"الرواتب المرتفعة والامتيازات السخية" حوارية في ملتقى النخبة
30-07-2025 01:51 AM
عمون - ناقش ملتقى النخبة – Elite، في جلسة حوارية مساء الثلاثاء، أسئلة تتكرر في أروقة الصالونات السياسية وعلى طاولات اللقاءات الشعبية، مفادها كيف لموظفين رسميين أو معيّنين بعقود خاصة في الوزارات والهيئات والشركات ذات الصبغة الحكومية أن يتقاضوا رواتب وبدلات تفوق أحياناً نظراءهم في القطاع الخاص بكثير؟!.. وهل هذه الامتيازات من باب التحفيز.. أم من باب الترضية؟!..
هذا الحوار يهدف لتفكيك هذا الملف الشائك.. لفهم مدى مشروعيته.. ومقارنته مع الممارسات في الدول الأخرى.. وهل هو سلوك طبيعي مرتبط بطبيعة المناصب.. أم شكل ناعم من أشكال الفساد المقونن؟!.. ننتظر من المشاركين في الحوار طروحات دقيقة.. وأمثلة واضحة.. وتحليلات واقعية.. لنصل إلى توصيات تنير الرأي العام.. وتحفز الجهات الرقابية على إعادة النظر..
- هل تعد الرواتب المرتفعة.. والامتيازات الكبيرة لبعض الموظفين الرسميين.. ممارسة طبيعية في الحكومات الحديثة؟!.. أم أنها مؤشر على اختلال في مبدأ العدالة الوظيفية؟!..
- ما الفرق بين العقد الخاص المبرر.. والعقد المفصّل على مقاس شخص بعينه؟!.. وكيف يمكن ضبط هذه المسألة تشريعياً؟!..
- ما دور الجهات الرقابية والبرلمان.. في تتبّع مثل هذه التعيينات والعقود؟!.. وهل هناك تقارير فعلية.. صادرة حول هذا الشأن؟!..
- كيف تؤثر هذه الرواتب الخاصة.. على الروح المعنوية لبقية موظفي القطاع العام؟!.. وهل تُساهم في ترسيخ شعور بالتمييز المؤسسي؟!..
- هل هناك تجارب دولية.. يمكن الاستفادة منها لضبط هذا النوع من التعيينات والرواتب؟!.. أم أن مثل هذه الممارسات لا تظهر إلا في بيئات تغيب فيها الشفافية والمحاسبة؟!..
*النائب السابق.. الدكتور هايل ودعان الدعجة.. كانت وجهة نظره كما يلي..
لا شك ان موضوع الرواتب المرتفعة في بلدنا الذي يعاني اوضاعا اقتصادية ومالية صعبة ، ويعتمد على المساعدات والقروض الخارجية ، هو اكثر ما يبعث على الحيرة ويشغل شارعنا الاردني ، وكأننا دولة خليجية او اوروبية او الولايات المتحدة ، خاصة عندما يؤكد لنا اصحاب الاختصاص بان مثل هذه الرواتب غير متوفرة حتى في الدول الاكثر تقدما وتطورا . وتزداد الغرابة عندما لا تجد اي من الحكومات الاردنية مع كثرتها تتعاطى مع هذه القضية الهامة بمسؤولية وجدية .. الى هذا الحد بلغ الاستهتار بالمال العام مثلا ؟ .. وكلما فتح نقاش حول هذه الظاهرة فانني كثيرا ما اتساءل .. ماذا لو فكرت الدولة بتخفيض هذه الرواتب بنسب كبيرة او تخصص سقفا ماليا لهذه الرواتب بحيث لا يتجاوز خمسة الاف دينار مثلا او اكثر بقليل .. هل هذا يعني اننا لن نجد من يقبل بها .. بما في ذلك من يشغلها براتب عال .. خاصة ان التعيينات في هذه المواقع في الغالب لا يراعى فيها موضوع الكفاءة والاختصاص بقدر ما هي مواقع للترضية وتتحكم بها المحسوبيات ، كما هو الحال في مجالس الادارات على سبيل المثال .
ناهيك عن الوظائف العليا في المؤسسات والوحدات الحكومية المستقلة ، وما يتقاضاه أصحابها من رواتب خيالية ، والتي تم انشائها لتسهيل عملية اتخاذ القرار وتبسيط الإجراءات بعيدا عن البيروقراطية الحكومية ، فاذا بهذه المؤسسات التي تم تفصيلها للبعض تفشل في المهمة وتتحول الى عبء مالي وتسهم مساهمة مباشرة في زيادة مديونية الدولة ، بسبب هذه الرواتب العالية.
*النائب السابق.. الدكتور عيد النعيمات.. كانت مداخلته تحت عنوان "الرواتب الفلكية في الأردن نزيف للاقتصاد ومؤشر لغياب العدالة الاجتماعية".
تشكل الرواتب الفلكية في الأردن تحديًا كبيرًا للاقتصاد الوطني، حيث تسهم في زيادة العجز المالي فمثلاً، بلغت رواتب كبار المسؤولين في الحكومة الأردنية ملايين الدنانير سنويًا، مما يزيد العبء على الموازنة العامة.
هذه الرواتب المرتفعة تُعتبر مؤشرًا على غياب العدالة الاجتماعية وتزيد من حدة الفوارق الطبقية ففي حين يتقاضى بعض المسؤولين رواتب عالية يعاني الكثير من المواطنين من تدني مستوى المعيشة وارتفاع معدلات الفقر.
وفقًا لتقارير رسمية، بلغت رواتب بعض المسؤولين في القطاع العام أكثر من 100 ألف دينار شهريًا، بينما يبلغ متوسط الراتب الشهري للمواطن الأردني حوالي 400 دينار هذا التفاوت الكبير يثير الكثير من التساؤلات حول العدالة في توزيع الدخل العام، وهذه الفروقات الواضحة في الرواتب وملحقاتها من مكافآت وسفريات خلقت طبقة برجوازية في الأردن تحت قاعدة التنفيع وبغطاء قانوني لا يمكن لأحد الاعتراض عليه .
وتشير الدراسات أن الأسرة المكونه من أربعة أفراد الأردني تحتاج إلى ٧٠٠-٨٠٠ دينار شهرياً من دون إيجار بيت وأن تكلفة الفرد الواحد ٥٠٦ دينار من دون إيجار أيضاً ، كما تشير التقارير مؤسسة الضمان الاجتماعية أن ٣٣٠٠٠ متقاعد يتقاضون أقل من ٢٠٠ دينار شهرياً من جهة أخرى فأن ٢٩٠ دينار كحد أدنى للأجور لا يتناسب مع الحياة وتكاليفها وهذا بالتأكيد يعبر عن حالة سياسية تنعدم فيها الرقابة والشفافية وهو في الوقت ذاته مؤشر لضعف الثقة بمنظومة الإدارة العامة لدينا كما تؤثر في الحاكمية وتقلل من عناصر رشدها وتؤدي إلى نقمة حادة من الجماهير عليها .
ولا يعقل أن تكون دولة متلقية للمنح والمساعدات وما تزال دوائر النفوذ العليا توظف فئات معينة متجاهلة أصحاب الكفاءات لغياب النية الحقيقة للإصلاح أو بسبب اختلاف وجهات النظر فتذهب خبراتهم وكفاءاتهم سدى .
لذا، يصبح من الضروري إعادة النظر في سياسات الرواتب والحوافز وضمان تطبيق معايير واضحة وعادلة، بما يضمن توزيعًا عادلًا للموارد ويعزز الثقة بين المواطنين والدولة.
*نقيب المهندسين الاسبق.. المهندس عبدالله عبيدات.. كانت وجهة نظره كما يلي..
موضوع المؤسسات المستقله والخصخصه ملفان أثرا على بنيه الاقتصاد والادارة ويكاد يكونا مرتبطين في حاله أثارت جدلا والكثير من الشبهات
فيما يتعلق بالمؤسسات المستقله كان الهدف المعلن ساميا وهو التخلص من بيروقراطيه القطاع العام وجموده واستقطاب كفاءات وخبرات برواتب القطاع الخاص
على أرض الواقع تم استغلال هذه المؤسسات من المتنفذين للتعيين بمعايير الواسطه والتنفيع واستخدمتها الحكومات لشراء الولاءات
نتج عنها اختلال في منظومة العداله حيث يعين فيها موظف او ينتقل من القطاع العام برواتب عاليه والكثير من اقرانه ينظرون ويتحسرون
لا شك أن المؤسسات المستقله استقطبت بعض الكفاءات والخبرات ولكن بنسبه غير كافيه
في كل مناقشة للموازنه من قبل مجلس النواب يتم الحديث عن المؤسسات المستقله وضروره إعادة النظر في موازناتها ولكن هناك مراكز قوى تحول بين تحقيق هذا الهدف
مع الغاء ديوان الخدمه المدنيه وإلغاء التعيين على معيار الدور فقط فإن الاداره الاردنيه ستكون محرجه للابقاء على عدم إعادة النظر في هذه المؤسسات
كما اننا ضد التغول الحكومي في هذه المؤسسات فأنا أرى أن التدخل الشعبوي في رفض الرواتب العاليه للكفاءات العاليه هو أيضا ممارسه غير عادله وقد تؤدي إلى حرمان هذه المؤسسات من الكفاءات المميزه
*المهندس خالد خليفات.. كانت مداخلته كما يلي..
" جدلية الرواتب العالية بين الاستحقاق وبين التنفيعات"
أعتقد أن منح رواتب مجزية وخصوصا في القطاع الخاص يخضع لجملة من العوامل أهلها الكفاءة والإنجاز وندرة التخصص والخبرة والقدرة على تحقيق أرباح أعلى من المتوقع بكلفة أقل من المعتاد . وعادة ما يتناسب مستوى الرواتب طرديا مع نسبة انتشار الأعمال وتحقيقها لارباح تزيد عما كان متوقعا.
أما في القطاع العام، فالمفروض - نظريا - أن هناك حالات محددة قد تلجأ فيها السلطة التنفيذية لاستقطاب كفاءات " نادرة " في قطاعات محددة جدا ، لرفع كفاءة العمل والانتقال من حالة الركود إلى حالة التشغيل الكفؤ لتحقيق إنجازات ملموسة .
القطاع الخاص له خصوصيته وهو محكوم بما يتحقق من أرباح وإنجاز يرضي صاحب المال ويرضي أصحاب الأسهم ، ولذلك فاختيار الكفاءات ذات الرواتب العالية يخضع لمعايير الكفاءة والشفافية والخبرة العملية ، وإن كانت في بعض الأحيان قد تتدخل عوامل أخرى أغلبها "سياسية" لتحديد موقع رؤساء مجالس الإدارات في البنوك والشركات الكبرى كنوع من ضمان الدعم وسلالة العلاقة مع أصحاب القرار في القطاع العام .
شخصيا ، لا أجد ضيرا في منح صاحب الخبرة والكفاءة والقادر على تحقيق أهداف وغايات أي شركه أو مؤسسة خاصة الراتب الذي يستحقه مهما كان مرتفعا، ففي النهاية المطلوب تحقيق أرباح وتحقيق نسبة انتشار للعمل ، لكن ما يؤخذ على القطاع العام أن أغلب الحالات التي يتم الحديث عنها وتداولها فيما يخص الرواتب العالية لبعض المواقع القيادية كانت من نصيب أشخاص هبطوا على الموقع بمظلة الواسطة والمحسوبية والشللية والمحاصصة والتنفيعات بعيدا عن كل مقومات الكفاءة والاستحقاق والعدالة وهو ما يندرج تحت مفهوم الفساد الواضح وهدر المال العام مع سبق الإصرار.
*الدكتور حسين البناء.. كانت وجهة نظره كالآتي..
تحية:
هناك سوق يقوم على العرض والطلب للموارد البشرية، بناءً على تسويات السوق يتم تقييم السعر للكفاءة البشرية، فحالة (الندرة مع ارتفاع الطلب وقلة المعروض وارتفاع المؤهلات وعلو المنصب الإداري وخطورته) سوف تؤدي لتضخيم جملة المنافع (رواتب وأجور وعلاوات ومزايا) الممنوحة للموظف.
لا يجب أن نتوقع أن نستقطب مثلًا (مدير شركة طيران، او وزير، أو مدير عام شركة أصولها بالبلايين، أو طبيب باختصاص نادر، أو عالم برمجة) يقبل راتبًا يقل عن آلاف الدنانير شهريًا!
الكفاءات البشرية هي مورد يخضع لقواعد العرض والطلب، كما أن حساسية وخطورة بعض المناصب تفرض علينا منح امتيازات تنعكس على دخل الفرد بحيث تمنع ميول الفساد وسوء الإدارة والخضوع لمغريات الرشوة.
لا يجوز القول أن ارتفاع رواتب (الوزراء والمدراء والسياسيين والقيادات) في أي دولة هي من أشكال الفساد والهدر؛ بل ذلك هو ضرورة تضمن إزالة مبررات الفساد والرشوة عندهم، بل أنه يجب المطالبة برفع مخصصاتهم بشكل يليق بأهمية تلك الوظائف ودورها في بناد المجتمع والدولة.
*العميد المتقاعد.. الدكتور بسام روبين.. كانت وجهة نظره كما يلي..
وشكرا على طرح هذا الموضوع الهام كونه يمس الإقتصاد ويشير الى موطن خلل مهم وواضح وينبغي معالجته ، ففي الأردن ، تثير الرواتب المرتفعة والإمتيازات الكبيرة لبعض المسؤولين جدلا قديما جديدا حول العدالة الوظيفية ، فمن ناحية، قد تبرر هذه المكافآت على أنها جذب للكفاءات أو تعزيز للمسؤوليات الكبيرة ، لكن الحقيقه غير ذلك ، فعندما تكون الرواتب لا تتناسب مع الأداء أو الوضع الإقتصادي في بلد يعاني من ضائقة مالية يصبح الأمر مثيرا للشك ، ويدل على خلل في المنظومه ،
وهنالك فرق بين العقد العادل والعقد المجحف ، يكمن في الشفافية والمعايير ، فالعقد العادل يبنى على الكفاءة والحاجة المؤسسية، أما العقد المفصل وكما يحصل في بعض الهيئات المستقلة والوظائف الأخرى ، حيث يتم توجيهه مسبقا نحو شخص معين ، فيأتي بشروط إستثنائية غير مبررة، مثل رواتب خيالية أو بنود غامضة، تفتقر الى العداله والنزاهه ، مما يشير إلى محاباة ظالمه ، وللحد من ذلك، يجب تعزيز الرقابة المسبقة على العقود ، ووضع معايير واضحة للرواتب ، وإلزام الجهات بنشر تفاصيل العقود مع حماية الخصوصيات عند الضرورة.
أما دور الجهات الرقابية والبرلمان الغائب ، فيجب أن يكون أكثر فاعلية ، فديوان المحاسبة نراه يرفع تقاريره ، لكن تأثيرها محدود ، ما لم تترجم إلى مساءلة حقيقية ، بينما البرلمان هو من يستطيع إستجواب الوزراء حول التعيينات المشبوهة، وهذا لا يحصل في الغالب ، كون ذلك يعتمد على الإرادة السياسية ، وفي الواقع هناك تقارير تظهر تفاوتا صارخا في الرواتب ، لكن الإصلاحات بطيئة ، وعلى شكل ترقيع ، أما تأثير هذه الفجوة على الموظفين العاديين، فهو خطير ، فعندما يشعر موظف أن راتبه متواضع وأن آخر يحصل على أضعاف راتبه دون سبب واضح، ينتشر الإحباط، وتتآكل الثقة في المنظومة ، وهذا لا يقتل الحافز فحسب، بل يرسخ ثقافة الواسطة فوق الكفاءة ، مما يضر بالإنتاجية والعدالة الإجتماعية.
والحل يكمن في تشريعات صارمة تحدد سقفا للرواتب، ورقابة برلمانية وإعلامية أقوى، وربط المكافآت بالأداء بدلا من المحسوبيات ، وبدون ذلك، ستستمر الفجوة، وسيزداد السخط الشعبي في بلد يستحق
أن يكون فيه الجهد الصادق هو المعيار، لا مجرد الإنتماء.
*الدكتور منصور المعايطة.. كانت مداخلته تحت عنوان "الرواتب العالية بين الاردنيين"..
١ لقد شهد الاردنيون حقبه زمنية طويلة نسبيا من عمر الدولة الاردنية سلم رواتب للعاملين في الدولة متقاربة نسبيا بين الموظفين في مختلف مؤسسات الوطن على اختلافها وتميزت تللك الحقبة الزمنية بالنسبة للرواتب بالعدالة ووجود حياة معيشة ضمن تللك الدخول جيدة ومقبولة لدى الغالبية العظمي من العاملين في الدولة وتميزت ايضا بالثقة من قبل الاردنيين بالإدارة العامة في الدولة والمؤسسات والمصداقية .
٢ بعد تلك الحقبة الزمنية شهد الاردنيون ميلاد مؤسسات وهئيات خاصة من رحم الوزرات الحكومية والتي كسرت حاجز الرواتب في الدولة وأصبح القائمون والعاملون في هذه المؤسسات والهئيات يتقضون أضعاف أضعاف، واتس الاردنيين في الوزارت الحكومية ومؤسسات الدولة الاخرى على الرغم من ان هذه الموسسات الخاصة لم تأتي بمهام جديدة او مميزة عن المهام التي تقوم بها الوزارات التي انشىبت هذه الموسسات من رحمها . وبقي الاردنيون بخصوص تلك الهيئات والمؤسسات الخاصة في حيرة من أمرهم حول اسباب ايجادها وأسباب الرواتب العالية لمن يقومون عليها ويعملون فيها وبقي هذا التساؤلات والحيرة بدون اصابات او معرفة حقيقية حوا ايجادها وراتب العالية لمن يعمل بها .
٣ ان هذا يعتبر نوع من التخبط الإداري في اعتماد نماذج الاستنساخ من قبل الحكومات تحت مسميات التحديث والتطوير الإداري وغيرها من اجل استنساخ كثير من أنظمة في دول اخرى واستحدات مؤسسات خاصة ذات ،واتس عالية جدا على الرغم من ان الاردن دولة ذات إمكانيات اقتصادية وموارد محدودة . وان هذه الفوارق في الدوخول والرواتب العالية يعتبر نهج غير حميد ويكرس فوارق طبقية بين ابناء الوطن بدون اسباب وحقائق يستند إليها تميز كفاءة هولا الأشخاص او الانحاز المشهود عن غيرهم من ابناء الوطن والعاملون في مؤسسات الدولة الاخرى . وان ان هذا الاستفسار لأنظمة من دول اخرى ذات إمكانيات اقتصادية عالية لا يتناسب ولا يتوافق مه نهج الإدارة الذي قامت علية الإدارة العامة الاردنية وخير مثال على ذلك الاستنساخ هو نظام الموارد البشرية الجديد الاخير والذي اخل بمبادئ وقيم العدالة الوظيفية بين الاردنيين وايضا أنظمة ايجاد الموسسات والهئيات الخاصة وغيرها من انماظ الاسنساخ العشوائي والغير مدروس لكثير من الانظمة .
٤ واخيرا لابد من التساؤل حول اذا كان هذا الاستنساخ نهجا اداريا للتحديث والتطوير كما يزعم البعض لدى الحكومات في الحقبة الزمنية القصيرة نقول لماذا لا يتم استنساخ أنظمة التقاعد للاردنيين من تللك الدول ذات التقاعد العالي حتى يستطيع مئات الالولف من المتقاعدين الاردنيون الخروج من حالة العوز والفقر بخصوص رواتبهم التقاعدية لبلوغ الاكتفاء المعيشي.
*الاستاذة منى الفاعوري.. كانت مداخلتها كما يلي..
ان موضوع الرواتب المرتفعه والامتيازات السخيه ظاهره مجتمعيه قويه في وجودها في نظام الموارد البشريه ومفارقه شاسعه بين انسان يعمل وانسان لا يعمل وهل يمكن لأي إنسان عادي ان يختار ما يناسبه من العمل اوأن يحدد قيمة ما يتقاضاه من الراتب أو مقدر مكافئته بمقدار ادائه وتميزه العملي فهذا الأمر مستحيل حدوثه وفي النتيجه ستؤدي به الأمور إلى صراع ومشكلات مع صاحب العمل لذلك يلجأ الى الحياديه في الموضوع ويكتفي بقول الله تعالى في كتابه الكريم:" وقل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون".صدق الله العظيم.
فالعمل عبادة يؤجر عليه من الله ويجب ان يقدر بما يتناسب مع إنتاجه العملي إلا أننا نعيش في مجتمع بعيدا عن العدالة في تقدير العاملين وتميزهم في عملهم فمعظمهم يحرث ويدرس في الحياة ليحصل على وظيفه وفي النهايه براتب اربعمائة اواكثر بقليل بينما يحصل أبناء وبنات وأحفاد وحفيدات متنفذين مراكز عمل وبراتب آلاف الدنانير يعني رواتب خياليه أنعمت الدنيا عليهم بالقرب من الذوات والباقي مبعدين فأين العدالة بين العاملين ونحن ابناء ادم وحواء جميعنا سواسية لا فرق بيننا الا في التقوى والدين وما يميزنا في العمل هو الاداء السليم بدون فيتامين واو .
ومن هنا لا ملامة على شبابنا إذا توجهوا للعمل خارج البلاد سعيا وراء المال والتقدير فوطننا الخاسر لهم في مختلف المجالات ومن هو الرابح أليس نحن اولى بخيرات ابنائنا المبدعين لأنهم هم فرسان التغيير وهم بناة الوطن وتقدمه وحصنه الحصين أملين من حكومتنا وجميع المسؤولين إعادة النظر في تعديل سلم الرواتب ومنح الحقوق الماليه حسب الكفاءه والأداء في العمل وليس للمحسوبيه اعتبار واليوم سمعت خبرا من وزير الدوله د.خير ابو صعيليك بأنه سيعالج التعديلات في نظام إدارة الموارد البشريه التشوهات في سلم الرواتب مرتبط بتحليل كمي وموضوعي لمساهمة الوظيفه في تحقيق أهداف الدوائر ولم تعد السياسات والقوانين مبنيه على اجتهادات آملين من الله ومنهم ان تتحقق العدالة في هذا الأمر ويصبح قيد التنفيذ على أرض الواقع يعني ما في الرواتب المرتفعه والامتيازات السخيه لاصحاب الذوات والنفوذ وتطييب نفوس.
*السيد حسام مضاعين.. كانت وجهة نظره كما يلي..
تعتبر رواتب كبار موظفي القطاع العام والامتيازات الممنوحه لهم من اكثر المواضيع التي يتناولها المواطنون عند الحديث عن الاصلاح المالي والاداري في مؤسسات الدولة ،الامر الذي يثير كثير من التساؤلات حول عدالة التوزيع والهدر الكبير في الاموال العامة دون اية ضوابط محكمة.
في الأنظمة المتقدمة يتم اعتماد اسس واضحة لرواتب الموظف بشكل عام ، وغالبيتها تعتمد على الكفاءة والإنجاز حيث ان الموظف الذي يستطيع ان يصنع فارقا ملموسا في مؤسسته، سواء عبر رفع كفاءتها، أو تطوير خدماتها، أو تعظيم عوائدها المالية، هو الذي يستحق الامتيازات المالية والمعنوية معا.
أما في حالتنا، فما زلنا نرى ان دخل بعض موظفي القطاع العام يتجاوز كل الحدود والاعراف الممكنة، فنجد السقوف المرتفعة للرواتب بالرغم من وجود خسائر مالية في المؤسسة التي يديرها، وفي بعض الحالات يكون قد تم الاشاره لها بوجود مخالفات وفساد مالي في تقارير ديوان المحاسبة.
الواقع يشير الى ان الرواتب المرتفعة لا يقابلها نتائج حقيقية توازي هذه الرواتب والامتيازات، لذلك ارى انه يجب وضع معادلة متوازنة تحت اشراف الرقابة التشريعية تربط بين دخل موظف القطاع العام وانتاجيته ، وان يتم تقييمه ومسائلته على ضوء تلك المعادلة ، وفي حال تحقيق المعايير المطلوبة منه فله عند ذلك كل الحق بالحصول على الدخل الذي يستحقه مهما كان مرتفعا.
من جانب اخر نحن اليوم بحاجة إلى إعادة تعريف الوظيفة العامة، في سبيل الوصول الى موظف قادر على الابتكار والإنتاج واستيعاب المتطلبات الحديثة للعمل وخاصة التكتولوجيه منها ،لا موظف يستهلك ويستنزف موارد الدولة دون ان ينعكس ذلك على حياة المواطن وتقدم الوطن.
*الاستاذ الدكتور بلال خلف السكارنة.. كانت مداخلته كما يلي..
الرواتب في الاردن بين الواقع والمامول
مشكلة الرواتب المرتفعة في الأردن تُعد من القضايا الجدلية والمعقدة، خصوصًا حين ترتبط بقطاعات معينة أو بمناصب حكومية عليا، بينما يعاني غالبية المواطنين من تدني الأجور وغلاء المعيشة. وان ابعاد هذة المشكلة :
أولًا: السياق العام
متوسط الرواتب في الأردن منخفض مقارنةً بتكاليف المعيشةوالحد الأدنى للأجور لا يتجاوز 280 دينارًا أردنيًا، وهو لا يكفي لتغطية الاحتياجات الأساسية.وفي المقابل، هناك رواتب خيالية تُصرف لمناصب حكومية عليا أو في بعض الهيئات المستقلة (قد تصل إلى آلاف الدنانير شهريًا مما يسبب اثار سلبية منها
1. فجوة طبقية واضحة بين أصحاب الرواتب العالية وغالبية العاملين.
2. تضخّم رواتب بعض المناصب القيادية في المؤسسات العامة والخاصة، أحيانًا بدون إنتاجية متناسبة.
3. عدم وجود سقف واضح للرواتب في بعض الهيئات.
4. هجرة الكفاءات نتيجة ضعف الرواتب في القطاع العام أو الخاص.
5. استياء شعبي ومجتمعي واسع بسبب غياب العدالة الوظيفية.
والذي يؤدي الى ضعف الثقة بالحكومة والمؤسسات العامة.وهدر المال العام في ظل مديونية الدولة.وانعدام الحافز للعمل لدى الكفاءات الشابة.وازدياد الفساد الإداري في بعض المؤسسات التي تعتمد على الولاء بدل الكفاءة.
وحتى يتم التقليل من مخاطر الرواتب المرتفعة العمل على
1. إعادة هيكلة الرواتب في القطاع العام وربطها بالإنتاجية.
2. تحديد سقف أعلى للرواتب في المؤسسات الرسمية وشبه الرسمية.
3. تفعيل مبدأ العدالة الوظيفية: الأجر مقابل الكفاءة والخبرة.
4. نشر الشفافية في سلم الرواتب عبر منصات حكومية.
5. مراجعة سياسات التعيين في المؤسسات المستقلة.
*اللواء المتقاعد هلال الخوالدة.. أوجز رأيه في مداخلته كما يلي..
في ظل الظروف الادارية المتغيرة والتفاوت القائم حاليا بين المؤسسات والشركات فان الرواتب ستضل هي الموضوع الاهم الذي يربك الموظفين في جميع القطاعات وتبقى المقارنات مستمرة مهما بذلت من جهود ادارية لضبطها ومحاولة ايجاد معايير يمكن الاعتماد عليها لجميع الموظفين ولكن يجب السعي لتحقيق العدالة في الرواتب بناءا على معايير تضبط الاداء وتضع نقاط معيارية محدده ونظام مراقبة الاداء والإنتاج يكون صارما لا يتاثر بالعواطف ولا الواسطه والمحسوبية وحتى نوصل لعدالة حقيقية بالرواتب يجب مراعاة ما يلي :
ان يتم وضع سلم رواتب شفاف يحدد كل وظيفة ودرجتها بوضوح
- ربط الأجر بالأداء وليس بالواسطة أو المزاج
- مقارنة عادلة مع السوق حتى ما نظلم الموظف أو نرهق الشركات او القطاعات المختلفه
- مراجعة سنوية لضبط الرواتب مع التضخم وتغيّر الظروف الإقتصادية
- إعتماد مبدأ الأجر مقابل العمل.. والمساواة العشوائية يعتبر ظلم بطرق قانونيه
واخيرا ارى ان العدالة لا تتطلب إن يقبض الجميع نفس الرواتب لكنها بتطلب إن كل موظف ياخذ حقه بناء على تصنيفة ودرجتة وانتاجه. وان يكون هناك تحفيز مناسب.
*الدكتور معتصم الدباس.. اختصر وجهة نظره كما يلي..
تثير قضية الرواتب والامتيازات الممنوحة لموظفين رسميين أو معينين بعقود خاصة في الوزارات والهيئات والشركات ذات الصبغة الحكومية جدلاً واسعًا في الاردن . فكيف يمكن تبرير أن يتقاضى بعض هؤلاء رواتب وبدلات تفوق أحيانًا نظراءهم في القطاع الخاص بأضعاف، بينما يبقى الأداء في كثير من الأحيان دون مستوى الطموح؟
الجدل هنا ليس في مبدأ منح الحوافز، بل في غياب المعايير الواضحة التي تربط الامتياز بالأداء. فإذا كانت هذه الرواتب والبدلات تُمنح من باب التحفيز، فإن المنطق يقتضي أن ينعكس ذلك مباشرة على جودة الخدمة العامة، وارتفاع كفاءة المؤسسات الحكومية، وتطوير بيئة العمل بما يخدم المواطن أولًا. أما إذا كانت تُمنح من باب الترضية أو استرضاء النخب، فإنها تتحول إلى عبء على المال العام، ومصدر خلل في العدالة الوظيفية.
السؤال الجوهري: هل نقيس قيمة الموظف بما يتقاضاه من امتيازات، أم بما يقدمه من أداء فعلي يرفع من كفاءة المؤسسة ويخدم المصلحة العامة؟ إنّ المحاسبة العادلة يجب أن ترتبط بالإنجاز لا بالمنصب، وبالإنتاجية لا بالوجاهة. وإلا سنبقى أمام فجوة بين القطاع العام والخاص، تتسع معها مشاعر الإحباط لدى الكفاءات الحقيقية، وتُهدر معها موارد الدولة على حساب التنمية الحقيقية. ويفتح ابواب القساد اذكر قبل ٢٠ عام مر علي كتاب تعيين خبيره في وزارة البيئه براتب ٤٠٠٠ دينار وعند تدقيقي لملفها تبين انها ما زالت على مقاعد الجامعه للبكالوريوس
لا بد من ربط سلم الرواتب بكفاءات حقيقية
*اللواء المتقاعد كمال الملكاوي.. كانت وجهة نظره كما يلي..
تعد قضية الرواتب المرتفعة والتوسّع في منح الامتيازات من *أكثر القضايا إثارة للجدل في الحوكمة الحديثة*، ولا تقتصر على ارتفاع الراتب بحد ذاته، بل في عدم توافقه وخضوعه لمعايير الكفاءة والعدالة، ما يؤدي لاختلال العدالة الوظيفية، عدا عن تحميل كاهل الدولة أعباءاً لا تتناسب مع العوائد التنموية.
*هناك مبررات لتخصيص رواتب مرتفعة ومنح امتيازات واسعة في القطاع الحكومي تبقى في نطاق محدود واستثنائي، لكنها ليست ترفاً ومدخلاً للتنفيع، منها:*
1- تخصيص رواتب مرتفعة ومنح امتيازات من منطلق الاحتفاظ بالكفاءات الحكومية أو جذب كفاءات من الخارج، من منظور منافسة القطاع الخاص ودول الجوار،
2- قد تلجأ بعض الحكومات لتقليل الفساد بتبنّي سياسة "الراتب الكافي يغني صاحبه ويمنع الرشاوي" وتحديداً في المؤسسات المالية أو الخدمية وتلك التي تبرم عقوداً مع القطاع الخاص.
3- ترى بعض الحكومات أن هناك مسؤوليات ومناصب تتطلب خبرات نادرة وكفاءات يتنافس عليها القطاعين العام والخاص ودول الجوار.
وضعت بعض الدول والمؤسسات المرموقة والمتقدمة في ادارة الموارد معايير تحقق العدالة الوظيفية في التعيينات وما يترتب عليها من رواتب وامتيازات، أبرزها:
- حجم الفجوة بين وظائف القمة ووظائف القاعدة، فوفقاً لمنظمة التعاون الاقتصادي فإن الدول المتوازنة تكون نسبة راتب الوزير إلى الموظف الأدنى (ما بين 5:1 إلى 10:1) كما في السويد والنرويج، ودول تسمح ظروفها الاقتصادية نسبة معقولة مقارنة بأدنى راتب (لا تتجاوز 15:1 حسب توصيات الاتحاد الأوروبي)، أما في الدول التي تعاني من اختلال في العدالة الوظيفية، فإن النسبة تتجاوز (50:1) كما في بعض الدول العربية والإفريقية.
- وضع معايير موضوعية.
- عدم المبالغة في الامتيازات السخيّة في عقد العمل.
- التوافق ما بين الرواتب والامتيازات مع الواقع الاقتصادي للدولة.
- كشف تقرير صادر عن الأمم المتحدة عام 2023 أن 73% من الدول النامية تنفق على رواتب النخبة أكثر من ميزانية التعليم الأساسي.
- كما كشف البنك الدولي أن الدول التي تتجاوز فيها رواتب النخب نسبة (15:1) أي تزيد عن 15 ضعف الحد الأدنى للأجور، قد سجلت تراجعاً في مؤشر العدالة الاجتماعية.
للخروج من هذا الكرم الزائد والإنفاق غير المبرر في الدول النامية، يوصى بوضع معيار حاسم يتمثّل بالتناسب المنطقي كما في توصية الاتحاد الأوروبي مثلاً بنسبة لا تزيد عن (15:1)، مع ربط الرواتب بمعايير كفاءة صارمة، وضمن نظام زيادة تصاعدي شفاف مع سنوات التعاقد، والابتعاد عن أية امتيازات غير مبررة قد تُستغل لأسباب غير نظيفة، ما قد ترهق الموازنة العامة على حساب خدمات حيوية كالصحة والتعليم والأمن. كما يوصى بوضع هيكل أجور واضح يعتمد على المهارات، المسؤوليات، الأداء، ومعايير قابلة للقياس (مؤشرات الأداء)، مع ضرورة المراجعة الدورية للرواتب لضمان العدالة، وتعتبر الشفافية بإعلان نطاقات الرواتب لكل وظيفة أفضل الوسائل لتحقيق العدالة في الرواتب والأجور.
*السيد جميل خالد القماز.. كانت مداخلته تحت عنوان "الرواتب الفلكية في القطاع العام تشوه أم فساد؟"..
في زوايا غير مرئية من مؤسسات القطاع العام، تتكشف فجوات صارخة في منظومة الأجور، لدرجة تجعل ما يعرف بـالعدالة الوظيفية، مجرد شعار مفرغ من مضمونه. ما يحدث ليس مجرد تفاوت طبيعي في الرواتب، بل هو خلل هيكلي يضرب صميم مبدأ تكافؤ الفرص.
أن يعين موظف حديث التخرج براتب يصل إلى ثلاثة آلاف دينار، في حين أن زميله من نفس التخصص والمؤهل والدرجة لا يتقاضى سوى أربعمائة دينار، هو مؤشر على حالة من الاختلال الذي يصعب تبريره وفق أي معيار مهني أو اقتصادي. هذه الفروقات الشاسعة لا تعبر عن استحقاق، بقدر ما تعكس واقعا يدار فيه التوظيف بمنطق العلاقات والمصالح، لا بالكفاءة أو الخبرة.
عندما يكافأ الولاء وتعاقب الكفاءة فاننا سنجني ما زرعنا،
ومن الطبيعي أن يولد هذا الوضع شعورا بالظلم بين الكفاءات المهمشة، ويخلق بيئة عمل مشبعة بالاستياء والاحتقان... تتسع الهوة بين من يمنح الفرصة دون مبرر، ومن يقصى رغم الجدارة، ما يفتح الباب أمام ممارسات قد تتطور إلى أشكال مختلفة من الفساد، يصعب تتبعها أو محاسبتها لأنها تجري تحت غطاء قانوني.
فالمحاصصة لم تعد تقتصر على المناصب العليا، بل امتدت إلى الرواتب والحوافز والامتيازات، حيث توظف السلطات الوظيفية أو العلاقات المالية والاجتماعية في تثبيت امتيازات لفئة ضيقة، على حساب المصلحة العامة والعدالة بين الموظفين.
صحيح أن هناك حالات تستحق المكافأة، خصوصاً لمن ساهموا فعلا في تطوير أداء المؤسسات أو رفع مستوى دخلها عبر مبادرات نوعية. لكن أن تتحول الاستثناءات إلى قاعدة، دون وجود معايير واضحة أو رقابة فعلية، فهذا أمر يستدعي الوقوف عنده مطولا.
الحديث عن ضبط هذا الخلل لا بد أن يمر عبر بوابتين أساسيتين: الرقابة المؤسسية الفاعلة، والتشريع العادل. لتوحيد الرواتب والحوافز في الفئات المتشابهة، ومنع التلاعب بالثغرات القانونية التي تستغل لتمرير الامتيازات الخاصة.
الرواتب الفلكية تثقل كاهل الخزينة وتحبط الكفاءات. ومع استمرار غياب العدالة والرقابة، فإن الفساد وإن اتخذ طابعا قانونيا سيبقى قائما. ويبقى السؤال مفتوحا هل نملك الإرادة لمواجهة هذا التشوه، أم سنكتفي بتبريره إلى أن تصبح الاستثناءات واقعاً ؟
*اللواء المتقاعد.. الدكتور محمد المناصير.. اختصر وجهة نظره تحت عنوان "فوضى الرواتب والمخصصات ولا ضوابط"..
ما استغربه في دولتنا انْ لا سُلّم واضح للرواتب، تفاوت الرواتب بين وزارة ووزارة!! تفاوت علاوات المهن بين وزارة وأخرى…
بعض مؤسسات الدولة يتقاضى افرادها راتبين احدهما معلن والآخر من تحت المعلن.. تكاد لا تدرك كيف تأتي مخصصات غير المعلن من هذه الراتب…
هناك مؤسسات حكومية تمنح موظفيها ثالث عشر ورابع عشر ومنها خامس عشر..!!! إكراميات ونفقات وبدلات…
اظنّ ولا أبالغ بأن نصف ميزانية الوطن يذهب دون ضوابط ويذهب لمجموعة دون غيرهم…
الأمر بحاجة لدراسة تفصيلية فبعض المؤسسات فوق المحاسبة وفوق القانون…
مع انّ امكانية الضبط واردة ولكن الإرادة غائبة
*الدكتور موفق الزعبي.. كانت وجهة نظره كالآتي..
لا شك أن بعض الوظائف تتطلب أن تكون رواتبها مرتفعة، وهذا يجب أن يتناسب مع حساسية الوظيفة والمسؤوليات المنوطة بها والمخرجات المرجوة من شاغل الوظيفة، ولا شك أيضاً أن شاغلي هذه الوظائف يجب أن يكونوا من أصحاب الكفاءة والأهلية العاليتين ، كما يجب أن تفتح مثل هذه الوظائف للتنافس وان يتم إختيار الفائز بالوظيفة ضمن معايير العدالة والنزاهة والشفافية دون أي انحياز.
لكن ما نشاهده هذه الأيام أن يتم اختيار الأشخاص لإشغال الوظائف ذات الرواتب العالية بقصد التنفيع، واحياناً يتم إعلان الوظائف للعموم ، ويتم تفصيل المهام والواجبات الوظيفية والمؤهلات المطلوبة للتناسب مع السيرة الذاتية لشخص بحد ذاته، وفي بعض الأحيان يتم الإلتفاف على أسس الاختيار وتجاهل كافة المرشحين أو حتى التقليل من كفائته ليلغى إعلان الوظيفة ويتم إسقاط أحدهم او إحداهن (بالباراشوت)، وهناك أمثلة كثيرة على ذلك.
ومن الأمور الملفتة، هو أن تتم المبالغة في راتب الوظيفة مما لا يتناسب مع أهميتها أو حساسيتها، و كثيراً من الأحيان يتم صرف رواتب غير معلنة كالبدلات والمكافآت ومياومات السفر وما شابه، والتي يمكن أن تفوق ضعف الراتب المعلن للموظف والتي لا يتم الإفصاح عنها.
في الخلاصة، فإن بعض الوظائف تتطلب رواتب مرتفعة، لكن يجب ان يتم إشغال هذه الوظائف ضمن أسس محكمة مبنية علي معايير عادلة ونزيهة وشفافة.
*السيد محمود الملكاوي.. كانت مداخلته كما يلي..
-قد يتفق الجميع على أنًّ الرواتب المُبالغ فيها لبعض المسؤولين التنفيذيين أو الموظفين الحكوميين ، خاصةً عندما لا تتناسب مع حجم العمل أو المسؤولية ، قد تكون شكلًا من أشكال الفساد المُقَوْنَن ، إذْ يتم استغلال السلطة لتحقيق مكاسب شخصية على حساب المصلحة العامة.
-صحيح أنّ البعضَ يرى أنَّ الرواتب العالية قد تكون ضرورية لجذب الكفاءات والاحتفاظ بها في المناصب الحساسة ، خاصةً في القطاعات التي تتطلب مهارات وخبرات عالية ! لكن نحن لسنا دولة نفطية ، ولدينا كفاءات وطنية محلية في كل الاختصاصات ، فلا داعي لشراء خدمات بحجة ندرتها!.
-لقد آنَ الأوان لتحديد الرواتب العالية كما حدث بالنسبة لرواتب متقاعدي الضمان ، وليكون جزءًا من استراتيجية وطنية شاملة ، لتحفيز الموظفين على تحقيق أهداف محددة ، وتقديم أفضل أداء ، بحيث يكون الراتب مقترناً بالإنجاز ، ووضع آليات واضحة وشفّافة لتحديد الرواتب ، مع الأخذ في الاعتبار معايير محددة وموضوعية ، لضمان عدم استغلال السلطة.
-بعض الرواتب العالية لا تتناسب مع حجم العمل أو المسؤولية ، مما يُثير الشُّكوك حول مدى شرعية هذه الرواتب ، فما هي منجزات رئيس مجلس إدارة شركة أو مؤسسة أو هيئة ليتقاضى عشرات الآلاف من الدنانير ! في حين أنَّ راتب رئيس وزراء أردني سابق لا يتعدى الألفي دينار كما صرّح هو على الملأ !.
-قد يكون عدم وجود آليات واضحة وشفافة لتحديد الرواتب سببًا في إثارة الشبهات حول الفساد.
-تؤثر الرواتب المُبالَغ فيها على المصلحة العامة ، إذْ يتم تخصيص أموال عامة للرواتب بدلاً من استخدامها في مشاريع تنموية أو خدمات عامة ، أو إدامة وصيانة البُنية التحتية.
-هناك مؤسسات عامة وخاصة ميزانيتها لا تخضع للرقابة المالية ، ويتصرف مسؤولوها والقائمون عليها كما لو كانت مُلكاً خاصاً ، سواءً بالأُعطيات أو الرواتب أو المصاريف أو المكافآت !!.
-وأخيراً ... إذا كانت الحكومة غير مَعْنية برواتب المسؤولين في القطاع الخاص ، إلاُ أنها بالتأكيد مسؤولة عن رواتب المسؤولين في الهيئات والشركات التي تساهم بها الحكومة ، وحتى الشركات المساهمة العامة احقاقا للقانون وحفاظاً على أموال المساهمين.
*الدكتور سمير غازي القماز.. اختصر وجهة نظره بالآتي..
أسعد الله مساؤكم الذوات الكرام ... يجب الاقرار أولا بوجود رواتب فلكية لا تتناسب مع المعدل العام الرواتب والاهم من ذلك غياب الكفاءة لمتقلد هذا الموقع صاحب الراتب المرتفع جداً .. رؤساء مجالس الادارة والامناء والمدراء العاميين! والشركات و البنوك ... معقول يصل راتب أحدهم إلى 6 الاف دينار يومياً... و هذا بالاردن ؟ و كذلك رواتب تقاعد بعض كبار الموظفين التي تتجاوز 10 الاف دينار شهريا .. بحالة غفلة رتب البعض تقاعده من الضمان الاجتماعي الذي يوشك على الافلاس. . يجب إعادة النظر بهذه الرواتب قبل فوات الاوان ... هنا باليونان لا يوجد مثل هذه التشوهات بالرواتب .. وعندما مرت اليونان بالازمة الاقتصادية قامت بخفض كل الرواتب العاملة و المتقاعدة بواقع 40 % من الجميع و رضي الجميع دعما للوطن ... والان عادت الامور الى طبيعتها بعد أن تعافى الاقتصاد اليوناني ..
*الصحفي ممدوح النعيم.. كانت مداخلته تحت عنوان "الرواتب الفلكية تحفيز أم فساد مقونن؟"..
يعد موضوع الرواتب والامتيازات المرتفعة التي يحصل عليها بعض كبار الموظفين الحكوميين من المواضيع التي أخذت مساحة واسعة من الحوار في الأوسط الشعبية وعبر شبكات التواصل الاجتماعي.
الرواتب الفلكية وقيمتها غير المبررة تشكل صدمة للمواطن وللباحث وتطرح العديد من التساؤلات خاصة وأننا بلد يعاني من حجم مديونية مرتفع ومن نسب من البطالة والفقر ومؤشر الميزان التجاري الخارجي لا يميل لصالحنا بالإجمال، فماذا قدم أصحاب الرواتب المرتفعة من حلول استثنائية لمواجهة المديونية أو عجز الموازنة أو لحل ظاهرتي الفقر والبطالة أو لاستقدام الاستثمارات أو لزيادة الصادرات أو لتطوير الإدارات وغيره من الأسئلة؟
هل يستوي بالميزان ضدان فقر وبطالة وبطر يتجاوز حدود المنطق من خلال رواتب تصل قيمتها الشهرية ما مجموعه أجور موظفين من خبراء ومهنيين يزيد عددهم عن العشرة مقابل أجور تقدم لأفراد لا يقدمون ولا يؤخرون في الأداء العام.
نفهم أن الرواتب المرتفعة تكون عادة انعكاسًا للواقع الاقتصادي الإيجابي كما الحال في بعض دول الخليج العربي، لكن عندنا في الأردن ما هو معيار تعيين وتدوير وتقديم أعلى الرواتب لنفس الأشخاص؟
والمضحك المبكي أن غالبية من يحصلون على هذه الرواتب ليس لهم تأثير أو حضور في مناطقهم أو مجتمعاتهم، فهي طبقة معزولة بالأساس او من الذين تسببوا بهدر المال العام.
وبناءً على غياب المعايير العلمية في إجراءات التعيين وتقديم الرواتب والامتيازات لا يتبقى إلا معيار وحيد وهو معيار الفساد المقونن الذي يضفي نوعًا من الشرعية على هذا الخلل القيمي.
ومن الفساد المقونن يتم ضمان شراء الذمم والولاءات لجماعات اقتصادية أو سياسية.
أين دور الجهات الرقابية عن هذه التعيينات؟ أين مجلس النواب وديوان المحاسبة؟ فالإرادة السياسية بمحاربة الفساد تظهر من خلال الأدوار الوظيفية للمؤسسات الرقابية.
ويبقى السؤال الأخير: من الذي يقرر تعيين هؤلاء الذوات ولماذا هؤلاء دون كل المواطنين من أبناء الوطن؟
*فيما اختتم العميد المتقاعد.. الدكتور عديل الشرمان.. الحوار بهذا التفصيل..
هذا الملف موضوع النقاش اليوم من أكثر الملفات التي تسهم في بناء الصورة الذهنية عن الدولة، وفي بناء الثقة بالحكومات الأردنية، وهو مرآة لتحقيق العدالة والمساواة بين المواطنين.
الحال أكثر سوءا في المؤسسات والشركات الخاصة حيث المكافآت والرواتب الخيالية، والمضحك أن هذه الرواتب والامتيازات يقابلها خسائر كبيرة للشركات.
جميعنا يعلم أن أموال الشركات والبنوك هي أموال مودعين ومساهمين بعضهم من ميسوري الحال، وقسم كبير منهم سيّئ الحال، أي أموال مواطنين وليست أموال أميرية، أو خاصة يتصرف بها مدراء وأعضاء مجالس الشركات المساهمة العامة وفقا لأهوائهم، أو بموجب لوائح وتعليمات داخلية هم من يضعونها ويقررونها ويصبغونها بألوان فاقع لونها تسرهم، وتتناسب مع جشعهم وضعف ضمائرهم.
هذا الموضوع يشير للحال المتردي الذي نعاني منه، ويحصد نتائجه الفقير ألما ومعاناة، فقد نصّ البند السابع من الباب الثاني من دليل قواعد حوكمة الشركات المساهمة على أنه لا يجوز للشخص الطبيعي الجمع بين عضوية مجالس إدارة أكثر من خمس شركات، ونصّ البند الأول منه على أنه يتولى إدارة الشركة مجلس إدارة لا يقل عدد أعضائه عن خمسة أشخاص ولا يزيد على ثلاثة عشر.
المادة 162 من قانون الشركات الأردني حددت مكافأة رئيس وأعضاء مجلس الإدارة في الشركة المساهمة العامة بنسبة(10%) من الربح الصافي القابل للتوزيع على المساهمين وبحد أقصى (5000) دينار لكل منهم، وبطبيعة الحال هذه النسبة وهذا الرقم من غير الممكن اعادة النظر فيهما لأن صلح الحديبية نصّ عليهما وفيهما دروس وعبر!!!.
إحدى الشركات بحسب الأرقام والإفصاحات في إحدى السنوات الماضية يبلغ راسمالها بضع ملايين دينار، وراتب مديرها ونائبه يقارب من 250 الف دينار سنويا، فضلا عن المكافآت والامتيازات الأخرى كبدل الاجتماعات، ونفقات الهواتف الخلوية، والمياومات وغيرها، ولم تتجاوز أرباحها الثلاثين الف دينار في إحدى سنوات الخير، ناهيك عن سنواتها العجاف، ولم يكن لمديرها أو نائبة أية انجازات تذكر سوى أنهما كانا من بناة سور الصين العظيم، وإليهما يرجع الفضل في إختراع الخلية المشحونة المستخدمة في اطلاق سفن الفضاء!!!.
شركة أخرى رأسمالها لا يتجاوز عدد أصابع اليد مليون دينار، وراتب مديرها العام ونائبه 120 الف دينار سنويا، لكنهما قاما باستغلال ذكائهما وقدراتهما الفائقة لتحقق الشركة خسائر بما يقارب 200 الف دينار، وبحسب المعلومات لم تقم الشركة بتوزيع أرباح على المساهمين منذ تأسيسها قبل أكثر من عقدين من الزمن!!!.
أما رواتب مدراء البنوك فهي قصة مستوحاة من الأفلام الهندية، تنتهي كوميديا لمن يتابعها، وهناك الكثير من الشركات المساهمة العامة على هذا الحال وربما أسوأ، مما يعني أن أموال المساهمين في هذه الشركات وقف، أو تبرعات وهبات نقدية لمدرائها ورئيس وأعضاء مجالس الإدارة يعبثون ويعيثون فيها كما يشاءون فسادا.
الرواتب الخيالية لبعض المدراء والرؤساء التنفيذيين للشركات بدون أية نتائج وعوائد ايجابية لمعظم هذه الشركات ساهم من مضاعفة خسائر الشركات وتقليل نسبة الأرباح، واستنزف ايراداتها، وانعكس سلبا على الاقتصاد، ولا يتوقف الأمر عند الشركات المساهمة العامة بل يتعداه إلى مؤسسات وهيئات حكومية باتت معروفة لدى الجميع.
لماذا لا يتم فتح ملف الرواتب المرتفعة، والمكافآت والتي تعد فلكية بالنسبة لرواتب أغلبية موظفي الدولة من القطاعين العام والخاص، ولماذا لا يتم تشكيل لجنة من قبل الجهات المعنية في الحكومة لدراسة هذا الموضوع من كافة جوانبة على نحو مدروس بدلا من أن يبقى عشوائيا فوضويا وانتقائيا خاصة وأنه بات يؤرق الرأي العام، ويؤجج مشاعر الكراهية والبغض لدى المواطنين تجاه بعضهم البعض، ويثير حالة من التذمر والسخط الشعبي في دولة تعاني الفقر والبطالة ويعيش نسبة كبيرة من سكانها بالحد الأدنى من الأجور والبالغ 280 دينار وبواقع 8.5 دينار يوميا ثمن وجبة شاورما لثلاثة أشخاص من غير مشروب.
ليس صعبا ولا بالأمر المعقد المستحيل معالجة هذا النوع من الاختلالات وغيرها من الاختلالات والترهل الإداري الذي بات سمة تلاحق مؤسساتنا الخاصة وجهازنا الحكومي، فلا يتطلب الأمر في حال انعقدت النية أكثر من تعليمات وأنظمة وقوانين معدلة تحمل صفة الاستعجال لوضع سقوف للرواتب، وربطها بالأرباح في قطاع الشركات.