facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




حين يُلغى صوت الناس وتُزرع البلديات بقرارات فوقية


مصطفى توفيق ابورمان
07-07-2025 12:53 AM

إذا صحّت الرواية بأن الحكومة تدرس جدّياً تعيين رؤساء البلديات الكبرى، وبلديات الفئة الأولى، بدلاً من انتخابهم من قِبل أبناء مدنهم ومجتمعاتهم، فنحن أمام خطوة خطيرة تهدم جوهر اللامركزية وتعيد إنتاج المركزية بلباس جديد.

إن فكرة سحب حقّ المواطن في اختيار من يقوده محلياً، ومن يعرف شوارع مدينته، ومياهها الراكدة، وحفرها، وأزقتها المهمشة، واستبداله بشخص يُفرض من من فوق ، لا يعرف جغرافيا المكان ولا تركيبة الناس، ولا أوجاعهم اليومية، هي خطوة تفتح الباب واسعاً أمام تغول السلطة التنفيذية على استقلال السلطات المحلية.

(أهل مكة أدرى بشعابها)
لطالما كان هذا المثل العربي عنواناً للحكمة في شؤون الإدارة والتدبير، فكيف لرئيس بلدية مُعيّن أن يُدير مدينة لم يسكنها، ولم يمشِ في أحيائها، ولم يخالط أهلها؟
كيف له أن يحدد أولوياتها، ويوازن بين مطالبها، ويتفهم حاجات مجتمعها، وهو لم ينبع منها؟ المنتخب يعرف، والمُعيّن يُنفّذ.

المنتخب يحاسب أمام الناس، والمُعيّن لا يرى إلا مَن عيّنه.

فأمانة عمّان أنموذجاً صارخاً منذ عقود، تُدار العاصمة الأردنية عمّان من خلال أمين تُعيّنه الحكومة.

وقد كانت هذه التجربة للأسف،مليئة بالخلل والتخبط.

أولويات غائبة، قرارات جباية تُقدَّم على أبسط الخدمات، تهميش للمجتمع المحلي، وانفصال تام بين الأمانة وواقع المدينة الحقيقي.

مزاجية في التعامل مع المواطنين، محسوبيات في التعيينات، وتغليب للمشاريع الشكلية على الاحتياجات الأساسية والنتيجة: مدينة تنمو بلا هوية، وتُدار بلا نبض أهلها.

المخاوف من القرار ليست افتراضاً، بل قراءة واقعية من يُعيَّن لا يشعر بثقل المسؤولية كما يشعره من انتخبه الناس، لأن مصدر شرعيته ليس الجمهور، بل المكتب الذي وقّع كتاب التعيين.

ومن يأتي بهذه الطريقة يكون في كثير من الأحيان مجرد أداة لتنفيذ سياسات حكومية، لا همّ لها إلا الجباية، ورفع الرسوم، وتمرير قرارات مجحفة لا يمكن تمريرها في ظل رئيس منتخب يعرف معنى المحاسبة الشعبية.

بل الأسوأ من ذلك، أن يتحوّل التعيين إلى بوابة لتمرير مصالح ضيقة، أو محاباة أشخاص بعينهم، فيُمنح المنصب لمن لا يعرف المدينة ولا يُؤمن بخدمتها.

البلديات ليست ديكوراً، بل رئة تنفّس الناس.

إلغاء انتخاب رؤساء البلديات الكبرى ليس مجرد تعديل إداري، بل نكسة للديمقراطية المحلية، وتراجع عن أبسط أشكال المشاركة الشعبية.

وفي بلدٍ مثل الأردن، حيث البلديات تشكل العمود الفقري للحياة اليومية، فإن ضرب استقلالها وتجفيف روحها الانتخابية هو قرار لا يحتمل الصمت.
إن التجربة علمتنا أن من يعرف مدينته هو الأقدر على خدمتها، وأن من ينبع من الناس هو الأحرص على مصالحهم.

أما القرارات المفاجئة، التي تفتقر إلى الشفافية، ولا تمر عبر قنوات حوار شعبي حقيقي، فهي قرارات تُفرض ولا تُبنى.

فلنقلها بوضوح: أهل مكة أدرى بشعابها، ولا كرامة لمدينة يُفرض عليها من لا يعرفها، ولا يحس بها.

*مصطفى توفيق أبو رمان
كاتب وباحث في الشأن العام





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :