العميد الدكتور احمد البواعنه .. رسالة انسانية
محمد فهد الشوابكة
11-09-2025 11:59 AM
لم تكن زيارتي إلى مستشفى الملكة علياء برفقة صديقي المريض مجرد مرافقة عابرة، بل كانت تجربة مختلفة بكافة تفاصيلها بدءا من الخدمة المتميزة والاستقبال البشوش من الكادر الطبي وانتهاءا بتجربة مختلفة عن المسؤول، أعادت صياغة نظرتي إلى الطب ومعناه الحقيقي.
توجهنا نحو مركز الأورام، وحين وصلنا إلى مكتب مديره، العميد الطبيب أحمد عايش البواعنه، كنت أتوقع مشهدًا تقليديًا اعتدنا على رؤيته: باب مغلق، مواعيد معلّقة، وقوائم انتظار طويلة.. لكن المفاجأة أن الباب كان مفتوحًا على مصراعيه، وكأنّه يعلن أن هذا المكان ليس مكتبًا رسميًا، بل مساحة رحبة للإنسانية.
دخلنا، فوجدنا مدير المركز العميد البواعنه يجلس بين المراجعين لا فوقهم، حيث كان يصغي لأحدهم بابتسامة صافية، ويواسي آخر بكلمة دافئة، ويمد يده إلى ثالثٍ وكأنه يعرفه منذ زمن.. لم يكن هناك فاصل بينه وبين الناس، لا أوراق ولا بروتوكولات ولا انتظار مرهق؛ بل كل من يدخل يجد أذنًا صاغية وقلبًا حاضرًا.
ما شدّني أكثر أن المرضى لم يدخلوا في رهبة "المسؤول الكبير"، وإنما في طمأنينة من يطرق باب بيتٍ يعرف أن أهله يفتحون له.. لم يكن أحد ينتظر دوره على كرسي انتظار لساعات في الممر؛ إذ إن الدور كان للإنسانية، والموعد الوحيد هو اللحظة التي تحتاج فيها أن تُسمع وتُطمئن.
هذا المشهد لم يكن مجرد موقف عابر، بل رسالة عميقة تعكس الدور الكريم الذي يضطلع به مركز الأورام في مستشفى الملكة علياء.. هنا لا يُقاس الطب بعدد الوصفات أو الأجهزة الحديثة فقط، وإنما بقدرة إنسان في موقع مسؤولية أن يفتح بابه للآخرين ويمنحهم من وقته ووجدانه.
خرجت وصديقي من المكتب ونحن نحمل أكثر من دواء.. لكن الأهم أننا حملنا شعورًا بأن هناك من يشاركنا الهمّ، من يضع يده على كتف المريض لا ليكتب تقريرًا فقط، بل ليقول له: "أنت لست وحدك."
شهادة حق..
العميد أحمد عايش البواعنه ليس مجرد طبيب بارع في مجاله، بل هو مدرسة قائمة بذاتها في الإنسانية والعطاء؛ جمع بين صرامة العسكري وانضباطه، ورقة قلب الطبيب وإنسانيته، لذلك أصبح قدوة لزملائه، وسندًا لمرضاه، ورمزًا للطبيب الإنسان الذي يكرّس حياته لخدمة وطنه وأبناء مجتمعه.
لقد استطاع أن يجعل من مركز الأورام عنوانًا للطمأنينة، ومن مكتبه بوابة مفتوحة تحمل رسالة واحدة: الطب إن لم يكن إنسانية، فلا قيمة له.