facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




مؤشر RI² لمخاطر النزاهة البحثية: مرآة كشفت عورة الجامعات


د. أحمد غندور القرعان
11-07-2025 09:04 PM

في الأسابيع الأخيرة، برز على السطح مؤشر جديد يحمل اسم "مؤشر RI² لمخاطر النزاهة البحثية". هذا المؤشر لم يبحث عن عدد الأبحاث المنشورة، ولا عن معامل التأثير أو عدد الاستشهادات، بل ذهب مباشرة إلى جوهر المسألة: هل ما يُنشر يمثل إنتاجاً علمياً حقيقياً، أم أنه مجرد أوراق تُكتب لتُقدَّم في ملفات الترقية؟.

جاء التصنيف باستخدام ألوان لا تحتمل التأويل: أحمر شديد الخطورة، زهري لخطورة عالية، أصفر للمراقبة، أخضر للوضع الطبيعي، وأبيض للدلالة على غياب المخاطر. المؤلم أن بعض الجامعات الأردنية وُضعت في اللون الأحمر، وبعضها في الزهري أو الأصفر، ولم تُصنف أي منها ضمن الأخضر أو الأبيض. وهذا وحده كافٍ لندرك حجم المشكلة التي كنا نتجنّب رؤيتها.

يعتمد هذا المؤشر على تتبّع عدد الأبحاث التي تم سحبها من المجلات، وهو لا يتعامل مع السحب كحادثة عابرة. فالأبحاث لا تُسحب إلا إذا ثبت أنها زائفة، أو منتحلة، أو مشترى نشرها، أو خالفت معايير الأخلاق والنزاهة العلمية. كما ينظر المؤشر في عدد الأبحاث المنشورة في مجلات تم سحب تصنيفها لاحقاً بسبب فقدانها للحد الأدنى من المراجعة الأكاديمية. ولأن بعض الجامعات سمحت، أو غضّت الطرف، عن ممارسات نشر جماعي في هذه المجلات، أصبحت مرتبطة بشكل مباشر بهذا النوع من الأبحاث. وهذا النوع من التصنيف لا يرحم ولا يجامل.

ردة الفعل في الأوساط الأكاديمية كانت متوقعة. فبدلاً من الاعتراف بالمشكلة، سارع البعض للتشكيك في المؤشر، واتهامه بالتسييس، وتكرار الحجج القديمة عن "الخصوصية" و"البيئة المحلية". لكن الحقيقة أن هذا المؤشر لا يهتم إن كنت من جامعة كبرى أو صغرى، ولا إن كنت من بلد غني أو فقير، هو فقط يسأل: هل تنشر بحثاً حقيقياً؟ هل يُسحب بحثك بعد النشر؟ هل المجلة التي تنشر فيها لا تزال مُعترفاً بها؟ هل أنت باحث أم مجرد صانع أوراق؟

المؤشر فضح منظومة تعيش على الكم وتحتفي بالوهم. أبحاث تُشترى، ومجلات تُباع، وترقيات تُمنح على أعمال لا تُقرأ، ولا تُدرّس، ولا يُستفاد منها. البعض لا يقرأ حتى ما يكتبه، ولا يتابع هل طُبّق أو استُشهد به لاحقاً. البحث العلمي تحول في بعض المؤسسات إلى عملية إدارية بحتة، يتم فيها ملء الاستمارات دون النظر في قيمة المحتوى أو أثره الحقيقي.

سيأتي وقت، وقد لا يكون بعيداً، تسعى فيه نفس الجامعات التي تهجّمت على المؤشر اليوم إلى التفاخر بأنها حصلت على اللون الأخضر. وستروّج للمؤشر في نشراتها ومواقعها الرسمية، لكن حينها سيكون الثمن قد دُفع، وستُجبر على الالتزام بما رفضته اليوم. فالنزاهة لا تُفرض من الخارج، ولا تُشترى، بل تُبنى بسياسات واضحة، ومتابعة دقيقة، واستقلال حقيقي في البحث، ووقف الدعم المادي والسياسي لكل شكل من أشكال الاحتيال البحثي.

الواقع قاسٍ، لكن المؤشر لم يظلم أحداً. هو فقط سلّط الضوء على ما تجاهلناه طويلاً. المعركة ليست مع المؤشر، بل مع أنفسنا. والسؤال الحقيقي الآن: هل نملك الشجاعة لننظر في المرآة؟.





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :