facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




صراع الذات بين (اللا) و(النعم) ومدى وقعهما على النفس، والآخرين


د. ضرار مفضي بركات
13-07-2023 04:51 PM

يتضمن هذا المقال عدة أفكار منها:

الأولى: إنَّ تحقيقَ أهدافك، هو ما يُحلل لك ثمن أتعابك! وبما يكون لك من الفائدة الأبقى، والأثر الجميل دائماً، فنحن ملتزمون بتأدية، واجباتنا تجاه أنفُسِنا، وتجاهَ الآخرين.

الثانية: إنَّ التخلصَ منَ العوائقِ القوية، أو المتضاعفة؛ لأجل السير قُدماً على الطريق الصحيح -فكراً ومنهجاً- والسليم من العوائق المثبطة.. أصبح ضرورة (فردية، وجماعية) في الجوانب التربوية، والاجتماعية.

الثالثة: العمل من خلال ثقافة الذات: (اللا) و(النعم)، على بناء الشخصية الايجابية؛ حفظاً للإرادة، من الوهن والضعف، ومن الكسر والقهر- ومن الأنانية، والتسلط.

ويمكن تقرير ما تقدم من أفكار من خلال القسمين الآتين، كما يلي:

القسم الأول: حدود (الذات) والحد الفاصل بين تحقيق الذات(Self-fulfillment)-بناءً وترقيةً- وبين الأنانية (Selfishness): كبراً وظلماً، للذات أو للآخرين. ومن وجهة نظر بعض عُلماء الاجتماع (sociologists)-كمثل:(روجر ماير) (وجمس ديفيز) (وإف ديفيد شورمان) بالقول: أهمية الإحسان، واللطف في بناء الثقة بين الأشخاص، فهي من شروط فاعلية الذات: (اعتباراً وثقةً). بعيداً عن المعارضة العنيدة بــ(للا) الرفضية أو الأنانية، وبالجملة يُمكن تقرير هذا القسم، وتقديم مُختصراً لهُ، بعدة نقاط، هي:

أولاً: لا بد أن يكون لدى النفس التقييم المستمر، (للقيم والوفاء) المُترسخة لديها: (فطرة وتربية)، بحيث تكون وفية مع نفسها حفظاً من كل أذى، أو مسؤولية، بالمقابل تكون النفس وفية مع الآخرين، التزاما بالمبادئ، والقيم الأخلاقية السائدة في مجتمعهِ -عُرفاً وقانُوناً- ومما يُساعد على ذلكَ عداً لا حصراً، ما يلي:

الاستشعار الدائم بمراقبة الله -عز وجل- له، لأنه مسئولٌ عن تصرفات ذاتهِ: القولية والفعلية، بأن لا يظلمَ نفسهُ، وأن لا يظلم الآخرين معه، بكلمة (اللا أو النعم)، وما يترتب عليها من آثار ومآلات.. قال تعالى: ﴿وَمَا ظَلَمْنَاهُمْ وَلَكِنْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ﴾ (101: هود).

أن يحفظ نفسهُ من التصغير، أو الإهانة، أو الوقوع في الحرج، أو أن يجعلَ من نفسهِ عُرضةً؛ للاستغلال، أو التهميش، وعدم اعتبار الذات من الآخرين تجاههُ.. فإنَّ هذا يستلزم أن تكون (اللا) رفضا، ووفقا للمبادئ والقيم ضمن مساحة، وسلطة الذات (Self power)، وسعتها: (عُرفاً ومُعروفاً). ومن الشواهد: أدلةً وأمثلة، ما يلي:

الأول: قولهُ تعالى: ﴿لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا لَهَا﴾ (286: البقرة). وهذا بالنظر ابتداء قبل صدور (اللا) أو (النعم) من حيث العمل، والتطبيق، والأثر المترقب!. لأنَّ الأصلّ: المنع من إهانة النفس؛ لأنها عزيزةٌ؛ وكريمةٌ عند الله -عز وجل- ولأنهُ لم ينظر إلى سعت ذاتهِ, وللآثار المترتبة على (اللا أو النعم) ندماً مُثبطاً انتهاءً.

الثاني: حديث حذيفة، قال: قال رسول الله (): " لا ينبغي للمؤمن أن يذل نفسهُ" قالوا: وكيف يذل نفسهُ؟ قال: " يتعرض من البلاء لما لا يطيقه" الحديث: حسن بحكم الألباني- وقوله: (يتعرض من البلاء) إما بالدعاء على نفسه بها، أو بأن يأتي بأسبابها العادية!.(السندي، أبو الحسن،(ت: 1138هـ) حاشية السندي على سنن ابن ماجه، ج2، 488، 4016).

في هذا الحديث, دلالة واضحة، على أهمية حماية المؤمن نفسهُ من كلّ ما يكون سبباً لوقوعه في الذّل والمهانة، وفُسرَ ذلك بقوله() "يتعرّض من البلاء لما لا يطيق". وبالاستقراء أنًّ ثقافة الذات (اللا أو النعم))مسؤولية، ودرع حياتي) ينبع تَحمُلها: من (الفطرة والتربية)+ و(القيم والوفاء) = بحيث يكون الإنسانُ وفياً مع نفسهِ، ومع الآخرين، وبيانهُ بالمثال:

مثال: (القيم والوفاء) ففي الدعوة مثلاً, وتحديداً في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر, يجب على من كانَ قادراً على (الوفاء) أنَّ يقوم بما أوجب الله عليه على حسب القدرة والاستطاعة, ولا شك أن الابتلاء لا بد وأن يُصاحب من يدعو إلى الله, ولكن؛ إذا كان البلاء الذي يصيبهُ بسبب ذلك لا يطاق! ولا يصبر عليه! أو يؤدّي إلى قتل! أو زلة فتنة! ونحو ذلك, فينبغي لهُ أن لا يُعرّض نفسهُ لهذا البلاء!.

مثال: (الفطرة والتربية) تفادياً لإذلال النفس، من أن يتزلّف لأصحاب الرئاسة، والمناصب, أو أصحاب الجاه والغنى؛ كي يصلَ إلى منصب، أو مصلحة معينة, والأخطر من ذلك: أن يرتكب ما يُسخط الله في سبيل الوصول إلى ذلك, من رشوة أو شهادة كاذبة.

مثال:(الوفاء) ما يحصل للمؤمن في باب: (الضّمان والكفالة), عندما يأتيه شخص يريد منهُ أن يكفلهُ في دَين لشخص، أو شركة، أو مؤسسة, فيوافق على الكفالة! وهو غير قادرٌ على السداد عن المكفول, فينفع غيرهُ في مقابل الإضرار بنفسه وبأسرته, وفي حالة عدم وفاء المكفول، فإن يتحمل الكفيل المسكين مسؤولية الوفاء بالحق، وهو غير قادرٍ, فإنَّ لم يفعل, فإنهُ قد يتعرض للشّكوى، أو الحبس, فيكون بذلك قد ذلّ نفسهُ بهذا العمل, وعرّضها للاهانة! .

لذلك تظهر هنا سُلطة (اللا) النابعة من شخصية الإنسان الواعي، الذي يقدر ذاته، وغيره، وهذا لا يمنع من الإحسان واللطف للآخرين، بحدود المعروف، كأن يكون صريحاً مع أخيه، وأن يَعترفَ بعدم قدرتهَ المالية، أو الاجتماعية على تحمّل الحق؛ أما إذا كانَ قادراً ففعلهُ مطلوب، ومُستحب؛ لما فيه من الإحسان والخير. بالمقابل يجب على الآخر الذي يريد من غيرهِ أن يكفلهُ, أن يقبل عذر أخيه, رفضاً بـ(اللا) تفادياً للضرر المتقدم. (مقال: العتيق، أحمد بن محمد، لا ينبغي لمؤمن أن يذل نفسهُ، 2022م، https://khutabaa.com/ar/article).

ثانياً: الهدف، هو عدم زعزعة الثقة النوعية بالنفس، نتيجة عدم موافقة الأغراض والمقاصد، للأهداف، وعدم الثبات، قُدماً على القيم، والفضائل المتأصلة بنفسه، فطرة وتربية، وتنمية: كالرحمة والتسامح والإحسان، واللطف، وتفادياً من وضع النفس في خانة الندم المفرط المحبط، فيؤدي إلى الانتقام من النفس أو من الآخرين، فينعكس أثره سلبا على المجتمع، وعليه فإنَّ بناء الشخصية الإيجابية، أساسٌ في التخلص من الجريمة في المجتمع ككل.

القسم الثاني: في تنوع الشخصيات في مجتمعاتنا واحتكاكنا بها في الحياة اليومية "العملية"، وفق الذات، ومدى تقديرها، وبناءها: الشخصية: الأنانية، أو الجريئة، أو اللطيفة والخجولة الطبع، وتقريره، كما يلي:

مثالهُ: فيما ألفناهُ، وألفهُ كثيرٌ من الناسِ في مكتب العمل أو في المدرسة، فهناك دائماً الموظف أو الطالب النشيط المجد ومن هو دونهما.. فالموظف الكسول أو الطالب الكسول يطلب ولا يجد حرجاً من نفسه في أن يطلب من زميله النشيط، أن يُعيرهُ خلاصةَ عملهِ الذي أبدعَ واجتهدَ في صياغته، وأما ردة فعل الطالب أو الموظف المجد والنشيط في عمله مقابل هذا الطلب، الشعور بالغضب والغيظ، لأنهُ يكره أن يكون مستغلاً أو مطيةً لغيره، وبالمقابل هذا الموظف المجد لا يستطيع أن يجد حرجاً من نفسهِ في رفض طلب زميله الكسول، لكن بعدها!. يتجدد طلب الزميل الكسول ولا يجد على نفسهِ حرجاً من أنَّ الموظف النشيط المجد الطلب، ويعود هذا الموظف أو الطالب المجد يغضب ويختار(اللا) ويشعر أنهُ أيضاً مستغل! لكن دون سببٍ فعلي لرفض يد العون، ودون أنَّ يتنازل ذلك الموظف الكسول عن التخلي عن الطلب مجدداً! وهكذا عملية دورية: (طلب ورفض، طلب ورفض).

وبالتالي فإن معادلة استمرار عناد الموظف الكسول بالطلب، إلى جانب استمرار وإصرار الموظف النشيط؛ بالرفض بــ(اللا)، باستمرار، ويقرر هذا الموظف المجد أن يدير ظهرهُ لزميلهِ المتكاسل، بمجرد أن ينتبه إلى مشاعره والأذى الذي أصابهُ من هذه الاستغلالية. وكذلك ما أصابهُ من )الحَنق) أي: الغيظ، والغضب.. لكن الجانب السلبي، هو أن الموظف المجد والطالب المجد، لم يبحثان عن سبب قد يراهما الزميل الكسول المستغل، كنصحٍ أو إرشاد؛ ليتعلمَ من ثبات ثقافة الذات (اللا) مع أنهُ كررَ طلبهُ مِراراً وتِكراراً، دونَ جدوى!. النتيجة، تجد أنَّ كل من الطالب المجد أو الموظف المجد يقولانِ: لا، لا، لا أرى نفسي مرتاحاً مع ما تطلبه مني).... وعليه فإنَّ (اللا) قد تقيم بعض الحواجز، لأسبوع مثلاً أو أسبوعين، فهذا بالتأكيد أمرٌ صعب، لكنهُ بالنهاية يمضي، بمضي الوقت.

وبالمقابل، فإننا نجد أن هناكَ فوائد، وايجابيات كثيرة، حاصلها أنا كل من الطالب المجد والموظف المجد، قد حصنا نفسيهما من الاستغلال، من طريق سلطة (اللا) فهي) :ثقافة، ودرع حياتي) يَحمينا غالباً من وجه هؤلاء المستغلين، الذين يأتونك بوجهٍ بشوشٍ طلق، وابتسامة لطيفة؛ ليختلسوا ثمرات: عملك وجهدك!. وبمعنى: أنهُ لا بدَ أن يُدركَ من يُصدر الإيجاب طَلباً، بأخذ جُهد الغير، بأنهُ سيقابل بالرفض بـــــ(اللا) = النتيجة حتى الناس اللطفاء والخجولين يستطيعون أن يقولوها ( لا ) لأنَّ عدم قولها في موقعها هنا، تضر ذاتهم، وتنعكس على مجتمعهم سلباً.

والخلاصة في القسمين المتقدمين، ما يلي:

أولاً: (أ) إنَّ ثقافة (اللا أو النعم) لها دور في بناء وحماية (الذات): احتراماً، وثقةً لها، وللآخرين تجاهها؛ تفادياً من الندم المُحبط، أو "الشعور بالسوء" أو سببٌ في " تدني احترام الذات" أو في " الشك الذاتي".

(مقال: " ليستُ جيداً في أي شيء" .(www.verywellmind.com -Dr. Sabrina Romanoff

(ب) سلطة (اللا) هي نقيض القبول: (النعم)... وكلٌ في موقعهِ إذا صدرا بعقلانية، فإنَّ النتائج تكون محمودةَ على الذات، وعلى من حولها، فالهدف الرئيسي من ذلكم، هو (مراعاة تحقيق الذات، وبناء الشخصية)؛ تفادياً لتعرض الذات، للوم والمسؤولية، فيما بعد!.

ثانياً: عدم تعرض (الذات) لتثبيط الإرادة، والضيق والحرج؛ تخلصاً من عوامل الهدم، المسببة لليأس، والانتقام من الذات، أو جعل (الذات) مُساقةً لأنانية البعض من ذوي الشخصيات، ذات المصالح المادية البحتة!.

ثالثاً: عدم جعلها عرضة للاستغلال أو المطية.

وبمعنى آخر، أنَّ هناك مساحةً – شرعية، وقانونية، وتربوية، واجتماعية، ونَفسية مُهيئة؛ لتكوين شخصية المرء ليتوفر لديه -استقلالاً وتأقلماً- سلطة (اللا) أو التمعن مُسبقاً بصدور القبول بـــ (النعم) بكل عقلانية، وشفافية، وتروي- وجعل ذلكم مسلكاً ومنهجاً في حياتنا اليومية = فهذا إرثاً وميراثاً لدينا، نتيجة عظيمة جداً، وهي: أنَّ الثبات، وقوة الشخصية إلى جانب (حُسن العطاء، واللطف، والمعاملة الحسنة، وحُسن النظرة الثاقبة) تجاه ما قد يقع للمرء من عوائق، ومشاكل حالية، أو مستقبلية، تفادياً لها، وتفادياً من إعاقة عملية تقدم انجازه، أو إبداعه، وسبيلٌ في تحقيق أعماله، وطموحاته، وتطلعاته المستقبلية.

رابعاً: وأما من حيث مجالات ثقافة (اللا أو النعم) وأدبياتهما، تعاملُاً ومسؤولية، فيستحسن اختيار الزمان والمكان، وكلٌ في موقعهِ أكاديمياً ومهنياً وتاجراً- وجندياً ومعلماً وقائداً- وأباً وأماً وابناً وبنتاً- وصغيراً وكبيراً على المستوى الفردي، والجماعي. وبمعنى: أنَّ سُلطة الذات تُعد من الأمور والمجالات البحثية المهمة في الجوانب التربوية، والنفسية، والاجتماعية، والثقافية، التي تُعزز الدور الريادي، والبنائي لدى الفرد، ومن حوله، بحفظ إرادته، وعدم كسرها، وكينونة شخصيته، والثقة بنفسهِ، وبما أنهُ يقول: (اللا) رفضاً- و(النعم): موافقة صدوراً يؤول إلى تصرفاته، القولية أو الفعلية؛ تحقيقاً للفوائد كثيرة على رأسها:

1-تخلصاً من التهكم والتحكم والاستغلال؛ مطيةً، والتخلص من الاستفزاز، والعوائق المثبطة للعزائم.

2-تحقيقاً للرؤى والتطلعات المهمة، سواء في الحياة اليومية العملية، أو المستقبلية، له ولمجتمعه ووطنهِ، على حدٍ سواء.

المراجع:
(السندي، أبو الحسن، نور الدين (ت: 1138هـ) حاشية السندي على سنن ابن ماجه، دار الفكر، بيروت،ط2، ج2، 488- 4016).

(مقال: العتيق، أحمد بن محمد، "لا ينبغي لمؤمن أن يذل نفسهُ"، 2022م، https://khutabaa.com/ar/article).

(مقال:"أن تقول "لا" كيف يرسم الرفض حدود شخصيتك ويحميها؟" على: https://www.aljazeera.ne /2017/11/29)).

(مقال: " ليستُ جيداً في أي شيء" .(www.verywellmind.com -Dr. Sabrina Romanoff

ملاحظة، هذا المقال، هو امتداد لمقالاتٍ أخرى، في نفس الموضوع، إن شاء الله تعالى.

والله الموفق لا ربّ غيره.

* محاضر غير متفرغ/ ج. جدارا/ عضو الاتحاد الأكاديميين، والعلماء العرب/ ويعمل لدى وزارة التربية والتعليم/ المملكة الأردنية الهاشمية/ Drarbrkat03@gmail.com





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :