facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




بين إيران وأمريكا واسرائيل: لماذا يحتاج العرب إلى خيار ثالث؟


سعود الشرفات
25-06-2025 01:40 AM

هل وضعت الحرب أوزارها؟ سؤال يطرح نفسه بإلحاح في اللحظة الراهنة، بينما يتأمل المراقبون مشهد الشرق الأوسط الملبد بالغيوم والمخاوف، وتبدو فيه طهران وواشنطن، ومعهما تل أبيب، كأنهم أبطال مشهد متكرر، يدور في حلقة مفرغة بين التهديد والتصعيد ثم العودة إلى طاولة التفاوض.

بات واضحًا أن إيران، على الرغم من العقوبات والضغوط والضربات الإسرائيلية والأمريكية الموجعة، لم تخرج من المشهد. بل على العكس، يبدو أن نهاية الصراع أو ما يشبه نهايته قد تكرّس طهران لاعبًا رئيسيًا في ترتيبات المنطقة. وهذا ما ألمح إليه الرئيس الأمريكي دونالد ترامب وادارته صراحة، حين أكد مرارًا أنه لا يسعى لإسقاط النظام الإيراني، تاركًا هذا الخيار للشعب الإيراني نفسه. واللافت أن هذا "الحرص" الأمريكي على عدم اسقاط النظام الإيراني لم يُظهره ترامب في الحالة السورية مثلاً، وهو ما يطرح أسئلة أكثر مما يجيب.

إن المتأمل في مسارات العلاقة بين إيران والولايات المتحدة لا يجد سوى ثلاثة سيناريوهات محتملة: تحالف مباشر ومصلحي كما حدث سابقًا في أفغانستان والعراق، أو عداء دائم مفتوح على التوتر والتصعيد، أو إذعان متبادل يتضمن تنازلات متبادلة في إطار صفقة شاملة. لكنّ المؤلم في كل هذه السيناريوهات أن الخاسر الأكبر فيها هم العرب.

في كل الاحتمالات، ستكون النتيجة هي تعزيز موقع إيران الجيوسياسي، سواء كعدو تُستثمر في مواجهته، أو كحليف يُبنى على نفوذه، أو كشريك يُقايض على وجوده في ملفات المنطقة. أما العرب، فهم غالبًا الغائبون الحاضرون: يُستدعون كأرقام في الحسابات لا كفاعلين في السياسات.

المطلوب عربياً ليس التحالف مع هذا أو ذاك، بل أن تكون لإيران حدود واضحة في سلوكها الإقليمي، تبدأ من احترام الجوار وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول العربية، أياً كان نوع النظام السياسي في طهران. فالخلاف ليس مع طبيعة النظام الإيراني بقدر ما هو مع عقيدة تصدير الثورة وسياساته التوسعية وأذرعه الميليشياوية العابرة للحدود. ذلك أنه في النهاية "ليس مهم لون القط ما دام يأكل الفئران".

لكن الصورة أكثر قتامة من مجرد استراتيجيات تتنافس فيها قوى عظمى وإقليمية. فالمواطن العربي العادي الذي أُنهك من الصراعات مُكبّل ويعيش حالة من العجز المزدوج: من جهة، هو مُهمَّش في صناعة القرار ومُستبعد من معادلات التأثير، ومن جهة أخرى، يُطلب منه أن يكون دائم التهليل والولاء للقيادات "الملهمة"، التي كثيرًا ما تُقايض قضاياه الكبرى بأمن لحظي أو شرعية هشة.

كيف لمواطن أُرغِم على التماهي مع القائد، لا مع الوطن، أن يُنتج مشروعًا يحفظ له كرامته ويضمن له مستقبلًا؟ كيف له أن يملك قدرة الدفاع عن وطنه إن كانت أدواته بالفعل (العقل، واللسان، واليد، والرجل) قد سُلبت منه تدريجيًا تحت عناوين الطاعة والانضباط والولاء؟.

ومع ذلك، لا يجب أن يُفرض على هذا المواطن، أو على أي دولة عربية، القبول بالانخراط في ثنائية إيران أو أمريكا. هذا الانقسام القاتل بين "إما معنا أو ضدنا" يجب أن يُرفض جملة وتفصيلًا. ليس على العرب أن يكونوا امتدادًا لمشروع فارسي أو أمريكي أو إسرائيلي، بل من حقهم أن يبحثوا عن طريق ثالث، مشروع خاص بالأمة العربية، يعبر عن آمال الشعوب لا أجندات الخارج.

ربما يبدو هذا المسار صعبًا بل وشبه مستحيل في الظروف الحالية، لكنه يظل الخيار الوحيد المُجدي على المدى البعيد. الطريق الثالث ليس حيادًا سلبيًا، بل هو فعل استراتيجي يُبنى على إدراك المصالح العربية، وعلى إيمان عميق بأن الكرامة والسيادة لا تُشترى من عواصم القرار الكبرى.

المطلوب ليس شعارات فارغة أو بيانات موسمية، بل رؤية عربية شجاعة، تنبع من داخل العالم العربي، وتُدار بعقول تقرأ التاريخ جيدًا، وتُدرك أن الانخراط في لعبة المحاور قد يحرق الجميع. نحن بحاجة إلى مشروع نهضوي عربي، مستقل وغير تابع، يستلهم من الماضي دروسه، ومن الحاضر تحدياته، ومن المستقبل طموحات أجياله.

الخلاصة؛ أنه في زمن الاصطفافات الحادة، يصبح الحياد ذكاءً، ويصبح الاستقلال فعل مقاومة. وها نحن اليوم، أكثر من أي وقت مضى، مدعوون لا إلى اختيار طرف في الصراع، بل إلى ابتداع مسارنا الخاص، وبناء مشروعنا الذي طال انتظاره.





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :