مبادرة أصدقاء وسط مدينة إربد القدماء” ترى النور
د. حمزة الشيخ حسين
24-07-2025 12:31 PM
* عيون إربد تتجه نحوها
في قلب المدينة التي تختزن عبق التاريخ ودفء الذكريات، انطلقت مبادرة “أصدقاء وسط مدينة إربد القدماء” لتضيء من جديد شموع الوفاء والانتماء في أزقة الحارة القديمة، تلك التي عرفت رجالات الفكر، وشهدت ولادة أجيال من المثقفين والأدباء والمربين.
فضاء التواصل الاجتماعي في إربد، بكافة أطيافه، أخذ يتفاعل بقوة مع أنشطة هذه المبادرة التي لم تأتِ من فراغ، بل كانت ثمرة لحالة وعي عميقة بأهمية إحياء الإرث الثقافي والاجتماعي لوسط المدينة، والارتقاء به ليصبح نموذجًا يحتذى به في التلاحم المجتمعي والانتماء الصادق.
المبادرة، التي جمعت بين الثقافة والأدب والأصالة، سعت إلى تشكيل ثقافة مشتركة تعزز الانسجام بين أعضائها والمجتمع المحلي، فكان من الضروري أن ينبثق نواتها من أبناء الحارة القديمة وعشائر وسط المدينة، لا لتمثيل عشائري أو مناطقي، بل لأنهم الأقرب إلى الذاكرة الجمعية للمكان، والأقدر على حمل رسالته.
ومن المهم التأكيد أن وجود هؤلاء الأعضاء، المنتمين لعائلات عريقة في وسط إربد، لا يعني بأي حال من الأحوال أنهم ممثلون رسميون لعشائرهم، أو أنهم يحظون بدعم من أي جهة رسمية أو غير رسمية، بل هم مواطنون أوفياء، تنادوا طواعية لخدمة إربد، مدفوعين بإيمان راسخ بأن المدينة تستحق الكثير.
الدكتور وائل التل، صاحب فكرة المبادرة، كان له الدور الأبرز في صياغة ملامحها الأولى، وفي بناء الثقة حولها بين شرائح النخبة المثقفة داخل المدينة وخارجها. وقد استطاع، مع نخبة من الأعضاء الذين يُعدّون من قادة الفكر والرأي على مستوى المملكة، أن يجعل من هذه المبادرة حاضنة فكرية وروحية حقيقية.
وفي سهرة عفوية، فجائية، جمعتنا في منزل الدكتور وائل التل، برفقة صديق الطفولة الأستاذ عصام أرشيدات، استعدنا دفء الذاكرة والحنين لأيام الطفولة، ومررنا عبر شرفات الذكريات في حارات إربد القديمة. كانت تلك الجلسة العائلية – بروحها الصادقة – تجسيدًا لما تحمله هذه المبادرة من معانٍ: حبّ إربد، والوفاء لها، والاستعداد لبذل كل ما يمكن من أجل رفعتها.
لقد آن الأوان أن يُسمع صوت إربد الثقافي مجددًا، بصوت أهلها، وبحروف تُكتب بصدق الانتماء، لا بمصالح آنية أو استعراضات عابرة. فالمبادرات الأصيلة، كالتي نحن بصددها، لا تُصنع في الغرف المغلقة، بل تُولد من نبض الشارع، ومن ذاكرة الناس، ومن وجع المدينة الجميلة وهي تبحث عن أبنائها الحقيقيين…