facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




محددات منهاجية لتفكيك خطاب الكراهية وإحلال قيم التدين الراشد


إبراهيم حدكي
20-09-2025 07:27 PM

ليس من قبيل الترف الفكري مطارحة هذا الموضوع للدراسة والتنقيب، ولكن هنالك بواعث ودواعي كثيرة تستلزمه وتقتضيه، لعل أبرزها هو هذا الموران الإعلامي لهذا الفكر العنفي المتاهفت الداعي إلى الكراهية ونبذ الأخر، إما لإختلاف في المعتقد أو اللون أو العرق... حتى صار ذلك جليا في مختلف الوسائط الإلكترونية والمعلوماتية ومواقع التواصل الإجتماعي، يتلقفه الصغير والكبير ، المتدين وغيره، مما يمكن أن يؤدي في مستقبل الأيام، لا قدر الله إلى مآسي إنسانية ينتج عنها البوار والهلاك، وهو عكس الاعمار الذي هو أصل في الخلقة البشرية.

فلم يعد خافيا إذا على كل أحد، ما بات يشكله خطاب العنف والكراهية المؤسس على التدين السقيم، أو غيره من التأويلات الإنسانية والفهوم البشرية للنصوص التراثية،من قلاقل ومشاكل وتداعيات كثيرة إقليميا ودوليا، بحيث صار خطاب الكراهية_والتطرف، يزهق أرواح الأبرياء ظلما وعدوانا تحت مسمى الدين أو مسمى المقدس، وفي أحايين كثيرة تحت دعاوى مختلفة لا حصر لها ولا عد.

فالمسلم به إذا عند أولي النهى والحكمة في وقتنا الراهن أن "العالم يشهد منذ مدة غير قصيرة اضطرابات فكرية انعكست على شكل اضطرابات اجتماعية وسلوكية داخل الشعوب والدول وخارجها، وتجلى ذلك في تصرفات وأعمال عديدة ومن أبرزها التعصب بين الثقافات والعرقيات والديانات، وسال جراء ذلك دماء وأُزهقت أرواح وأصبح التعصب بين الثقافات والديانات والأعراق مرضًا مؤثرًا في الكيان البشري إن تمادى وازداد فإن مآسي أكبر قادمة"
فكان لابد إذا وإعمالا للبعد الإستشرافي ،وبمقتضى العالمية التي ينشدها ديننا الحنيف، من تفكيك جملة من المفاهيم المؤسسة لخطاب الكراهية، وإبراز معالم التسامح في الخطاب الإنساني والديني على السواء من أجل تكوين وعي جمعي،و مجتمع وطني، وتجمع عالمي،تسود فيه روح المحبة والوئام

المسلك القويم لتفكيك خطاب الكراهية

مما لا يجادل فيه، أنه قد تظهر لأولي النهى من الحكماء والفضلاء، جملة من المقاربات الهامة في تفكيك خطاب الكراهية والعنف المؤسس على الفهوم السقيمة للنصوص، وقد تتعدد هذه المقاربات وتختلف : منها المقاربة القانونية والمطارحة الحقوقية و التجريم المجتمعي لفعل الكراهية... وهذه كلها مقاربات تتكامل فيما بينها وتتداخل، وتنبئ عن وعي جمعي مهم بخطورة و أفات الكراهية البغيضة.

والمنحى الذي نرنو إليه هاهنا، هو التوسل بمسلك المقاربة الفكرية بحيث نعتبره منهجا متفردا وهاما في مقاومة خطاب الكراهية، فخطأ جلي، من يعتقد أن انتشال مقترف خطاب الكراهية من فعله ذاك، يكون من جنس الفعل، أي تكرار الخطاب نفسه مع من يردد نفس الخطاب، فنصير أمام الكراهية المتبادلة، أو التعامل بمبدأ المثل، قال عز وجل منبها إلى هذا الخطأ التواصلي والدعوي " وَلَا تَسُبُّوا الَّذِينَ يَدْعُونَ مِن دُونِ اللَّهِ فَيَسُبُّوا اللَّهَ عَدْوًا بِغَيْرِ عِلْمٍ كَذَٰلِكَ زَيَّنَّا لِكُلِّ أُمَّةٍ عَمَلَهُمْ ثُمَّ إِلَىٰ رَبِّهِم مَّرْجِعُهُمْ فَيُنَبِّئُهُم بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ" .

فلعل أعظم إشارة نقتطفها من هذا النص المحكم ورودا ودلالة، هو تحاشي الرد بالمثل على المخالف الداعي لخطاب العداوة، فالذي ينشر الكراهية، لا يقاوم بنشر الكراهية ومعاداته وسبه، بل سيكتمل التسامح وتعم أثاره العالمين بتفكيك المفاهيم المؤسسة لهذا الخطاب،فتكون النتيجة أن يحل محل الكراهية السلام والسماحة. ومحل البغضاء المحبة ومحل التعنيف التلطف والحلم.

فقد أورد البخاري بسنده قال: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَيَّاشٍ، حَدَّثَنَا أَبُو غَسَّانَ مُحَمَّدُ بْنُ مُطَرِّفٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ المُنْكَدِرِ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: «رَحِمَ اللَّهُ رَجُلًا سَمْحًا إِذَا بَاعَ، وَإِذَا اشْتَرَى، وَإِذَا اقْتَضَى» .

إن تحقيق هذا المقصد المحمود، لا يمكن أن يكون إلا من خلال مداخل منهاجية نعتبرها أصلا في هذا التفكيك، ذلك أن الكراهية و العداوة و ما تفرع عنهما من مساوئ الصفات، بمثابة ألغام قد تنفجر حيث ما وجدت أسباب الإنفجا،ر فيهلك الحرث والعباد، وهي في الان ذاته أعني مساوئ الأخلاق، هي براديغمات معرفية_ تجوزا_ ثاوية في خلد الإنسان ومخيلته، وبالنظر إلى منشأ هذه البراديغمات والتصورات، فأنها تتأسس في الغالب الأعم على أفكار علمية بالية أو مبادئ تجوزا خلقية شاذة، فكان لابد من محددات منهاجية وبراديغمات علمية واقعية مؤثلة ومؤصلة ، من أجل نزع ما سبق من الأفات وإتقاء شرها.

فيكون التفكيك من جنس البناء ليتحقق الهدم المحمود والبناء المشهود، وصدق الله العظيم إذ يقول " وَكَذَٰلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِّتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا" فمقتضى الشاهدية التي وصفت بها هذه الأمة الخيرية، هو الوسطية خطابا وخلقا وممارسة، والرابط بين هذه الإعتبارات كلها، هو محبة الأخر والسعة لإحتوائه والتسامح معه.

المحددات المنهاجية المفهوم والمضمون

إن المداخل المنهاجية التي نروم بها المساهمة والتقريب في تفكيك خطاب الكراهية، هي في حدها وتقريبها، ذلكم الكلي الجامع لصنوف الاعتبارات الكونية الحاكمة، والقواعد العامة الضابطة، والنصوص الكلية التي يهتدى بها النظر في الواقع الإنساني والنص الديني، ويسترشد بها من أجل تحقيق المقصد الأسنى للتكريم الإلهي للإنسان.

ذلك أن هذه المحددات هي الأصل في النظر للإنسان ، إن تقويما لسلوكه أو من حيث التواصل معه، بل وفي كل ما يصدر عنه من تصرفات، فإذا استوعب المسلم أو الإنسان عامة هذه الضوابط، ما كان ليفزع غيره، أو يكره الخلق، لإختلاف وارد قد صدر منهم، في جزئيات قد ترجح وتضعف لو قرنت بالكلي المعتبر، فالذي يستبدل التسامح بالكراهية في جزئيات الأمور، إنما الباعث حقيقة على فعله، ليس الإنتصار للدين أو غيرها من المقدسات، بل في مناط الأمر على التحقيق، أنه يضيع على نفسه فضل السعي إلى الضابط المعتبر، سواء كان هذا الضابط أو المحدد شرعيا، أو مما اتفق عليها البشر فتمت صياغته في قالب قانوني من أجل تنظيم محكم لشؤون الناس، أي ما يصطلح عليه بالمواثيق الدولية.

ولو تأملنا في السياقات التاريخية التي عرفتها الإنسانية لوجدنا كثيرا من هذه النوازع النفسانية، نتيجة أن دلف الناس عن المقصد الأسنى و إشتغالهم بتلبية رغباتهم الشهوانية الزائلة وتضييع الغير / الأخر الذي خلق ليتساكن و يتواشج لا من أجل أن يعنف أو يكره أو يلقى به في ويلات الفتن والمهالك.





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :