الملك في جولة آسيوية: رؤية اقتصادية تعيد رسم خريطة الشراكات
عقيد متقاعد محمد الخطيب
06-11-2025 12:49 PM
تمثّل الجولة الآسيوية التي يبدأها جلالة الملك عبدالله الثاني بزيارة اليابان، السبت، انفتاحاً استراتيجياً جديداً على واحدة من أهم مناطق النمو في العالم، في وقت يسعى فيه الأردن إلى تنويع شراكاته الاقتصادية وتوسيع آفاق الاستثمار والتبادل التجاري.
فمن اليابان إلى فيتنام وسنغافورة وإندونيسيا وباكستان، يحمل جلالته رؤية واضحة قوامها تحويل الدبلوماسية الأردنية إلى أداة تنمية اقتصادية، وتعزيز حضور الأردن على الخريطة الاستثمارية العالمية، مستنداً إلى رصيد الثقة الذي يتمتع به كقائدٍ يُجيد الجمع بين السياسة والاقتصاد في نهجٍ متوازن وعملي.
تهدف الجولة إلى بناء جسور تعاون جديدة مع الاقتصادات الآسيوية الصاعدة في مجالات الطاقة، التكنولوجيا، الصناعة، الزراعة، التحول الرقمي، والبنية التحتية، وهي قطاعات تشكل محور “التحول الاقتصادي الأردني” الذي يقوده الملك ضمن مسار التحديث الشامل للدولة.
إن لقاءات جلالته مع القادة والمسؤولين في هذه الدول، إلى جانب ممثلي الشركات والمؤسسات الاقتصادية الكبرى، تعكس إصراره على فتح أبواب استثمارية جديدة أمام القطاعين العام والخاص الأردنيين، واستقطاب شراكات قادرة على خلق فرص عمل ونقل المعرفة وبناء القدرات.
وفي عالمٍ يعاد فيه رسم خرائط القوة الاقتصادية، يرسخ جلالته من خلال هذه الجولة موقع الأردن كدولة مستقرة، منفتحة، وذات بيئة جاذبة للاستثمار، تجمع بين المصداقية السياسية والموقع الجغرافي المميز، والكوادر البشرية المؤهلة.
فالرؤية الملكية لا تنحصر في تعزيز العلاقات الثنائية، بل تتجاوزها إلى إعادة تموضع الأردن كمحور اقتصادي إقليمي يربط الشرق بالغرب، ويقدّم نفسه كنموذج إصلاحي متزن يستند إلى الثقة والاعتدال والانفتاح.
إن هذه الجولة الآسيوية تعكس فلسفة الملك في جعل الدبلوماسية الاقتصادية رافعة للتنمية الوطنية، حيث تتحول اللقاءات والاتفاقيات إلى أدوات عملية لزيادة الصادرات، وتنويع الشركاء، وجذب الاستثمارات النوعية التي تدعم خطط التحديث الثلاثية: السياسية، والاقتصادية، والإدارية.
وفي المحصلة، فإن جولة جلالته ليست مجرد زيارة بروتوكولية، بل خطة عمل اقتصادية متكاملة تعكس إيمان الملك بأن الأردن، برؤيته واستقراره وموقعه، قادر على أن يكون لاعباً فاعلاً في آسيا كما هو في المنطقة والعالم، وأنّ بناء المستقبل يبدأ من تنويع الشركاء، وتوسيع الأفق، وتحويل السياسة إلى اقتصاد، والكلمة إلى استثمار.
وفي هذا الإطار، يبرز دور البعثات الاردنية الدبلوماسية في الدول الآسيوية كشركاء أساسيين في تنفيذ الرؤية الملكية، فهم الذراع الميداني للدبلوماسية الاقتصادية الأردنية، والمكلفون بتحويل نتائج الزيارة إلى برامج تعاون وفرص استثمار واقعية. ويُنتظر منهم، بالتنسيق مع القطاع الخاص الأردني، أن يفعّلوا قنوات التواصل مع الشركات والمؤسسات في تلك الدول، وأن يواكبوا متابعة الاتفاقيات ومذكرات التفاهم، ويعملوا على تسويق الفرص الاستثمارية والتجارية التي يتيحها الأردن.
إن التناغم بين الجهود الدبلوماسية والاقتصادية يشكّل اليوم ركيزة أساسية في بناء شراكات دائمة، تعزز حضور الأردن على الساحة الآسيوية، وتترجم رؤية جلالة الملك إلى إنجازات عملية تخدم الاقتصاد الوطني وتفتح آفاقاً جديدة للنمو والازدهار.