facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




سور المدرسة .. وعلاقتي بالمعلم


صدام حسين الخوالدة
16-04-2016 02:29 PM

بيني وبين سور مدرستي الكثير من الذكريات، و حتمية المرور من امامه كل يوم في طريق الذهاب والعودة من والى القرية يجعل الذاكرة تسعفني بالكثير من المواقف والاحداث التي تتعلق بأيام المدرسة وشجونها وكل ما تحمله من ذكريات طفولة شقية كان ابرز ملامحها التمرد والعصيان.
كان ارتفاع سور المدرسة قليلا بعض الشي ء
الامر الذي يسمح لنا بتسلقه بسهولة وعبوره الى غرفة الصف دون ان يرانا احد من الاساتذة الذين ينتصبون امام بوابات المدرسة لمراقبة المتأخرين عن الطابور الصباحي وعقابهم ، وعلى مدى سنوات وخاصة في سنوات الصفوف الاعدادية والثانوية ومع بداية موهبتي في كتابة الشعر كنت امارس هوايتي المفضلة وهي السهر بين الاوراق والاقلام للكتابة بعد ان تنام جميع العائلة ولان غرف البيت محدودة فلا استطيع اضاءة الكهرباء لان الجميع سوف يستيقظون علي وعندها لا استطيع الكتابة ولان ساعة النوم هي فعل اجباري يجب ان تذهب اليه بعد انتهاء نشرة اخبار الثامنة تحديدا كحد ابعد ولهذا اضطر للكتابة متخفيا دون ان يراني احد على ضوء لمبة النوم الزرقاء ذات الضوء الخافت ولكني كنت اكتب بسعادة كبيرة وربما انني في احيان اغرق في الكتابة متناسيا الوقت قبل ان يذكرني اذان الفجر بان الوقت قد تأخر فعلا ، الامر الذي يجعل مهمة إيقاظي صباحا صعبة جدا لأمي واخواني قبل ان استيقظ خوفا من صفعة ابي الذي يمثل الحل الاخير امام الأسرةلإيقاظي، المهم من ذلك ان هذا هو السبب الحقيقي لتأخري عن المدرسة كل يوم.

وبالعودة الى سور المدرسة حيث كنت من الذين يمارسون هواية العبور متأخرا الى المدرسة والصف من خلال هذا السور وفي احد الايام اكتشفني احد المعلمين في المدرسة ولاحقا عرفت ان وشاية من احد الاصدقاء ادت الى كشف تأخري شبه اليومي عن بداية الدوام المدرسي وربما يمتد هذا التأخر لبداية الحصة الثانية المهم ان ذلك المعلم قرر اصطحابي الى غرفة الادارة وفي طريقنا وبعد محاولات متكررة للكلام معه قبل ان يسمعني عندما استطعت ان اجعله يتعاطف معي بعض الشيء وكانه شعر ان لدي حالة انسانية فقال لي سوف اسمع ولكن تحدث بصدق ما الامر وسوف اساعدك.. كان هذا المعلم الثلاثيني جديداً في المدرسة وليس من المنطقة بل ليس من محافظة المفرق كلها حيث عرفت لاحقا انه من الرمثا التي احببتها من اجله

قال لي ما الامر هل لديك حالة انسانية لكني اجبته ابدا ولكني لدي حالة ابداعية فقال ماذا وضحك وقليلا ولعل ضحكته جعلت من خوفي يتبدد بعض الشيء بان مسألة التخلص من العقاب المدرسي والعقاب عند الاب ممكنة ، و بدأت اخبره عن قضيتي مع الكتابة والسهر للكتابة لساعات متأخرة من الليل وهو الامر الذي يجعلني أتأخر ولكني اخبرته بانني اتابع دروسي جيدا وعلاماتي جيدة جدا واخبرته انني في العام الماضي حصلت على المركز الاول في كتابة الشعر على مستوى المحافظة.. عندها شعرت انه بدا يتكلم معي باهتمام وان كلماتي اثرت به وطلب ان اقرأ عليه شيئا من شعري فقرات ابياتا من قصيدة وطنية فاعجب بها كثيرا عندها اخرج يده من جيبه ووضعها على كتفي وقال فعلا انت مبدع يا صدام اسمع إذهب الى صفك وانا سأتولى الامر مع المدير ، لتبدا من يومها صداقة من نوع اخر بيني وبني هذا المعلم ولعله كان بالنسبة الي الصديق الاقرب وكان معلما بكل ما تحمل الكلمة من معنى واثار تصرفه معي واعطائي الفرصة بالتعبير عن نفسي و احترامه لتمردي ومعالجته بطريقة اخرى جعلت مني متميزا اكثر وربما وجهت حالة التمرد لدي في الطريق الصحيح ومنذ ذلك اليوم وكلما عبرت بجانب سور المدرسة اتذكر هذا الموقف وأتأمل بصورة هذا المعلم الذي يعكس كيف يجب ان تكون العلاقة بين الطالب ومعلمه من علاقة الخوف فقط الى علاقة المحاورة واحترام الفكر لمن يصغرنا وتوجيه الذين يتمردون بالطريقة الصحيحة.

بعد كل تلك السنوات ارتفع بناء سور المدرسة وصار عاليا كثيرا الامر الذي قد يعرض كل من يحاول التمرد على المدرسة بالهروب او بالتأخير صباحا للخطر فتجاوز هذا السور اصبح امرا صعبا ومهمة معقدة وكأن ثمة علاقة طردية بين سور المدرسة وحالة العملية التربوية اليوم فالأمور باتت تزداد تعقيدا وثمة حواجز مادية كثيرة وضعت بين علاقة المعلم والطالب فالتوجيهي الى اليوم لا يزال يمثل حالة رعب مخيفة ليس للطالب وحده وانما لكامل الأسرة وحالة العلاقة بين الطالب والمعلم اصبحت اكثر تعقيدا ايضا ، ارتفع سور المدرسة اكثر لكن العلاقة باتت علاقة مادية بلا روح والمعلم لم يعد صديقا للأطفال وللشباب في مدرسته ، ارتفع سور المدرسة
واظن الفجوة ازدادت بين المعلم والطالب وبين المعلم ومديره وبين المدرسة والتربية

المهم ان ذلك السور سيبقى يحرك في ذاكرتي كلما مررت امامه كل يوم في طريق عبوري من قريتي الى مكان عملي الكثير من الشجون التي استحضرها بفرح غامر وانا اتذكر علامة تمردي الاول وصولا الى ذلك المعلم الذي كان بحق بطل تلك القصة واضاف الى تميزي الشيء الكثير.

الرأي





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :