facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




سيكولوجية فاسد


سليمان الطعاني
15-05-2014 04:08 AM

الفسادُ لغة: التّلفُ والعطبُ، والاضطرابُ والخللُ، وإلحاقُ الضرر، ويقال: فاسدٌ، وفسيدٌ، والجمعُ: فسْدى وفاسدون، والفساد أنواع وأشكال: فساد سياسي: مرتبط عادة بالخيانة والجاسوسية، ويحقق الفاسد سياسيا لذاته من الأعداء مكاسب سياسية ومالية، وهناك الفساد المالي والإداري: مثل السرقة والرشوة والمحسوبية، وقد تأخذ شكلاً ملطفاً، مثل الكومشن! وبدل الأتعاب والهدية، ورد الجميل. وهذا يؤدي حتماً إلى الفساد الأخلاقي والاجتماعي.

الفساد هو مكوّن استيلابي بامتياز، حقق من خلاله الفاسدون ذواتهم باستيلاب ذوات الاخرين، وممتلكاتهم وأموالهم، هذا المكون أتى على الأخضر واليابس متبعاً سياسة الارض المحروقة لكل القيم النبيلة في المجتمع فتفككت الروابط وأُهدرت القيم.

أصبح للفساد قلاع كثيرة تحصنه وترعاه وتحفظه من الهلكة، فنمى وترعرع وقويت شوكته، له نخَبُهُ وقوانينه الخاصة، وشروط إمتهانه بإحترافية، ولا مكان فيه لذوي الضمائر الحية والقلوب الضعيفة، أو لمن يملك مقدار حبة من خردل من ايمان، الفساد بات يملك وسائل الترغيب والترهيب والاكراه، ويزرع إيديولوجيا للسيطرة على العقول، والعمل على تدجينها وتطويع تفكيرها لصالحه، بات يملك قدرة خارقة للاستقطاب والاستدراج الى مدارجه ومسالكه ومهالكه.

والفاسد مع تكرار ممارسته للفساد، تنحط لديه معاني المروءة، والكرامة، وتنعدم لدية الحساسيات الأخلاقية فتتداخل عنده القيم الحميدة مع قيم الوضاعة والنذالة، فيصبح كائناً غريباً عن نفسه وفاقدا لجوهره .
الفاسدون، متضامنون متكافلون، تربطهم المصالح والمكاسب، وقلما يعيرون اهتماماً للهموم الوطنية والقومية والإنسانية، ولا يلقون بالاً لحالات الفقر والبؤس المتفشية في المجتمع لأن وجوههم تصلبت وانعدم عندهم الحياء على عتبات المادة، لا يهتمون بالمصالح العامة إلا بمقدار ماتخدم مصالحهم ومكاسبهم، يملكون تعطيل القوانين، وقتل القرارات في المهد، يتولـون ادارات يزاولون فيها الفساد والإفساد، بسببهم ترتفع الاسعار ويستشري الفساد، بسببهم كثرت الرشاوى، والنفوذ، وعجّتْ دوائر الدولة بالمحاسيب، بسببهم ظهر الانحراف، وغاب الالتزام والانتماء .

الفاسدون يتحدثون عن قيم العدل والمساواة والحق والنزاهة وحقوق الانسان، ويمارسون شعائرهم الدينية والإجتماعية، ويبالغون في الحديث عنها، ويحفظون مآثر تراثية ودينية وآيات قرآنية يرددونها في المناسبات حيثما حلوا، للتغطية على فسادهم وشرورهم ، واذا قيل لهم لا تفسدوا في الأرض، قالوا انما نحن مصلحون..

هؤلاء كائنات تتقن التخفي وهم متكلمون لبيبون يسوقون من الحجج والبراهين ما يدفعون به فسادهم ، مما يجعل المرء يظن أنه يجلس شخصية قيادية طامحة للأفضل ذات قدرات وأفكار يسوقون انفسهم على أنهم ناجحون دوناً عن الآخرين والسبب في ذلك أنه نفذوا بفسادهم بسلام، نجحوا نجاحا نجاح دخل في سيرتهم الذاتية ، خاصة أن المحاسبة غائبة على مذهب ما مضى لا يعود.

بالطبع نحن جميعا معنيون بأمر الفساد وبشكل كبير، وباء تخترق رصاصاته جسد الوطن والمواطن وتنفذ إلى الأوضاع السياسية والاجتماعية والتعليمية والأخلاقية والتربوية ، تدهورت الصحة وتراجع التعليم وتلوثت الذمم وأهدرت القيم وتشكلت ثقافة خاصة للفساد والفاسدين !!!

ولعل أسوأ نتاجات الفساد هو ترسيخ مفهوم ثقافة الفساد حيث تسربت قيم الفساد الوضيعة لتحل محل قيم الخير النبيلة، وأصبحت قيم الفساد مع الزمن، مقبولة ومبررة،

ومع تحول الفساد إلى ممارسة وثقافة مقبولة، أصاب "بالعدوى" وعن طريق المخالطة والمشاركة، الكثير من الناس فكثرة الفاسدين وتحسن أوضاعهم، أغرى الآخرين، بإتباع نفس الأساليب والممارسات، فكم من نظيف مارس الفساد، من حيث لا يرغب، لانعدام الطرق الأخرى وتضاؤل وانحسار البدائل، ومن منا لم يمارس الوساطة للحصول على حقه في الوظيفة، غير آبه بأولويات وحقوق الآخرين، وانعكس ذلك على الإدارة العامة، بالترهل، واليأس، واللااباليه، والتملص من المسؤولية،

الفساد نما وترعرع، بتوافر البيئة والحاضنة المناسبة لنموه وتكاثره، مجموعات فاسدة تحولت مع الأيام إلى شبكة مصالح، ترتبط مع بعضها البعض بمنظومة تبادل المنافع والفوائد، يصعب محاربتها بسبب ترابط أركانها، الفاسد فيها يحمي أخاه ويحصنه، لتتكون منهم مافيا متشابكة من الصعب مقاومة هؤلاء بوسائل الإصلاح التقليدية،

ونحن كشعوب مقهورة، تقع علينا شرور الفاسدين وأوزارهم، نتحمل جزء كبير من المسؤولية عن الفساد، لانتعلم ولا نرعوي، كم مرة انتخبنا الفاسد السيئ، وكم دافعنا عن فاسد سارق، بحجة انتماؤه الطائفي أو الإقليمي أو العشائري، ونحن نعلم أنه سوسة تنخر جذور الوطن، وكم دفعنا الوضيع المتكبر إلى الصفوف الأولى، وتصدرنا به المجالس، ووصفناه بالذكي، والشاطر، والفهلوي! وتناقلنا قصصهم وبطولاتهم، وسعينا إلى التقرب منهم، وقدمناهم في جميع مناسباتنا، وناديناهم بصاحب المعالي والسعادة والعطوفة........

هل هي ثقافتنا الموروثة؟ ثقافة الشيخ والزعيم، لا تغيير ولا إصلاح إلاّ بنبذ " ثقافة الفساد" التي تغلغلت في شراييننا وعقولنا، والعودة إلى ثقافة الكرامة والشهامة والكبرياء والاعتزاز بالوطن.





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :