facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




تحويل الهوية الأردنية إلى مشروع تنموي


د. جاسر خلف محاسنه
06-11-2025 02:59 PM

الهوية الوطنية تمثل السيادة المعنوية لأي مجتمع، فهي التي تصوغ رؤيته للعالم وتحدد موقعه ضمن حركة التاريخ الإنساني. وهي منظومة فكرية وسلوكية تتجسد في طريقة الإنتاج، وفي نوع العلاقة بين الإنسان والأرض، وبين المواطن والدولة. وعندما تتحول الهوية إلى مشروع تنموي، تغدو مصدر طاقة فكرية وأخلاقية تحرك الاقتصاد والمعرفة والإبداع، وتشكل أداة لتوجيه طاقات الأفراد نحو بناء مشترك يعبّر عن إرادة المجتمع ويعزز تماسكه الداخلي.

الهوية الأردنية تمتلك عناصر غنية قادرة على أن تؤسس نموذجاً تنموياً متوازناً ومتماسكاً. فالتنوع الجغرافي والاجتماعي الذي يميز الأردن يمثل رصيداً استراتيجياً يمكن استثماره في صياغة مشاريع محلية ترتبط بخصائص كل منطقة. وتاريخ الأردنيين في مواجهة الصعوبات، وقدرتهم على التكيّف والإنتاج في البيئات القاسية، يشكلان قاعدة أخلاقية لبناء اقتصاد يقوم على الاجتهاد والانضباط والاعتماد على الذات. هذا الرصيد القيمي يصبح نقطة انطلاق عملية حين تتحول القيم الوطنية إلى أدوات إنتاج ومعايير أداء.

تحويل الهوية إلى مشروع تنموي يعني ترجمة القيم إلى أدوات عمل. قيم مثل الكرامة، والمسؤولية، والإيثار، والصدق في الأداء، يمكن أن تتحول إلى معايير وطنية للإنتاج والريادة. التعليم يؤدي الدور المركزي في ترسيخ هذه القيم في وعي الأجيال الجديدة، عبر ربط المعرفة بالممارسة، وتشجيع التفكير النقدي، وتحفيز الانتماء كحافز للإبداع والتفوق.

في البعد الاقتصادي، تصبح الهوية إطاراً لبناء سوق وطني منتج يعبّر عن الذات الجمعية. المنتج الأردني حين يُقدَّم بروح الانتماء يكتسب بعداً ثقافياً ويغدو تمثيلاً حيّاً لقيمة العمل الوطني. ومن خلال تشجيع الصناعات المحلية والزراعة المستدامة والمشاريع الصغيرة، يمكن للهوية أن تتحول إلى شبكة اقتصادية تولّد الثروة داخل المجتمع وتعيد توزيعها بعدالة وتوازن.

أما في البعد الاجتماعي، فإن الهوية التنموية تعيد تشكيل العلاقة بين المواطن والمؤسسات العامة على أساس المشاركة والثقة. فالمواطن الذي يرى انعكاس قيمه في أداء مؤسساته يشعر بالمسؤولية تجاهها، ويصبح جزءاً من منظومة التنمية لا متلقياً لنتائجها. ومع مرور الوقت، تتكوّن ثقافة عامة تربط بين حب الوطن والإتقان، وبين الانتماء والعمل، فتترسخ ثقافة المواطنة الإنتاجية ويترسخ السلوك المؤسسي الحديث.

الهوية الأردنية، إذا أُعيد اكتشافها كقوة إنتاجية، تستطيع أن تؤسس لنموذج وطني مستقل في التنمية يوازن بين الحداثة والجذور، ويستمد فاعليته من تاريخ طويل من الصبر والبناء. إنها رؤية متجددة لمستقبل يقوم على الإنسان المبدع، وعلى مجتمع يعرف نفسه من خلال قدرته على العمل والتطور والتكافل. وحين تتحول الهوية إلى وعي منتج، يصبح المستقبل امتداداً طبيعياً للتاريخ، ويغدو الوطن مشروعاً دائماً للنهوض، يتجدد بتجدد أبنائه، ويزدهر بإخلاصهم وإيمانهم بقدرتهم على البناء.





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :