facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




تأملات في أحوال المدينة .. وبائع الورد


سهى الصبيحي
07-07-2025 12:29 PM

قد يكون بائع الورد من القلة القليلة الذين يحق لنا أن نسألهم عن أحوال المدينة؛ فمن غيره يتنقل بين مفترقات الطرق، وفي يديه سلة تفيض بباقات الورد، يعرضها على هذا وذاك، ولا يمل من الترديد بشغف: "ورد.. ورد!"، أو تراه حينًا آخر يسأل بلطف: "تشتري وردة؟"، وأحيانًا يهمس لمن يرى في عينيه حزنًا: "خذ لك وردة تفرح فيها قلبك..".

تراه يذرع الأرصفة ذهابًا وإيابًا، متأملًا في الوجوه، عارضًا وروده على نوافذ السيارات وعلى المارّة، يحاول جاهدًا أن يزرع الفرح في طريقهم. فهو ليس كأي بائع .. هو بائع الفرح المتجوّل، يقف صامدًا في وجه حر الشمس ولسعات البرد، متجاهلًا كآبة المارّة، وصخب السيارات، واختناقات المرور.. بل وحتى مطاردات رجال القانون أحيانًا.

وعلى الجانب الآخر من المشهد، يتجاهله الزبائن المحتملون في أغلب الأوقات. وبينما يناديه أحدهم ليسأل عن السعر- وهل للورد ثمن يُقدَّر؟ - يبدأ آخر بالمساومة، محاولًا خفض سعر باقة قد تكون أقل كلفة من شرائها من متجر الأزهار في مواسم الأعياد وحفلات التخريج. فجأة، تلوّح له فتاة خجولة طالما تمنت أن يهديها أحدهم وردة، لكنها قررت أن تهديها لنفسها. تشتري وردة حمراء، وتضمها إلى قلبها بفرحة غامرة، وكأنها حصلت على أثمن الجوائز.

غريبة هي حياة بائع الورد! ويا تُرى، هل لرائحة الورد وعبق عطره أثر على قدرته على الاحتمال؟ هل لديه مهنة أخرى غير بيع الأحلام على قارعة الطريق؟ هل تمنى يومًا أن يهديه عابر وردة؟ وهل سبق له أن انتقى أجمل وردة من سلته وأهداها لمن يحب؟ أم أن "باب النجار مخلّع"، و"الخياط ثوبه مقطوع" كما يقولون.

قليلون هم من يدركون لغة الورد، وأقلّ منهم من يتأملون بصمت كفاحات بائع الورد.. وأقلّ من يدرك أن بائع الورد يعي أحوال المدينة في وجوه المارّين فيها، وفي نظراتهم الشاردة، وفي خطواتهم المتعبة.. وحين يبتاعون الورد.





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :