facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




تقديم السفير الأميركي أوراق اعتماده: البروتوكول والأسبقية


أ.د. سعد ابو دية
24-10-2025 09:59 AM

عادةً يقدّم السفير نسخة من أوراق اعتماده إلى أمين عام وزارة الخارجية، وفي وقت لاحق يحدّد بروتوكول الديوان الملكي وقتًا معينًا للسفير ولسفراء آخرين معه يتشرّفون بمقابلة جلالة الملك، ويسلّم كتاب اعتماد موجهًا من رئيس الدولة التي يمثلها السفير. والسفير يمثل رئيس الدولة، فإذا ابتسم فإن رئيس الدولة هو الذي يبتسم، وإذا لم يبتسم فإن رئيس الدولة لا يبتسم.

وفي مرة حدث في فرنسا أن ابتسم ديغول للسفير المصري ولم يبتسم للسفير الإسرائيلي، وقدّمت جولدا مائير احتجاجًا. هذه رواية شفوية. ولذلك على السفير أن ينتبه لتصرفاته.

وكانت علاقاتنا إلى نهاية الخمسينات من القرن الماضي مرتكزة على بريطانيا، أما الولايات المتحدة فكان لها قائم بالأعمال، وموسكو لم يكن لها أي تمثيل دبلوماسي، والصين كذلك لم يكن لها تمثيل دبلوماسي، وكان لنا سفارة في تايوان أو فرموزا، وكانت العلاقات معهم ناجحة إلى نهاية السبعينات، عندما تحسّنت العلاقات بين الولايات المتحدة والصين، فالعلاقات تلقائيًا تحسّنت بين الأردن والصين، وبدلًا من فرموزا أو تايوان.

كنت في الخارجية، وعرض عليّ الملحق العسكري التايواني أن أشتري سيارته فاشتريتها، وكان لكوريا الشمالية أيضًا لدينا سفارة وسفير، وكان نشيطًا جدًا. كنت في مكتب وزير الخارجية وقدّم لي كتابًا للرئيس الكوري الشمالي يتحدث عن اللجان الشعبية، قرأت الكتاب كله، وتفاجأت بعد فترة بسيطة أن الكتاب الأخضر للعقيد معمر القذافي مأخوذ من هذا الكتاب، ولكن ليس القذافي الذي أخذ من هذا الكتاب، بل واحد مصري كان نشيطًا وأعاد الصياغة، كان معرّبًا أصلًا، وهذا الرجل هو ع. س.

ولما زرت ليبيا سنة 1991 أنا ودكتور عراقي ودكتور مصري، سألني القذافي: هل قرأت كتابي (الكتاب الأخضر)؟ كنت قد قرأته، ولكن قلت إنني لم أقرأه خوفًا من أن أدخل في أسئلة وأجوبة عليها. وعندما سأل المصري قال: قرأته. وصدقت توقعاتي، إذ إن الرئيس معمر القذافي أمطر المصري بوابل من الأسئلة، لم يجب على واحد منها بصراحة، ومع آخر الأسئلة بدأ المصري يغضب وقال للرئيس القذافي: هل تحقق معي؟ قال: لا، لا أحقق مع ضيوفي. قال المصري: يعني هذا امتحان؟ قال: نعم، هذا امتحان وسوف أعطيك صفرًا فيه.

هو فعلًا كان بيده قلم رصاص لونه خمري، وقميصه لونه خمري، وهكذا يمكن ذوقه أو ذوق المرأة في منزله. وكتب القذافي بالهواء "صفر"، ومثل ما توقعت، من قال "لا أدري فقد أفتى"، رحم الله السلف الصالح الذين قالوا ذلك.

وإن شاء الله السفير الأميركي يكون عونًا للسياسة الأميركية في المنطقة التي اضطربت في عهد الرئيس الحالي، الذي قفز عن دور وزير الخارجية ودور السفير، وأصبح يتدخل في كل شيء، وهذا مرهق، يؤثر على ما سُمّي في علم الإدارة span of control (نطاق الإشراف).

وأحب أن أشير إلى أن في التاريخ الأميركي محطات كان موقف وزارة الخارجية يختلف عن موقف البيت الأبيض، مثلًا في عام 1948 ترددت وزارة الخارجية الأميركية في الاعتراف بإسرائيل، والذي اعترف هو البيت الأبيض، وهذا de facto اعتراف واقعي.

ودوّن التجربة جيمس ماكدونالدز، سفير الولايات المتحدة في إسرائيل، وكان عنوان كتابه "مهمتي في إسرائيل" (My Mission in Israel)، ولقد ترجم الكتاب يوسف حنا، صحفي عمل في الصحافة الأردنية في الخمسينات والستينات، ونشرت الصحيفة – أظنها الدستور أو الجهاد أو الدفاع – الترجمة. وبعد سنة اعترفت الولايات المتحدة بإسرائيل عن طريق وزارة الخارجية، وكان الاعتراف قانونيًا de jure.

وعلى فكرة، يقفز ترامب عن أدوار المساعدين ووزراء الخارجية والسفراء، ويتدخل مباشرة، وهذا خطأ من ترامب، ذلك أن السفير يفهم الأمور جيدًا ويستطيع أن يعمل أفضل من تدخل الغائبين عن الساحة، والذين يقرؤون التقارير في مكاتبهم. والرئيس الأميركي يتلقى يوميًا حوالي 1200 رسالة، ويقوم المساعدون باختيار أقل من 20 رسالة أو ملاحظة، معنى هذا أن الرئيس لا يقرأ إلا القليل جدًا، والذي يحدد له ما يقرأه هم المساعدون، ولذلك أحيانًا يكون الرئيس أسيرًا للمساعدين.

وقد عانى كينيدي من هذا الشيء لدرجة أنه في أواخر أيامه بالكاد كان يثق بزوجته، وكان يقفز للحصول على المعلومة حتى من المطبخ في بيته، وأظن أن هناك من كتب ذلك عن كينيدي.

على العموم، نتمنى أن يعمل السفير لمصلحة البلدين، الأردن والولايات المتحدة، ودائمًا لنتذكر السلف الصالح: الحاضر يرى ما لا يراه الغائب.





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :