ترمب ونهاية الحرب الأوكرانية
د.حسام العتوم
14-12-2024 11:17 PM
بعد وصول دونالد ترمب - الجمهوري رسميا للبيت الأبيض بتاريخ 20 / يناير / 2025 ، و هو الفائز في الانتخابات الأمريكية على منافسته كاملا هاريس خليفة جو بايدن من الحزب الديمقراطي في الانتخابات الرئاسية الأمريكية 2024 و بفارق 4% حسب المجمع الانتخابي (51 % / 47 % ) ، فإن نبوءة مقايضة الرئيس السوري بشار الأسد المخلوع -حليف روسيا الاتحادية بالرئيس الأوكراني فلاديمير زيلينسكي حليف الولايات المتحدة الأمريكية قد تتحقق ، بحيث تنتهي مسرحية زيلينسكي و يسدل عنها الستار بعدما نقلها صاحبها زيلينسكي نفسة من الكوميديا إلى التراجيديا و تحت عنوان " خادم الشعب " لتتحول للمدمر للشعب و لبلاده أوكرانيا . ولقد قالها سيرجي لافروف في مؤتمر صندوق و مؤسسة " روسكي مير " في موسكو بتاريخ 3 /نوفمبر / 2024 ،و استمعت له شخصيا ، بأن زيلينسكي أضاع كل فرص السلام مع روسيا في الأعوام ( 2014 / 2015 / 2022 ) عبر انقلاب " كييف " ، و تدمير اتفاقية مينسك والتي اشتركت في صياغتها (روسيا إلى جانب أوكرانيا ،و بيلاروسيا ، و ألمانيا ، و فرنسا ) ، وبعثرة أوراق مفاوضات تركيا . وقبل ذلك لم ينجح زيلينسكي في التفاوض المباشر مع موسكو – بوتين ،و لم يبقى خلف ورقة التوت شيئا في السياسة يمكن المراهنة عليه للوصول لسلام يقبل به الطرفان المتحاربان أوكرانيا و التحالف الغربي مع روسيا .و خطة النصر الأوكرانية الغربية فشلت في مكانها ،و هي التي هدفت إلى استنزاف روسيا و ديمومة الحرب الأوكرانية – الروسية فقط . و ليس صدفة صدر كتابي " الحرب الروسية – الأوكرانية التي يراد لها أن تنتهي عام 2022 ) .
عامان على الحرب الأوكرانية التي اختارها زيلينسكي و الغرب بأنفسهم ، وخاصة بريطانيا – باريس جونسون و أمريكا – جو بايدن ،و قدموها على السلام ،و قابلتها روسيا خطوة بخطوة ، فردت على انقلاب " كييف " بضم إقليم القرم الروسي الأصل،و هي التي منحت أوكرانيا استقلالها عام 1991 لتبقى في الصف الروسي و السوفيتي السابق و حسب اتفاقية إنهيار الاتحاد السوفيتي التي تنص على عدم وجوب الخروج عن الحياد و الذهاب لعقد لتحالفات سياسية و عسكرية معادية ،و هو الذي فعلته أوكرانيا – زيلينسكي بتوجهها التدريجي للتحالف مع الغرب ومع حلف الناتو تحديدا المعادي لروسيا العظمى . وارتكزت روسيا الأكثر تمسكا بالقانون الدولي على خارطة العالم على مادة ميثاق الأمم المتحدة رقم 751 التي توجب الدولة المعتدى على سيادتها مثل روسيا الدفاع عن النفس ، و لم تحسن " كييف " و لاحتى دول الغرب و " الناتو " تقدير قوة روسيا التقليدية المتفوقة و غير التقليدية النووية العسكرية الثقيلة التي تحتل وسطها الرقم 1 عالميا . وقابل هذه المعادلة اتهامات لروسيا من قبل نظام أوكرانيا السياسي المرتبط بالتيار البنديري المتطرف القادمة جذوره من أتون الجناح الهتلري في الحرب العالمية الثانية ، ومع الغرب الأمريكي ، بالارهاب و الاحتلال . ولقد بان الخيط الأبيض من الأسود و اكتشفت روسيا المؤامرة الغربية – البريطانية – الأمريكية اللوجستية عبر العاصمة " كييف " في مهدها إبان انقلاب " كييف " ، ومن خلال نشر المراكز البيولوجية ( كوفيد 19 ) وسط المناطق السلافية ، و انتاج أكثر من قنبلة نووية ، ومحاولة ادخال " الناتو " لداخل أوكرانيا ، و استهداف الصحفيين الروس في ميادين القتال ، و التطاول على خط الغاز " نورد ستريم 2 " ، و جسر القرم ، و اللغة الروسية ، و الدين المسيحي الأرثوذكسي المشترك ، و النخر في المكون الاجتماعي الأوكراني – الروسي الشقيق و المتشابك وحتى عبر الحدود ، وقصف المدن و القرى الحدودية الروسية ، و العمق الروسي بالمسيرات و الصواريخ الغربية الصنع .
لم تختار موسكو خيار الأبقاء على فيكتور يونوكوفيج الرئيس الأوكراني المخلوع بعد انقلاب " كييف " ليبقى في مكانه ،و هكذا اختارت طريقا لبشار الأسد في سوريا ،وقبل تحريك عمليتها العسكرية الخاصة الإستباقية التحريرية الدفاعية بتاريخ 24 / شباط 2022 ،حركت صناديق الأقتراع في شرق أوكرانيا الرافض لنظام " كييف " السياسي ،وهي التي صوتت لصالح الأنضمام ليس لغرب أوكرانيا و سياسية الغرب ، و إنما لروسيا التي حمتهم و حررت مجموعة من الأقاليم بالحماية العسكرية أيضا ( القرم ، و لوغانسك و دونيتسك " الدونباس ، و زاباروجا و خيرسون ) ، و العين الروسية السياسية و العسكرية تصبوا للوصول لخاركوف و أوديسا حتى نهر الدنيبر ،و تقدم عسكري روسي تجاه منطقة " بوكروفسك " مخزن الفحم ،بإتجاه مدينة " تشاسيف يار على المرتفعات ، و هو الأمر الذي لم يعد غريبا على الرئيس الأمريكي دونالد ترمب ، المتفهم لطبيعة الصراع الروسي – الأوكراني ، وهو العارف بروسيا من الداخل أكثر بكثير من معرفة الرئيس الأمريكي الذي يستعد لمغادرة البيت الأبيض جو – بايدن من الخارج ،وهو من عارض للتو استخدام صواريخ غربية لضرب العمق الروسي ،و سبق لترمب أن عمل في موسكو بصفة رجل أعمال ثري ،و زارها بين عامي 1987 و 2013 ،ووجهت أمريكا سابقا لروسيا اتهامات بإدخاله سلك العمالة و التدخل في الانتخابات الأمريكية عام 2020 ، وهو الذي لم يثبت ،و تحول إلى سراب .
و ترمب وصف زيلينسكي بتاجر " الشنطة " ، و المندوب ، جامع المال الأسود و السلاح ، ووعد بوقف الدعم للعاصمة " كييف " و و بتوجيه زيلينسكي لمفاوضات مع روسيا المنتصرة على الأرض ،و القبول بشروط روسيا بشأن الحدود ، و الحيادية ، و الابتعاد عن صولات المراهقة السياسية الخاصة بالناتو .ولم يتمكن زيلينسكي و نظامه البنديري المتطرف ، ومع الغرب ، وحلف " الناتو " من زحزحة روسيا إلى الخلف في ميادين القتال سينتيميترا واحد إلى الخلف ، و الهجمتين المضادتين ومنها في ( كورسك ) باءت بالفشل ، و ردت روسيا بقسوة على الهجمة الصاروخية بعيدة المدى و بالسلاح الغربي الذي طال العمق الروسي المحادد و الحدود مع بيلاروسيا بتوجيه صاروخ باليستي دخل الخدمة العسكرية الروسية حديثا ، وهو من نوع " أريشنيك " المدمر الفتاك ، في إشارة للغرب بأن روسيا جاهزة عسكريا ،و تتعامل مع الموضوع الأوكراني بالتدريج ، و تتمنى أن لا يجرب الغرب قوتها حتى لا تصل الأمور لمرحلة الردع النووي المدمر للحضارات و البشرية في زمن تقود فيه روسيا توجه عالم متعدد الأقطاب مناهض لمسيرة احادية القطب .
في العرف السياسي و الدبلوماسي الأمريكي ،لازال جو – بايدن حاكما في البيت الأبيض وواشنطن حتى قبل تنصيب دونالد ترمب بثواني 20 / يناير / 2025 ، ولازال وزير خارجيته أنتوني بلينكين يجوب العالم و الشرق الأوسط باحثا عن السلام و تحت علامات استفهام كبيرة ،و لازال فلاديمير زيلينسكي يراهن على بايدن و يلهث خلف ترمب لأنقاذ نظامه المرشح للإنهيار على غرار نظام يونوكوفيج 2014 ،ولو بقي زيلينسكي فنانا كوميديا ،ولو لم يسمح للتيار البنديري المتطرف معاداة روسيا ، لبقيت بلاده أوكرانيا موحدة تنعم بإستقلالها عن الاتحاد السوفيتي عام 1991. و مراهنة زيلينسكي على قوة الغرب العسكرية لمواجهة روسيا جارة التاريخ فشلت في مكانها أيضا ،ومن لا يعرف روسيا يجهلها حقيقة – جبروتا ،و اقتصادا على مستوى أسيا ،و قوة نار عسكرية عملاقة ،و علاقات دولية ضخمة مع شرق و جنوب العالم، وفي الفضاء .