اعلمتنا وسائل الإعلام المختلفة بان منظمة الدول المنتجة للنفط ( أوبك) ستعقد اجتماعا بتاريخ 29 \ 11 \ 2008 ويبدو أن أسباب عقد الاجتماع هو وجود حالة تخوف من قبل قادة المنظمة من حدوث انخفاض حاد في أسعار النفط و بالتالي فان احد الاقتراحات لوقف نزيف أسعار النفط يقضي بتخفيض كميات الإنتاج .

في الأسابيع الماضية خفضت الدول المنتجة للنفط كميات الإنتاج بمقدار 1.5 مليون برميل ولم يؤدي هذا التخفيض إلى زيادة الأسعار ولا حتى المحافظة عليها عند مستوى معين , وهنا يأتي التساؤل : هل اتخاذ قرار بتخفيض الإنتاج مرة أخرى من الممكن أن يؤدي إلى رفع الأسعار مرة أخرى ؟ أو من الأصح المحافظة على ما هي علية الآن ووقف نزيفها المتوقع ؟

التحليل المنطقي لحركة ارتفاع أسعار النفط خلال العامين الماضيين وكما ذكرنا في مقال سابق لم يكن متعلق منطقيا بزيادة الطلب على النفط وإنما هي أسعار تم فرضها بقرارات احتكارية بالإضافة إلى أن إغراء تحقيق إيرادات عالية نتيجة ارتفاع أسعار النفط أو إلى زيادة كميات الإنتاج وهذا بالطبع أدى إلى زيادة كميات المخزون لدى بعض مستخدمي النفط .

إن اقتصاديات العالم حاليا و كما هو معلوم للجميع تعاني من حالة ركود و انكماش , وهذا بالطبع سوف يؤدي إلى زيادة المعروض من السلع و الخدمات المنتجة أكثر من الطلب عليها , وسوف يلاحظ أن عرض السلع و الخدمات سيقدم بأسعار مرتفعة نتيجة ارتفاع تكاليف إنتاجها بشكل أساسي , وهذه الأسعار ستكون اكبر من الإمكانيات التي يملكها أو سيقدمها مستهلكو السلع والخدمات الذين يمثلون الطلب . ونتيجة لهذا الاختلاف والاختلال سيعمل ذلك على خروج كثير من المنتجين من السوق نتيجة الخسائر وعدم تصريف الإنتاج وبالتالي الخروج من السوق ولن يبقى في السوق سوى بعض منتجي السلع والخدمات الذين يمتلكون نفسا أطول من غيرهم وهذا سوف يعمل على الإخلال بأسس المنافسة و كسر الاحتكار .

الدعوة التي نوجهها إلى الدول المنتجة للنفط وإلى الدول الأخرى خارج هذه المنظمة هي تغليب المصالح المشتركة للعالم ككل وليس التصرف بأنانية وأحادية, وذلك لأن سعي الدول المنتجة للنفط إلى رفع أسعار النفط من اجل تحقيق إيرادات أعلى سوف يؤدي إلى زيادة الأزمة الاقتصادية .

إن ارتفاع أسعار النفط بالنسبة للشركات المنتجة للسلع سوف يؤدي إلى زيادة تكاليف الإنتاج وبالتالي فإن هذا سوف ينعكس أيضا على ارتفاع أسعار السلع بالنسبة للمستهلكين بمستوى يفوق قدرتهم على الدفع في ضوء الظروف الحالية , وهذا حتما لن يؤدي إلى المساعدة في حل أزمة الكساد العالمي .

الاقتراح الذي نقدمه إلى الدول المنتجة للنفط يقوم على أساس تخفيض أسعار النفط لتكون بمعدل من 30 ـــ 40 دولار للبرميل بالإضافة إلى تخفيض كمية الإنتاج إلى الحد الذي يتوافق مع الطلب العالمي الحقيقي على النفط بمعنى تخفيض أسعار النفط حتى يؤدي ذلك إلى تخفيض تكاليف الإنتاج لدى الشركات الصناعية المستهلكين للنفط وتخفيض كميات إنتاج النفط إلى حد المحافظة على معدل مخزون ثابت وغير متزايد .

إن هذا الاقتراح إذا اخذ بعين الاعتبار سوف يساعد على حل المشكلة المالية العالمية , بالإضافة إلى انه سيكون نقطة أساس تنطلق من خلاله الدول المنتجة للنفط برفع أسعار النفط في المستقبل من خلال ربط الأسعار بالطلب العالمي على النفط .

ولكن يبقى التساؤل : هل الدول المنتجة للنفط عندما تتفق على شيء تلتزم به جميعا ؟!!!