كيف لنا ان نصدق ترمب ونثق به!!
كمال زكارنة
10-07-2025 11:08 AM
الف باء الوساطة والوسيط ان يكون محايدا، وغير منحاز لأي طرف من اطراف الصراع المنوي وقفه وانهاءه،فهل هذه الابجدية متوفرة في الادارة الامريكية التي تقود المفاوضات والوساطات، بين المقاومة الفلسطينية والكيان الغاصب بمشاركة عربية .
كل الدلائل والمؤشرات والمواقف المتصلة باركان الادارة الامريكية ،قولا وعملا وفعلا ،تؤكد يوما بعد يوم، بأنها منحازة بالمطلق الى جانب الكيان ،وتتبنى روايته ومواقفه ومطالبه ،بل وتتجاوز في تطرفها لصالحه سقفه بكثير، على حساب الجانب الفلسطيني.
كل ما يهم الادارة الامريكية هو أمن اسرائيل،وتوفير الحماية لها لعقود قادمة،لذا تراها تعمل بكل ما تستطيع ،سياسيا واقتصاديا وعسكريا وأمنيا ،لصالح ذلك الامن،ولا تتردد في خوض الحروب وتدمير دولا قائمة وسحق شعوبها ومقدراتها،واسقاط انظمتها الحاكمة، لاجل مصالح الكيان الامنية والتوسعية .
خلال الاسبوع الماضي ،امطر ترمب العالم بتصريحات متتالية من قلب البيت الابيض،بأنه سيعمل على قوف الحرب في غزة،وسيكون حازما جدا مع نتنياهو لتحقيق ذلك،لكن ماذا حصل في لقائين متعاقبين بين ترمب ونتنياهو في البيت الابيض ،في اللقاء الاول سلم نتنياهو ترمب مقترحا قدمه لحصول ترمب على جائزة نوبل للسلام ،علما بأن ترمب لم ينجح في تحقيق اي سلام ،لا بين اكرانيا وروسيا ،ولا على الجبهات الاسرائيلية العربية والفلسطينية ،ولا حتى في الحروب التجارية الامريكية الصينية والامريكية العالمية ،وما يزال ترمب يشعل نقاط التفجير في مختلف دول العالم ،ومن الافضل ترشيحة لنيل جائزة نوبل للشر ،بعد ان يتم استحداثها خصيصا له.
يبدو ان هذه الحركة التي قام بها نتنياهو ،وهي تحمل اطنانا من النفاق والرياء والتملق والتزلف والتوسل والكذب،جعلت ترمب يتراجع خطوتين الى الوراء ،ويخفف ضغوطه على نتنياهو بشأن العدوان الاسرائيلي على غزة،هذا اذا كان ترمب صادقا من الاصل في تصريحاته ازاء غزة،التي فاض بها العطف والحنان والتعاطف الترامبي المفاجيء مع الغزيين ،ما جعلنا نتساءل عن الاسباب والمصداقية في ذلك،ونحن نشاهد مراكز الاعدام الامريكية في القطاع ،التي تغلف بأسماء انسانية واغاثية ،ودفعات الذخائر والاسلحة والقنابل،وهي تتدفق من امريكا الى الكيان عبر جسور جوية وبحرية ،لذبح وابادة اهالي غزة ،وتهجير من يكتب له عمرا.
في اللقاء الثاني ،صحيح ان ترمب كان جالسا ونتنياهو واقفا ،وفي ذلك محاولة لاظهار عدم احترام او اهتمام بالضيف،هكذا تفسر دبلوماسيا على الاقل،وعلى عكس زيارة اخرى عندما ظهر ترمب وهو يسحب الكرسي ويهيئه لنتنياهو كي يجلس عليه ،فرق شاسع بين اليوم والامس .
ما يهمنا نتائج هذا اللقاء،وهل سيفي ترمب بوعده بوقف الحرب على غزة ،ووضع حد للعدوان الاسرائيلي ووقف الابادة الجماعية ضد الشعب الفلسطيني في القطاع المدمر.
لم يصدر عن البيت الابيض ما يشير الى تغير مهم في مواقف نتنياهو،بل جدد التأكيد في تصريحات ادلى بها بعد انتهاء لقاءه الثاني مع ترمب، بأن هدفه القضاء على قدرات حماس العسكرية والسلطوية ،وتحرير جميع الاسرى الاسرائيليين الاحياء والاموات،فاتجهت الانظار الى الدوحة لمراقبة ومتابعة نتائج المفاوضات الجارية هناك بقيادة ويتكوف،الذي صرح بأن ثلاثة ارباع النقاط الخلافية تم حلها والتوافق عليها ،وبقيت نقطة واحدة تتعلق بالانسحبات الاسرائيلية داخل قطاع غزة.
وهي النقطة الرئيسية والجوهرية،حيث تصر اسرائيل على البقاء عسكريا في محور موراج ،حتى تتمكن من تجميع اكثر من ستمائة الف فلسطيني بين هذا المحور ومحور فيلادلفيا ،في مدينة من الخيام ،لتحقيق عدة اهداف،اهمها تفريغ شمال قطاع غزة من السكان ،وتهيئة الظروف لتهجير اكبر عدد ممكن من سكان القطاع بعد حصرهم في سجن كبير ،يذكرنا باقسام معتقل انصار جنوب لبنان مطلع الثمانينيات،والتحكم بحركة وحياة ومعيشة المواطنين الفلسطينيين بشكل مباشر،والفصل بين المقاومة والحاضنة الشعبية ،ومحاولة كشف معاقل المقاومة والوصول اليها وتدميرها.
حتى الآن لا نتائج واضحة للقاء ترمب ونتنياهو ،الامر الذي يعني ان ترمب لا يملك من امره تنفيذ ما يقوله ،او ان نتنياهو يحمل جهاز تبريد يبطل به مفعول ترمب في كل مرة.