للمرة الاولى في التاريخ وعبر دراما على الهواء مباشرة ، استطاعت القوى الامنية الاماراتية حل لغز اغتيال الشهيد محمود المبحوح احد اهم القادة العسكرين في حركة حماس على يد عصابة دولية تتبع للموساد الصهيوني. لقد ابدع الاماراتيون في دبي في استخدام ادوات التكنولوجيا واسعة الانتشار في دبي في رسم صورة تفصيلية للعملية واعادة انتاجها خطوة بخطوة وبثها الى العالم باعلى درجات الشفافية والمهنية بالرغم من الضغوط الهائلة التي كانت تمارس على الامارة الصغيرة "لدهلسة" الموضوع برمته.

لقد ادى هذا الاداء الاماراتي الراقي الى اعادة خلط الاوراق بصورة مثيرة. فلم يكد يمضي اربع وعشرين ساعة على بداية الاحتفالات الصهيونية بالانتصار.. حتى تحول الموقف برمته الى ازمة دولية واسعة الانتشار. واخذت الدول الغربية التي استخدمت جوازات سفر مواطنيها من قبل افراد عصابة القتل بتوجيه اصابع الاتهام مباشرة الى الدولى الصهيونية واجهزة مخابراتها طالبة منها تقديم توضيحات محددة حول العملية التي لا زالت السلطات الصهيونية تتجنب نفي او الاعتراف بارتكابها غير مخفية بهجتها العارمة بنتائجها.

لقد ابدع الاماراتيون في التعامل مع الازمة، وابدع الصهاينة في التخلص من احد القاة البارزين في محاربتهم من الفلسطينيين وفشل للاسف الفلسطينيون على الاقل في جانبين اساسيين:
الاول: فشلت حماس في حماية قادتها البارزين في زاويتتين مهمتين جدا. الاولى: كيف تمكن الصهاينة من اختراق حلقات اتخاذ القرار المحصنة جدا في حماس بحيث تمكن القتلة من معرفة تفصيلية بموعد سفر الشهيد ولحظة وصولة والفندق الذي سيقيم فيه. والثانية: كيف لقائد بارز كالمبحوح ان يسافر الى دبي للقيام بمهمة خطرة دون حراسة.. تصور لو ان احد حراسة كان في غرفته في الفندق وتصور ايضا لو ان حارسا اخر كان يسير خلف المبحوح لحماية ظهرة من الجواسيس ؟ وتصور لو ان حارسا اخر كان يقوم بحماية الممر حول غرفة المبحوح في الفندق.. فهل كان لهؤلا القتلة ان يتمكنوا منه ؟

الثاني: فشلت السلطة الوطنية الفلسطينية في ان تمارس اي دور في المرحلة التي تبعت عملية الاغتيال.. وبقيت كما لو انها لا علاقة لها بالموضوع خاصة اذا علمنا ان من بين عصابة القتل اثنان من الفلسطينيين يتبعان عمليا الى احد القادة البارزين في فتح واللذان لا زالت طبيعة دوريهما وحجم مشاركتهما في عملية القتل يحيطها الغموض.

اذن المسؤول الحقيقي عن اغتيال الشهيد المبحوح ليسو الصهاينة فقط بل من اهملوا اتخاذ الاجراءات الامنية الضرورية لحمايته من الاغتيال.. هم ايضا مسؤولون.
qatamin8@hotmail.com