الكرك: البحث عن الذهب في ازدياد
18-01-2014 10:21 AM
عمون – محمد الخوالدة - اثرى فلان فجأة "صار واستدار" كما يقول المثل الشعبي الكركي، الذي يعني ان هذا الشخص او ذاك تحول من حال عسر الى حال يسر، من اين له هذا، كان شخصا بسيطا لا يلوي على شيء فصار ثريا، كيف تحقق له ذلك ومن اين، اسئلة يطرحها المشككون في آلية ثراء بعض المواطنين، يسألون ليجيب عليها اخرون من بينهم وباللهجة الكركية المحببة "لقى لقيه" أي بمعنى انه وجد "خزنة" أي دفينة ذهب .
هذا التقديم يقودنا للحديث عن ظاهرة تزداد انتشارا في منطقة الكرك وهي ظاهرة البحث عن ذهب ونفائس دفنها اقوام سكنوا المنطقة منذ اقدم الازمان خشية عليها اوجنود وموظفون اتراك تعذر عليهم حمل مقتنياتهم الذهبية والنفيسة معهم عندما خرجوا من البلاد في اعقاب الثورة العربية الكبرى ، فانى اتجهت في محافظة الكرك تجد اثار حفريات قام بها اولئك الذين تسيرهم احلام وامال عريضة بالثراء الفاحش،
لقد توسعت فكرة البحث عن الثراء من البحث عن اللقى الاثرية في المقابر والاطلال الاثرية التي تعود لمختلف العصور التاريخية التي مرت على منطقة الكرك الى البحث عن الذهب والنفائس ، حفريات لم تسلم منها حتى القبور القديمة التي تعود لحقبة العهد التركي في مقبرة النبي نوح بمدينة الكرك ، بل ان هناك من نبش على مقربة من قبور حديثة العهد وتعود لمتوفين من ابناء الكرك في المقبرة ذاتها الامر الذي يثير حفيظة ذوي اولئك المتوفين ويسيء لحرمة المقابر .
لقد تصاعدت حمى البحث عن الدفائن الذهبية الى حد قيام البعض بالحفر داخل منازلهم القديمة او في ساحاتها لان ساحرا قد اوهمهم بذلك ، وهنالك حالات ذكرها ابو ابراهيم لاشخاص قال انهم اخلوا منازلهم وسكنوا منازل مستاجرة او انهم تعمدوا هدمها بحجة اعادة انشائها لهذه الغاية.
يقول من يبحثون عن الدفائن الذهبية عن دلائل واشارات يتركها من قاموا بدفن الذهب وهذه الدلائل والاشارات هي رسومات منحوتة على صخور قريبة ولكل رسمة لدى هؤلاء دلالاتها ومعانيها ، هل يتبغي الحفر تحتها ام على مقربة منها وهكذا .
ويبين هؤلاء الباحثون انهم قد يعتمدون على اجهزة تكشف عن المعادن في جوف الارض يشترونها بمبالغ مالية كبيرة ، او يعتمدون على سحرة ومشايخ قد يستلزم الامر استحضارهم مقابل مال كثير من خارج الاردن ، وهناك ايضا كما اوضح الباحثون عن الذهب طريقة قديمة للاستدلال على مواقع الدفائن الذهبية ، طريقة تستعمل على قلة الان وهي مايسمى بقراءة "مندل" وهي ان يتم احضار طفل مدرك وليتم الساحر اجراءات قراءة المندل يغطي الساحر راس الطفل بغطاء لايسمح بمرور الضؤ بحيث لايرى الطفل ماحوله ويقوم الساحر بامساك الطفل فنجانا غير شفاف ثلثه مملؤ بزيت الزيتون الذي يكون الساحر قد اعده بطريقته الخاصة ، ومن ثم يتمتم الساحر بكلام يستحضر من خلاله الجن ، وهنا يسأل الساحر الطفل هل ترى هيئة انسان في قعر الفنجان ،واذ يوهم الساحر بسحره طالفل برؤية مايريد فيطلب الى الطفل ان يسال الانسان الذي راه ان يدله على موقع دفينة معينة في مكان ما ، ويقال انه تتم الاستجابة لمطلب الطفل وتعريفه بمكان الدفينة الذهبية ، والاستعانة بالسحرة للكشف عن الذهب ضروري ايضا للتعامل مع الجن او المخلوقات المؤذية التي يقول السحرة انها تحرس الدفينة فالساحر كفيل باسكات الجن وبتجميد هذه المخلوقات ومنع اذاها لمن يحفرون ويصلون الى حيث الدفينة.
مهتمون بمتابعة موضوع البحث عن الدفائن الذهبية يقولون "لايمكن من حيث المبدأ نفي وجود دفائن ذهبية لكن ليس بالكم الذي يجري الحديث عنه بل حالات نادرة للغاية تتأتى بالحظ والصدفة ".
لقد وصل الامر بمن يمكن توصيفهم بالمهووسين بالبحث عن الدفائن الذهبية الى حد تعطيل مصالحهم واعمالهم للتفرغ لعمليات الحفر التي غالبا ماتتم معظم ساعات الليل ليحتاج الساهرون الى النوم نهارا معرضين انفسهم للمطاردات الامنية التي اتسعت هذه الايام مع اتساع ظاهرة البحث عن الدفائن منفقين لاجل ذلك الكثير من المال الذي ربما يستدينونه وكان يمكن ان يستثمروه لاقامة مشاريع حتى لو كانت بسيطة للمساعدة في تحسين اوضاعهم المالية بدل السعي وراء الاوهام والتشكيك بعباد الله.
يعلق المواطن الكركي ابو محمد على ذلك ويقول"لو كان كل من يبحث عن دفينة يجدها لرأينا ان الغالبية العظمى من اهالي المحافظة اثرياء"، ويتابع ابو محمد لماذا يقال عن كل من حقق ثراء مفاجئا او حتى متدرجا انه وجد دفينة ذهبية ، بعلمي قال ابو محمد ان اشخاصا نراهم في الظاهر اثرياء لكن المال الذي يديرونه والمشاريع التي يتبنونها هي بتمويل من البنوك كديون يتحملونها مع فوائدها المرتفعة ، من هؤلاء قال ابو محمد من يصادفه النجاح فيسدد ديونه ويثري ماليا ومنهم من يفشل فتقوم البنوك بالحجز على ما اقامه من عقارات او ماعند من مقتنيات لتحصيل ديونها عليه وثمة مشاهد حية من هذا القبيل ، واضاف ابو محمد "اعرف اشخاصا يبحثون عن الدفائن الذهبية منذ عقود وقد افنوا جهدهم ومالهم دون ان يحققوا نتيجة" .