facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




بلا غفران: لماذا شارك الأردن مع القوات الامريكية بضرب داعش؟


د. سعود الشرفات
21-12-2025 02:27 PM

استهل الإعلامي والصحفي الأميركي آرون ماجيد في كتابه الأخير، الذي نشرنا عنه قراءة في صحيفة عمّون حول علاقة جلالة الملك عبد الله الثاني بالولايات المتحدة، أحد أكثر مقاطع الكتاب عمقًا ودلالة، عندما نقل عن أعضاء الكونغرس الأميركي في لجنة القوات المسلحة في مجلس النواب الأميركي انطباعهم عن حديث الملك خلال لقائه بهم عقب جريمة تنظيم داعش الإرهابي بإعدام وحرق الطيار الأردني معاذ الكساسبة في 3 يناير 2015، بعد أن وقع أسيرًا في الرقة بسوريا في ديسمبر 2014م.

كان الملك عبد الله مستشيطًا غضبًا بشكل شديد عندما تحدث عن استشهاد الكساسبة، واستدعى مرجعًا سينمائيًا أميركيًا قويًا في محادثته مع الكونغرس لشرح إصراره على تحرك قوي ضد تنظيم داعش الإرهابي، مستشهدًا بفيلم Unforgiven ("بلا غفران") للمخرج والممثل كلينت إيستوود، وهو فيلم يدور في جوهره حول العدالة القاسية في مواجهة شرّ لا تحكمه القوانين ولا يردعه الضمير.
المشهد الذي استشهد به الملك عبد الله الثاني، بحسب ما نقله عضو الكونغرس الأميركي دونكان هانتر، هو قول شخصية كلينت إيستوود في الفيلم:
“Any man I see out there, I’m gonna kill him.”
"أي رجل أراه هناك، سأقتله".

وأضاف هانتر أن الملك قال خلال الاجتماع أيضًا ما معناه:
“The only problem we’re going to have is running out of fuel and bullets.”
"المشكلة الوحيدة التي سنوجهها هي نفاد الوقود والذخيرة".

في ذلك اللقاء، لم يلجأ الملك إلى لغة دبلوماسية تقليدية، بل استحضر رمزًا راسخًا من الثقافة الشعبية الأميركية، مستشهدًا بفيلم Unforgiven، الذي يعكس مفهوم العدالة الصارمة في مواجهة الشر المستشري. وبحسب ما نقله هانتر، فإن الملك لم يكتفِ بذكر الفيلم، بل اقتبس منه عبارة تُجسّد جوهر الرسالة التي أراد إيصالها: هناك حالات من العنف والوحشية لا يمكن التعامل معها بالتردد أو أنصاف الحلول. فالشر، عندما يبلغ هذا المستوى من السادية – كما في جريمة حرق معاذ الكساسبة حيًا – يفرض ردًا صارمًا لا لبس فيه.

لم يكن الاقتباس السينمائي من الملك استعراضًا ثقافيًا فحسب، بل أداة تواصل مقصودة ومباشرة استخدمها الملك ليضع المشرعين الأميركيين أمام صورة ذهنية مألوفة لديهم: عالم ينهار فيه ميزان العدالة، ولا يعود الحسم خيارًا أخلاقيًا فحسب، بل ضرورة أمنية.

هذا الاستحضار لفيلم Unforgiven لم يكن منفصلًا عن السياق السياسي، بل جاء ليترجم موقف الملك الشخصي والمؤسسي معًا.
فالجريمة التي ارتكبها تنظيم داعش بحق الأردن وأمنه الوطني وشعبه لم تُعامَل في الخطاب الأردني بوصفها حادثة معزولة، بل كإعلان حرب مفتوحة على الدولة والمجتمع. ومن هنا، تحوّل الغضب إلى استراتيجية، والحزن إلى تصميم على المواجهة، لا على الاحتواء أو الانتظار.

أن هذا المشهد يلخّص ما يمكن أن نسميه الأسلوب الأميركي للملك عبد الله في مخاطبة واشنطن: استخدام الرموز الثقافية الأميركية، ولغتها السياسية، ومنطقها الأخلاقي، لتأكيد أن الأردن لا يقف في الصف الخلفي من المعركة ضد تنظيم داعش، بل في قلبها.

فالرسالة كانت واضحة: الأردن لا يطلب تفويضًا أخلاقيًا لمحاربة الإرهاب مهما كان شكله أو نوعه، بل يطلب شراكة كاملة في معركة وجودية.

هذا الموقف الصارم لم يبقَ حبيس لحظة 2015م، بل استمر كخط ثابت في السلوك الاستراتيجي الأردني وفي استراتيجية مكافحة الإرهاب ومحاربة التطرف العنيف. فالأردن، بوصفه عضوًا فاعلًا وحليفًا رئيسيًا للولايات المتحدة ضمن التحالف الدولي لمحاربة تنظيم داعش منذ تأسيس التحالف في أيلول 20214م ، وضمن إطار القيادة الوسطى الأميركية (CENTCOM) ، واصل لعب عديد الأدوار الأمنية والعسكرية مباشرة في استهداف إرهاب التنظيم.

وفي هذا السياق، شارك سلاح الجو الأردني، بحسب ما أُعلن مؤخرًا، إلى جانب القوات الأميركية، في تنفيذ ضربات جوية واسعة النطاق استهدفت عشرات المواقع التابعة لتنظيم داعش في البادية السورية، في رسالة تؤكد أن المعركة مع التنظيم لم تنتهِ، وأن الأردن ما يزال يتعامل معه كتهديد قائم، لا كذكرى من الماضي.

إن اقتباس الملك عبد الله الثاني أعلاه لم يكن تفصيلاً عابرًا في خطاب عاطفي عابر، بل تعبيرًا مكثفًا عن عقيدة سياسية وأمنية واضحة ترى أن مواجهة تنظيم داعش الإرهابي، منذ جريمة إحراق الشهيد الطيار معاذ الكساسبة وحتى الضربات الجوية الأخيرة، هي معركة حسم لا مساومة فيها، وشراكة استراتيجية مع الولايات المتحدة لا تقوم على الخطاب وحده، بل على الفعل العسكري المباشر وتحمل كلفة المواجهة في مواجهة الإرهاب بكل اشكاله وانواعه.

* مدير مركز شُرُفات لدراسات وبحوث العولمة والإرهاب في عمان الأردن





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :