حين صفعت الكرامة إسرائيل على المعبر
لانا عصفور
20-09-2025 07:27 PM
بعد عملية الكرامة، تجد إسرائيل نفسها أمام منعطف حساس يعيد فتح أسئلة الردع والعلاقات الإقليمية.
العملية التي وقعت لم تكن مجرد حادث عابر؛ بل مثّلت ضربة موجعة في نقطة تُعد شريانًا أساسياً لحركة الأفراد والمساعدات.
الرد الإسرائيلي، كما يبدو من المؤشرات الأولية، يتجه نحو سيناريوهات متعدّدة يجري تفعيلها بشكل متوازي.
السيناريو الأول يتمثل في تشديد أمني خانق على المعابر، من خلال فرض إجراءات تفتيش مطوّلة وتعقيد حركة الشاحنات، وربما إعادة تعريف من يُسمح له بالمرور وفق معايير أمنية صارمة.
السيناريو الثاني يتجه نحو رد عسكري محدود داخل الضفة أو عبر عمليات استعراض قوة، الهدف منه إعادة ترميم صورة الردع دون الانزلاق إلى حرب شاملة.
السيناريو الثالث يتجلّى في ضغط دبلوماسي مكثف على الأردن، حيث تحاول إسرائيل تحميل عمّان مسؤولية ما جرى، والمطالبة بضمانات إضافية تزيد من حساسية العلاقة الثنائية.
أما على الصعيد الإعلامي والسياسي، فهناك مسار آخر تعمل عليه إسرائيل بالتوازي، يتمثل في إعادة صياغة الرواية وتسويقها دولياً، عبر تصوير الحادث كتهديد لأمن المنطقة بأكملها، بهدف كسب مساحة أوسع من التفهّم والشرعية الدولية لأي إجراءات مقبلة.
ومع كل ذلك، يبقى السيناريو الأخطر ـ وإن كان أقل احتمالاً ـ هو التصعيد الشامل، أي الانزلاق نحو مواجهة أوسع في الضفة أو تشديد حصار غزة بشكل أكبر، وهو خيار تدرك إسرائيل كلفته السياسية والدبلوماسية العالية.
وفي وسط هذه الشبكة من الحسابات، تعود إسرائيل إلى أسلوبها المألوف وهو استغلال الحوادث الأمنية كذريعة لمنع وصول المساعدات إلى غزة.
فبمجرد وقوع العملية، سارعت إلى إغلاق المعبر وتعطيل الشاحنات الإنسانية، متذرعةً بالاعتبارات الأمنية، بينما الحقيقة أن الهدف العملي يبقى خنق المدنيين وتجويعهم.
المساعدات الإنسانية التي يُفترض أن تكون حقًا أساسيًا تحوّلت إلى ورقة ابتزاز، تُستخدم كلما أرادت إسرائيل توجيه رسالة أو فرض معادلة جديدة.
النتيجة المباشرة لذلك كله هي أزمة إنسانية تتفاقم يومًا بعد يوم، ومعاناة يرزح تحتها سكان غزة دون أن يكون لهم يد في الحسابات السياسية والعسكرية.
إسرائيل، في محاولة لحماية صورتها الداخلية وإثبات قوة ردعها، تدفع الأثمان على حساب المدنيين، وتجعل من حياتهم بنداً فرعياً في لعبة الأمن والسياسة.