facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




رؤيتي لإعادة هندسة التعليم من المستقبل إلى الحاضر


د. الاء طارق الضمرات
13-09-2025 04:42 PM

* منهج الصدى المستقبلي

مناهج اليوم تبدو وكأنها مرآة تعكس الحاضر، لكنها عاجزة عن عكس المستقبل، وما نُعلّمه الآن قد يصبح غداً جزءاً من متحف مهارات منقرضة، والفجوة بين التعليم وسوق العمل لا تكمن فقط في الكمّ أو السرعة، بل في أن مناهجنا ما زالت تُفكَّر للحظة الآنية، بينما المستقبل يتطلب هندسة تعليمية تفكر لما بعد الغد.

منهج الصدى المستقبلي (Echo-Curriculum) يقدّم تصوراً مختلفاً جذرياً: ليس مجرد محتوى أكاديمي محدث، بل خوارزمية تربط الطالب بنسخته المستقبلية، وعبر ملفات مستقبلية (Future-Profiles) تُبنى لكل طالب على نحو فردي—تستند إلى محاكاة علمية تضم بيانات السوق، مقابلات الخبراء، ونماذج السلوك الاجتماعي—يتحوّل التعليم إلى مرآة ذكية تعكس ما سيحتاجه الفرد بعد خمس أو عشر سنوات.

القوة في هذا المنهج ليست في التنبؤ، بل في إعادة البناء العكسي (Backcasting) ، وتبدأ العملية من المستقبل المحتمل للطالب، ثم يُعاد تصميم الوحدات التعليمية كـ«حزم مهارية» تستجيب مباشرة لتلك السيناريوهات، والنتيجة: مناهج تتحرك من العموم إلى التخصيص، من التوقعات النظرية إلى مسارات شخصية قابلة للقياس.

لماذا نحتاج هذا التحول؟

1. تحويل التعليم من تنبؤات عامة إلى سيناريوهات شخصية: بدلاً من افتراض أن جميع الطلاب سيواجهون سوق عمل واحداً، يتم تفصيل المسارات التعليمية بما يتناسب مع مستقبل كل طالب.

2. دمج البحث والتعلم والعمل في حلقة واحدة: التعليم لا ينتهي عند التخرج، بل يصبح مساراً دائماً من التغذية الراجعة المستقبلية، حيث الطالب نفسه شريك في صناعة مستقبله.

3. إطلاق أسئلة بحثية جديدة: ما حدود أخلاقيات "التنبؤ الشخصي"؟ كيف نضمن موثوقية ملفات المستقبل؟ وهل يمكن فعلاً قياس أثر التعليم المصمم عبر backcasting مقارنة بالمناهج التقليدية؟

خطوات تجريبية مقترحة

 إنشاء ملفات Future-Profiles : جمع بيانات صناعية وتقنية ومجتمعية لتوليد ثلاثة إلى خمسة سيناريوهات مستقبلية لكل طالب.

 إعادة تصميم الوحدات: تطوير مقررات قصيرة تستجيب مباشرة لهذه السيناريوهات وتُزوّد الطالب بحزم مهارية قابلة للقياس.

 تجربة حية: تطبيق الفكرة خلال فصلين، ثم قياس أثرها على قابلية التوظيف، توافق المهارات مع احتياجات السوق، ونسبة التحولات المهنية خلال 6–12 شهراً.

لكن مثل كل فكرة راديكالية، منهج الصدى المستقبلي لا يخلو من تحديات، فخطر التحيّز في نماذج بناء الملفات المستقبلية قائم، ومسألة الخصوصية تحتاج إلى تشريعات واضحة، كما أن هناك احتمالاً أن تُقيد هذه الملفات حرية الطالب إذا لم تُصمَّم بمرونة تحافظ على تعددية الخيارات.

رغم ذلك، فإن التجريب وحده قادر على كشف الإمكانات، وتخيلوا تجربة على مدى فصلين: توليد 3–5 سيناريوهات مستقبلية لكل طالب، تصميم وحدات قصيرة مبنية على تلك السيناريوهات، ثم قياس الأثر الفعلي في الأداء الوظيفي والتوافق المهاري بعد التخرج، والنتائج المتوقعة قد تُغيّر مشهد التعليم العالي برمته: مناهج متصلة بالمستقبل الفردي، خريجون ذوو محفظة مهارات حيّة، وأبحاث تطبيقية تُثري حقول السياسات التعليمية وأخلاقيات الذكاء الاصطناعي.

التعليم هنا لا يزعم أنه يعرف المستقبل، لكنه يتعامل معه كمساحة مفتوحة قابلة للتهيئة الفردية، والهدف ليس إعداد طلاب لوظائف الأمس، بل تخريج أفراد قادرين على إعادة تشكيل وظائفهم وفق ما سيأتي، وهذا ما يجعل منهج الصدى المستقبلي ليس مجرد اقتراح أكاديمي، بل نداءً لإعادة هندسة الفلسفة التعليمية من أساسها.

في زمن يتغير بسرعة، لا يكفي أن نسأل: ماذا يحتاج الطلاب الآن؟، بل يجب أن نتساءل: كيف نصنع لهم مستقبلاً يستطيعون أن يغيروه بأنفسهم؟ هذا هو جوهر منهج الصدى المستقبلي، فكرة قابلة للتجريب والبحث، لكنها تحمل في جوهرها بذرة ثورة تعليمية كبرى.

* نائب رئيس جامعة ميدأوشن





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :