facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




التجنيد الإلكتروني: ضرورة إنشاء جيش إلكتروني وطني لمواجهة التحديات الرقمية


د. أحمد غندور القرعان
02-08-2025 05:22 PM

في ظل التطورات التكنولوجية المتسارعة، أصبح الأمن الرقمي من أبرز الأولويات الوطنية في كل دول العالم. ومع تزايد التهديدات في الفضاء الإلكتروني، تظهر الحاجة الملحة إلى تأسيس جيش إلكتروني وطني يحمي ويصون الأمن الرقمي، ويكافح جميع أشكال الاستهداف الإلكتروني التي تهدد أمن المجتمع واستقراره.

وقد جاءت دعوة رئيس مجلس الأعيان، فيصل الفايز، لتأسيس هذا الجيش لتكون خطوة ضرورية نحو توفير مظلة دفاعية شاملة، لا تقتصر فقط على محاربة الذباب الإلكتروني والتضليل، بل تمتد لمواجهة التجنيد الإلكتروني الذي يُعد من أخطر التهديدات في العصر الرقمي.

من خلال تصريحات الفايز الأخيرة، تبرز أهمية الجيش الإلكتروني الذي لا يقتصر دوره على التصدي للهجمات الإلكترونية التي تستهدف المؤسسات الرسمية والمجتمعية فحسب، بل يجب أن يمتد إلى محاربة الحملات الموجهة التي تستهدف الفئات الشابة، وتحاول تجنيدهم فكريًا وسلوكيًا نحو أهداف متطرفة. هذا التجنيد الإلكتروني هو الخطر الصامت الذي يتسلل عبر منصات التواصل الاجتماعي، ويستغل المشاعر والهشاشة النفسية لدى بعض الشباب، ليقودهم إلى تبني أفكار منحرفة قد تنتهي بتطرف أو أعمال عنف.

لقد بات من الضروري أن ندرك أن التجنيد الإلكتروني ليس مجرد ظاهرة فردية أو محصورة في جماعات متطرفة معينة، بل أصبح أداة تُستخدم من قبل مختلف الأطراف التي تسعى لزعزعة استقرار المجتمع من خلال استغلال الفضاء الرقمي الواسع. ومن هنا، لا يمكننا الاكتفاء بالتصدي لحملات التضليل الإعلامي، بل يجب أن يشمل أيّ استراتيجياتنا الوطنية مواجهة الاستقطاب الرقمي الذي يهدف إلى تدمير الأنسجة الاجتماعية والثوابت الوطنية.

في هذا السياق، يأتي الجيش الإلكتروني الوطني المقترح ليكون المظلة الكبرى التي تجمع كل الجهود والموارد لمواجهة هذه التحديات. هذا الجيش يجب أن يضم فرقًا متخصصة في مكافحة التجنيد الإلكتروني، واكتشاف المحتوى المشبوه، ورصد التحركات التي تهدد أمن الدولة على الإنترنت.

كما أن الجيش الإلكتروني يجب أن يعمل جنبًا إلى جنب مع مؤسسات المجتمع المدني والشركات التقنية، لتطوير تقنيات تُمكّن من التعرف على المحتوى المتطرف، وحجب المواقع المشبوهة، فضلاً عن إعداد برامج توعية رقمية من خلال الإعلام والمدارس والجامعات. فهذه المؤسسات تعد خط الدفاع الأول ضد محاولات اختراق الوعي الشبابي واستقطابه إلى أهداف مشبوهة.

التجنيد الإلكتروني لا يقتصر على حملات منظمة ضد الشباب الأردني، بل يمتد ليشمل محاولات لزعزعة استقرار الأمة ككل. وفي مواجهة هذا الخطر، يجب أن يكون هناك إجماع وطني على ضرورة إعادة النظر في سياسات التربية الوطنية والتعليم الرقمي، بحيث يُعاد للمدارس والجامعات دورها في بناء الوعي الوطني الرقمي. يجب أن يتضمن ذلك برامج تدريبية للمعلمين والإعلاميين لتعريفهم بكيفية الكشف عن المؤشرات المبكرة للتأثر بالفكر المتطرف لدى الشباب.

جيشنا الإلكتروني الوطني يجب أن يعمل ليس فقط على التصدي للتهديدات التي تأتي من خارج الحدود، بل أيضًا على تقوية الجبهة الداخلية، من خلال توفير المناعة الفكرية ضد محاولات الاستقطاب. ففي الوقت الذي تتسارع فيه الحروب الرقمية من خلال منصات التواصل الاجتماعي، لا بد من مواجهة هذا التحدي بمؤسسات وطنية مهنية، وعلى رأسها الجيش الإلكتروني الذي يقود الدفاع الرقمي.

رئيس مجلس الأعيان، فيصل الفايز، في دعوته لإنشاء هذا الجيش الإلكتروني، لا يقتصر على تقديم خطوة دفاعية، بل يقدم رؤية شاملة تدمج الأمن الرقمي مع التربية الوطنية وتكامل الجهود المجتمعية. لقد أصبح من الضروري اليوم أن نعمل على توفير الحماية الرقمية ليس فقط عبر الرد على الهجمات، بل من خلال منع حدوثها عبر بناء وعي رقمي إيجابي يعزز القيم الوطنية لدى الشباب، ويحصّنهم ضد محاولات التجنيد الإلكتروني.

إن التجنيد الإلكتروني يُعد سلاحًا يستخدم للتغلغل في المجتمعات، ومن خلاله يمكن تصعيد المخاطر على الأمن القومي، ولهذا السبب لا يمكننا أن نكتفي بالتصدي له بعد وقوعه، بل يجب أن نتخذ خطوات استباقية لحماية شبابنا وتحصين مجتمعنا ضد هذه الهجمات الصامتة. إن الجيش الإلكتروني الوطني الذي دعا إليه الفايز هو أداة أساسية لحماية مستقبل الوطن، وهو الحل الأمثل لمواجهة التحديات الرقمية المتزايدة التي تهدد أمننا الفكري والاجتماعي.


لقد أصبح من الواضح أن وجود هذا الجيش الإلكتروني الوطني لم يعد خيارًا اختياريًا، بل ضرورة ملحة في عصر يعتمد فيه الأمن الوطني على القدرة على التصدي للهجمات الرقمية وحماية عقول الشباب من الاستقطاب الإلكتروني الذي يقود إلى التطرف والعنف.





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :