هجرة سرية عكسية من اسرائيل!
كمال زكارنة
21-06-2025 09:04 AM
يأتي يوم اللاجئ، الذي يصادف في العشرين من حزيران من كل عام، والأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1948 تشهد اليوم هجرة عكسية نشطة وسرية، بسبب العدوان العسكري الإسرائيلي على قطاع غزة وإيران، حيث يغادر آلاف الإسرائيليين سرًا إلى قبرص ويدفعون مبالغ مالية كبيرة، عبر موانئ حيفا وعسقلان وهرتسيليا، ومن قبرص يتوجهون إلى دول العالم الأخرى، ومعظمهم يختارون التوجه إلى بولندا، وهي أكثر دولة تصدر وصدرت اليهود المستعمرين والمستوطنين إلى فلسطين المحتلة، منذ عام 1947 وحتى الآن.
اليوم خط الهجرة عكسي، من إسرائيل إلى الخارج وليس من الخارج إلى إسرائيل، وهذه الهجرة هي المقتل الحقيقي للاحتلال الإسرائيلي الذي يقوم على تجميع اليهود في فلسطين المحتلة من خلال الهجرة.
مغادرة الآلاف لفلسطين المحتلة لا تتوقف على الإسرائيليين فقط، بل تشمل الأمريكيين الذين يبحثون عن وسائل وطرق للمغادرة الفورية، وكذلك الأوروبيين والآسيويين، مما يؤكد هشاشة هذا الكيان الغاصب الذي لا يوجد أي ارتباط بينه وبين الأرض التي يغتصبها ويحتلها، فهو كيان مهاجر ومؤقت كما تثبت الأحداث دائمًا.
كيان تنطبق عليه الآية الكريمة: "يخربون بيوتهم بأيديهم"، عندما دفع غرور نتنياهو وجنون العظمة، والتفرد بالقوة والهجوم على جميع الجبهات، بالدعم الأمريكي والغربي اللامحدود، إلى فتح جبهة إيران، ظنًا منه أنها سهلة، وأن تفوق إسرائيل الجوي سيمكنها من تحقيق انتصار ساحق وسريع على إيران، مستفيدًا من تجربته مع حزب الله في لبنان.
الهجوم على إيران ليس مفاجئًا ولا مباغتًا، بل مخططًا له على أعلى المستويات، وبمشاركة العديد من الدول وخاصة أمريكا وبريطانيا وغيرهما، وكانت الخطة تشمل باكستان وإيران وبعدهما تركيا ومصر، وبدأت الخطة بتحريك الهند ضد باكستان التي هزمتها بسرعة فائقة، ثم جاء دور إيران، حيث تضمنت الخطة انقلابًا داخليًا على النظام، بالتزامن مع الهجوم الإسرائيلي، وتعهدت إسرائيل بتدميرها خلال أيام قليلة، لكن الخطة فشلت.
فشل العدوان الإسرائيلي على إيران، يعني تلقائيًا فشل الخطة العدوانية على تركيا ومصر، وتغيير النهج العدواني لإسرائيل وحلفائها وأعوانها، وإجبارهم على تغيير استراتيجيتهم في التعامل مع دول الشرق الأوسط، تلك الاستراتيجية القائمة حتى الآن، على فرض الشروط والإملاءات والمصالح الإسرائيلية والأمريكية والغربية بالقوة، وعدم منح السياسة والدبلوماسية أية مساحة، إلا تلك التي تلبي شروطهم ومصالحهم، وقد اعترفوا علنًا، بأن إسرائيل تقوم بالدور القذر نيابة عنهم في الشرق الأوسط.
الكيان الغاصب اليوم في عين العاصفة، بعد أن اصطدم هو وحلفاؤه بالقوة التي تمتلكها إيران، وجرأتها وقدرتها على ضرب الكيان.
نتنياهو أدخل الكيان في ورطة وأزمة وجود حقيقية، وصرخات الإسرائيليين تخترق كل حواجز الصوت، وهم يستنجدون ويستغيثون لإنقاذهم من الموت، والصواريخ الإيرانية تنهال فوق رؤوسهم ليلًا ونهارًا.
غرور نتنياهو جعله يرفع سقف جنونه، حيث ارتفع طموحه لتغيير وجه العالم وليس وجه الشرق الأوسط فقط، حتى أصبح يقف الآن هو وكيانه على حافة حفرة الموت.
اعتادت إسرائيل أن تفتح الجبهات وتنتصر فيها وتغلقها متى شاءت، لكنها اليوم تشعل الجبهات وتهزم، ولا تستطيع أن تقرر نهاية لها لوحدها، والشواهد موجودة أمامنا.
لم يشهد الكيان منذ إقامته على أرض فلسطين المغتصبة، ضربًا ودمارًا وهزائم كما هو حاله اليوم، فقد بات معرضًا لفقدان الأمن والاستقرار والفوضى العارمة، والتفريغ من السكان، وتوقف العمل والإنتاج وشلل الحياة بجميع مناحيها.