الاتحاد الأوروبي يتجه لمراجعة علاقاته بإسرائيل بسبب غزة
25-06-2025 07:56 PM
عمون - كشفت مسؤولة السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي مايا كالاس، اليوم الأربعاء، أنها تعتزم التواصل مع الحكومة الإسرائيلية على خلفية مراجعة أجرتها مؤسسات الاتحاد الأوروبي بشأن مدى امتثال إسرائيل لبنود اتفاقية الشراكة الثنائية، في ظل تقارير حقوقية تتحدث عن انتهاكات محتملة في قطاع غزة والضفة الغربية. وتُعد هذه الخطوة الأوروبية أول تحرك رسمي نحو مراجعة العلاقة السياسية والاقتصادية مع إسرائيل، منذ بداية الحرب على غزة في 2023، وسط انقسام داخلي بين الدول الأعضاء حول مستوى الاستجابة وسبل الضغط.
وأوضحت كالاس أن هذه الخطوة تأتي "ضمن مسار دبلوماسي منظم"، تستهدف فتح حوار مباشر مع تل أبيب قبل اجتماع وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي المقرر في يوليو/تموز.
مراجعة أوروبية: مخاوف من خروقات "جسيمة"
وجاءت تصريحات كالاس بعد نشر مراجعة أعدتها خدمة العمل الخارجي الأوروبي، خلصت إلى وجود "مؤشرات قوية" على خروقات خطيرة للقانون الدولي من جانب إسرائيل، قد تُعد انتهاكاً للمادة الثانية من اتفاقية الشراكة، والتي تُلزم الطرفين باحترام حقوق الإنسان كعنصر أساسي في العلاقة.
وتتضمن المخاوف الأوروبية تقارير عن منع وصول المساعدات إلى غزة واستهداف منشآت مدنية وطبية وتجويع السكان، فضلا عن الوضع في الضفة الغربية بما في ذلك عنف المستوطنين، وهي ممارسات قالت المراجعة إنها قد ترقى إلى "انتهاكات جسيمة" للقانون الدولي، وفق تقييمات استندت إلى تقارير صادرة عن هيئات أممية ومحكمة العدل الدولية.
انقسام داخل الاتحاد الأوروبي
أثارت نتائج المراجعة انقساماً واضحاً بين الدول الأعضاء، حيث طالبت دول مثل إسبانيا وبلجيكا وإيرلندا وهولندا بتعليق الاتفاقية ووقف صادرات الأسلحة، معتبرة أن الممارسات الإسرائيلية "لا يمكن التساهل معها".
في المقابل، فضّلت ألمانيا وإيطاليا واليونان مقاربة أكثر حذراً، داعية إلى البدء بحوار دبلوماسي مع إسرائيل دون خطوات عقابية فورية.
أما المجر والنمسا والتشيك، فرفضت مضمون التقرير، ووصفت أي إجراء ضد إسرائيل بأنه "غير مبرر سياسيا".
ووفق مصادر دبلوماسية، فإن الاتحاد يبحث حالياً آلية تدريجية للضغط، تشمل مراجعة مشاريع التعاون الأكاديمي وتقييد التأشيرات ومراقبة تصدير الأسلحة، دون تعليق فوري للاتفاقية الذي يتطلب إجماعاً نادر الحدوث.
كالاس: "الاتحاد الأوروبي لن يتساهل مع الانتهاكات"
وفي تصريحها الأربعاء، قالت كالاس إن بروكسل ستخاطب تل أبيب رسميا لعرض نتائج المراجعة، مؤكدة أن "الهدف ليس معاقبة إسرائيل، بل وقف الانتهاكات وضمان تدفق المساعدات الإنسانية إلى غزة".
وأشارت كالاس إلى أن أي تحرّك مستقبلي يجب أن يكون "مدروساً، ومتدرجاً، ومرتبطاً بتقييم الأوضاع الإنسانية على الأرض".
وأضافت مسؤولة السياسة الخارجية في الاتحاد "إذا لم نر تحسنا ملموسا على الأرض، فإن الاتحاد الأوروبي سيضطر إلى مراجعة علاقته الثنائية مع إسرائيل، بكل ما تحمله من تبعات".
إسرائيل ترد: المراجعة "منحازة" وتخدم "الدعاية المعادية"
في المقابل، هاجمت وزارة الخارجية الإسرائيلية خطوة الاتحاد، ووصفت المراجعة بأنها "منحازة، وتفتقر إلى الموضوعية، وتتجاهل الجرائم التي ارتكبتها حركة حماس".
وفي بيان رسمي، قالت الخارجية إن "الاتحاد الأوروبي يتغاضى عن معاناة المدنيين الإسرائيليين، ويخدم أجندات معادية لإسرائيل"، مضيفة أن أي تحرك سياسي بهذا الاتجاه "سيقوض فرص الحوار".
واعتبرت أن "الخطاب الأوروبي الأخير لا يخدم السلام، بل يشجع على تشويه صورة إسرائيل أمام المجتمع الدولي".
ونقل الإعلام الإسرائيلي عن مسؤول دبلوماسي قوله "التواصل مع إسرائيل في هذه المرحلة دون الاعتراف بخطر الإرهاب يضعف مصداقية الاتحاد الأوروبي كمحاور نزيه".
منظمات حقوقية: الاتحاد مطالب بخطوات ملموسة
وكانت منظمة العفو الدولية قد رحبت في وقت سابق بتحرك الاتحاد الأوروبي، مؤكدة أن أي حوار مع إسرائيل "يجب أن يكون مشروطاً بتحقيق فوري في الانتهاكات".
وقالت أيف جيددي، مديرة مكتب المؤسسات الأوروبية في منظمة العفو "ما نراه في غزة لا يرقى فقط إلى أزمة إنسانية، بل إلى جريمة جماعية. الاتحاد الأوروبي تأخر كثيراً في التحرك، وعليه التزام أخلاقي وقانوني بعدم التستر على هذه الانتهاكات".
وفي السياق ذاته، دعت الفيدرالية الدولية لحقوق الإنسان إلى "تجميد التعاون الأوروبي مع المؤسسات المتورطة في تسليح أو دعم العمليات العسكرية الإسرائيلية التي تخالف القانون الدولي".
خيارات أوروبية مطروحة
وفق مصادر دبلوماسية في بروكسل، تشمل الخيارات المطروحة أمام الاتحاد الأوروبي احتمالات متعددة، في حال لم يتغير الوضع ميدانيا، بينها إطلاق حوار رسمي مع إسرائيل بموجب البند 79 من اتفاقية الشراكة، أو مراجعة برامج التمويل المشترك والأبحاث الأكاديمية، أو فرض قيود على منح التأشيرات لمسؤولين عسكريين، أو تعليق بعض بنود الاتفاقية.
ومن المتوقع أن يناقش وزراء خارجية الدول الأعضاء نتائج الاتصال بين كالاس والحكومة الإسرائيلية خلال اجتماعهم المقبل في تموز/يوليو، لتحديد ما إذا كانت هناك حاجة لخطوات إضافية.
مسار مفتوح على احتمالات متعددة
تؤشر التصريحات الأوروبية الأخيرة إلى تحول تدريجي في موقف الاتحاد تجاه إسرائيل، دون أن يصل بعد إلى موقف موحّد. وفي وقت تواجه فيه بروكسل ضغوطاً متزايدة من منظمات حقوقية ومن بعض العواصم الأوروبية لاتخاذ موقف أكثر حزماً، يبقى رهان المرحلة القادمة على ما إذا كانت إسرائيل ستستجيب للضغوط، أم أن الموقف سيتجه نحو مزيد من التصعيد الدبلوماسي. "doualiya"