في ظل التحديات الاقتصادية التي يمر بها الأردن، وخاصة العاصمة عمّان، تبرز ريادة الأعمال كخيار واقعي وواعد يسهم في تحسين الواقع المعيشي للأفراد، ودفع عجلة الاقتصاد الوطني نحو الاستدامة والتطور. فالفكر الريادي لم يعد رفاهية، بل أصبح ضرورة ملحة، في وقت تتزايد فيه الضغوط على الأسر نتيجة ارتفاع تكاليف المعيشة وتراجع القدرة الشرائية، لا سيما في فصل الصيف الذي يُعد موسمًا حيويًا من الناحية الاقتصادية والاجتماعية.
تعتمد الكثير من الشركات والمشاريع الصغيرة في عمّان على موسم الصيف باعتباره فرصة ذهبية لتحريك السوق، نتيجة توافد أعداد كبيرة من السياح، خصوصًا من دول الخليج العربي، بالإضافة إلى عودة الأردنيين المغتربين لقضاء العطلة الصيفية بين أهلهم. هذا التوافد يوفر سيولة نسبية في السوق، ويخلق طلبًا متزايدًا على الخدمات والمنتجات بمختلف أنواعها. وهنا تبرز الحاجة إلى مشاريع ريادية مبتكرة، تستجيب لحاجات هؤلاء الزوار وتلبي تطلعاتهم، وفي الوقت ذاته توفر مصدر دخل للأفراد ورواد الأعمال.
إن الفكر الريادي يتطلب إبداعًا وشجاعة في توليد أفكار جديدة، قابلة للتنفيذ ومرتبطة بواقع السوق المحلي. فمشاريع صغيرة مثل عربات الطعام، الحرف اليدوية، السياحة الداخلية، الخدمات الرقمية، والتطبيقات الذكية، يمكن أن تتحول إلى فرص حقيقية للعائلات والشباب، إذا ما تم استثمارها وتطويرها بطريقة صحيحة ومدروسة.
ولا تكتمل هذه المنظومة دون وجود شراكات استراتيجية مع مؤسسات داعمة، سواء محلية أو دولية، تعمل على تمويل هذه الأفكار، وتوفير التدريب اللازم، وتسهيل الإجراءات القانونية والتقنية، بهدف تمكين رواد الأعمال من تنفيذ مشاريعهم بنجاح واستدامة.
إن التوجه نحو ريادة الأعمال لا يحقق فقط دخلًا ماديًا، بل يسهم أيضًا في تغيير الثقافة المجتمعية، خاصة لدى فئة الشباب، من الاعتماد على الوظيفة التقليدية إلى تبني مبدأ العمل الحر والمبادرة الفردية. وهذا التحول مطلوب بشدة في هذه المرحلة، إذ إن سوق العمل لم يعد قادرًا على استيعاب الكم الهائل من الخريجين، بينما المشاريع الريادية تفتح آفاقًا لا حدود لها للإبداع والنمو.
ختامًا، يشكل صيف عمّان فرصة يجب اغتنامها، ليس فقط لتحريك السوق الموسمي، بل كمنصة لإطلاق أفكار جديدة ومشاريع ريادية تخلق قيمة مضافة للاقتصاد المحلي، وتعزز من قدرة الأفراد على الاعتماد على أنفسهم، وتساهم في بناء مجتمع أكثر مرونة .