الحراك المبكر لرئاسة النواب: طموحات مشروعة أم فراغ سياسي؟
ادم درويش
24-07-2025 01:11 PM
اعتدنا في كل دورة عادية لمجلس النواب أن نشهد حراكاً انتخابياً داخلياً بين النواب، يتخذ أشكالاً مختلفة من التكتلات والتفاهمات، وصولاً إلى التنافس على رئاسة المجلس والمكتب الدائم. وهو حراك طبيعي ومألوف في الحياة البرلمانية، يعكس حيوية الممارسة الديمقراطية ويجسد طموح النواب في لعب أدوار قيادية داخل المؤسسة التشريعية.
لكن الملفت في الدورة الحالية أن هذا الحراك بدأ مبكراً، وقبل أشهر من انعقاد الدورة العادية الثانية، ما يطرح تساؤلات عدة حول دوافع هذا التوقيت غير المألوف، وما إذا كان يعكس تحولات عميقة في المزاج النيابي أو في خارطة القوى داخل المجلس.
أحد التفسيرات المحتملة لهذا الحراك المبكر هو العدد الكبير من النواب الذين يبدون طموحاً لتولي مواقع قيادية داخل المجلس، سواء في الرئاسة أو النائب الأول أو الثاني والمساعدين.
هذا الطموح قد يكون انعكاساً لحالة من السيولة السياسية داخل المجلس، حيث لا توجد تكتلات صلبة يمكنها فرض مرشح معين مبكراً.
التفسير الآخر، وربما الأكثر ترجيحاً، يرتبط بطبيعة الفترة الزمنية الطويلة نسبياً بين الدورة العادية الأولى والثانية، والتي تقدر بحوالي ستة أشهر.
هذا الفاصل الزمني خلق نوعاً من “الفراغ السياسي” لدى النواب، الذين وجدوا في هذا الوقت مساحة للتحرك وبناء التحالفات والاستعداد المبكر للمعركة الانتخابية داخل المجلس. كما أن انشغال الحكومة بملفات داخلية، وتراجع وتيرة التشريع والرقابة خلال هذه الفترة، ربما ساهم في تركيز النواب على الشأن الداخلي للمجلس، باعتباره ساحة متاحة لتحصيل مكاسب سياسية وشخصية.
ولا يمكن في هذا السياق تجاهل تأثير وسائل الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي التي سيكون لها دوراً محورياً في إبراز الطامحين وتضخيم فرصهم، مما يعزز من ديناميكية الحراك ويجعله أكثر علنية وجرأة من ذي قبل.
في المحصلة، فإن هذا الحراك المبكر، رغم ما قد يرافقه من حدة أو تكتلات غير مستقرة، يظل مؤشراً على تفاعل سياسي داخل المؤسسة التشريعية، وهو أمر صحي طالما بقي ضمن الأطر الديمقراطية وتحت سقف الدستور. لكن التحدي الحقيقي يكمن في ترجمة هذا الحراك لاحقاً إلى أداء فعّال داخل قبة البرلمان، يعكس تطلعات المواطنين لا مجرد تنافس على المواقع والمناصب.