نقد الجامعات بين الإصلاح والتشهير
د. معروف سليمان الربيع
22-07-2025 08:17 AM
في خضمّ الحديث المتصاعد عن التعليم العالي، يتكرّر مشهد نقد الجامعات عبر منابر التواصل والكتابة، وكأنّ التشويه صار مرادفًا للإصلاح .
في زمنٍ تتسارع فيه التحوّلات داخل مؤسّساتنا الأكاديمية، وتحديدًا مع اقتراب استحقاقات إدارية مهمّة تتعلّق بتعيين رؤساء للجامعات، نقرأ - بأسف - مقالاتٍ نقدية تُطرح في العلن، تحمل لغةً حادّة وتلميحاتٍ سلبية أكثر ممّا تُصلح، وتفتح المجال للتأويل، في ظرفٍ يحتاج إلى تماسك الصف الأكاديمي لا تشرذمه.
لقد تضمّنت مقالاتٌ تنقد الجامعات جملةً من الاتهامات والإشارات التي – وإن أُلبست ثوب الغيرة – فإنها تستند إلى ما وصفوها بـ"مصادر موثوقة"، دون إسنادٍ واضح أو توثيقٍ مباشر
هذا النمط من الطرح قد يُفسَّر على أنّه اجتزاء أو انتقاء، لا عرضٌ شفاف لوقائع قابلة للتحقّق.
إنّنا نُقرّ بأنّ حماية النزاهة الأكاديمية واجبٌ وطني، وأنّه لا أحد فوق المساءلة، ولكن نقد السياسات الجامعية وتقييم الأداء الإداري لا ينبغي أن يتحوّل إلى حملاتٍ تستهدف السمعة أو تنال من أشخاصٍ دون تثبّت ، بهدف تصفية حسابات ، تتكررت مع رؤساء وادارات تعاقبت على هذه المؤسسات .
أن ما ورد في بعض المقالات حول "الترقيات السريعة" و"العلاقات البحثية"، فهي مسائل تمرّ عبر لجانٍ أكاديمية متعدّدة المستويات، وتحكيمٍ علميٍّ مستقل، لا بقراراتٍ فردية، كما هو معلوم لدى المختصين.
أمّا أن يتم تحميل رئيس الجامعة أو إدارتها نتائج إجراءاتٍ مؤسّسية منظّمة، فهو تبسيطٌ مُخلّ، ومجافٍ لواقع العمل الأكاديمي.
إنّ لغة النقد الحادّ، خاصّة في توقيتٍ حسّاس، قد تُضعف مصداقية الطرح، مهما بدا ظاهرُه إصلاحيًا. فالحريص على المؤسّسات يبنيها من الداخل، ويُسائل ضمن أطر الدولة، لا عبر مقالاتٍ قد تُستغلّ في غير موضعها، وتُلقي بظلالها على جهودٍ بُذلت من أجل تحسين صورة الجامعة ورفعتها،
ختامًا، نحن بحاجةٍ إلى خطابٍ يُوازن بين الحرص والنزاهة، وبين الثقة والاحترام، فمؤسّسات التعليم العالي ملكٌ للوطن كلّه، وصورتها هي من صورة الأردن نفسه، ولا يجوز أن تُزجّ في معارك تُدار بغير أدواتها، ولا تُحسم إلّا على حساب المصلحة العامة