيتنا ) و بهذا لا توجد دولة عربية في المنطقة في منأى من الخطر الاسرائيلي مادام بقي الحال على ماهو عليه والامة هذا حالها .
حمى الله بلادنا وسائر بلاد العرب المسلمين
* النائب السابق/ د. بركات النمر المهيرات العبادي